Advertise here

الخلاص بمخلّص من طينة كمال جنبلاط

04 كانون الأول 2022 22:55:00 - آخر تحديث: 04 كانون الأول 2022 23:05:54

في ذكرى كمال جنبلاط، بديهي الحديث عمّا كان عليه من خامةٍ وقامةٍ في العقل والفكر لا حدود لهما، وعن عمق عبقريته وأخلاقه  وإنسانيّته غير المحدودة، وهو الطامح للوصول إلى الحقيقة المطلقة والصفاء الكامل الذي يجعل كل الأفراد على كل بقاع الأرض متساوين في النبل الإنساني، ليعمّ الكمال الحقيقي الكون أجمع.


لكنني اليوم أكتب عن حالنا المتهالكة في القعر اللّا- متناهي البعيد جداً عن الإنسان الذي تكلمتَ عنه، وعن سلوكه وتربيته وعلاقته، وحياته الاجتماعية التى أصبحت اليوم في الدِرك الأسفل الذي لا تراه العين المجرّدة، لأنّ مسار الحياة في مجتمعنا تخلّف ثقافياً،  واجتماعياً، وحياتياً، وفكرياً، وهذا ما ينعكس حتماً على وطننا، أو بلدنا، أو تجمُّعنا - سمّه ما شئت، حسب الأفكار والمعتقدات التى تنشأ عنها التجمعات البشرية والاجتماعية - لأنّ كل شيء تغيّر بالمفهوم السائد للحياة السياسية، والاجتماعية، والفكرية، والأخلاقية، في وطنٍ ليس فيه أدنى مقوّمات الحياة الكريمة، لأنّ البناء كان مزعزَعاً، والقيَم بُنيت على باطل. إذاً، من الطبيعي أن نحصد هذه المعاناة في النظام، والوطن، والمجتمع الذي حاولتَ أن تبنيه أيّها المعلّم، لكنّه تلاشى واندثر.

أمّا النظام السياسي الذي حاولتَ أن تصحّح مساره لتجعل له قيمة، وبُعداً إنسانيين، فقد ازداد تقوقعاً، وتعصباً طائفياً، ومذهبياً، وعشائرياً. والعلاقات بين الناس أصبحت مادية بامتياز، والجشع والطمع لا حدود لهما، والاحترام بات غبّ الطلب ولمصلحة آنية، والوطن مفكّك مشرذم، والمجتمع من هذا الوطن.

معلّمي هذا وضعنا الذي لا نُحسد عليه والخلاص بعيد المنال. معلّمي شاء القدر أن يغيّبك في لحظةٍ زمنية، ولعلّه لا يريدك أن تكون شاهداً على هذا الانحدار الهابط بسرعةٍ جنونية، ولا يسعفه إلّا مخلّصٌ من طينة النبلاء والعقلاء من طينة كمال جنبلاط ومن مدرسته، وهم موجودون وعليهم يبقى الاتّكال.