المأزق الرئاسي والأفق المسدود!

03 كانون الأول 2022 06:59:56 - آخر تحديث: 03 كانون الأول 2022 08:02:39

المكان: مجلس النواب، ساحة النجمة، وسط بيروت.

الزمان: الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر كل خميس.

الموضوع: إنتخاب رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة.

المشاركون: نواب الأمة.

ليست الفصول المسرحيّة المملّة التي تتكرّر كل أسبوع سوى أحد أشكال التدمير المنهجي للدستور وأحكامه ولما تبقى من الديموقراطيّة اللبنانيّة المعطلة والمتعثرة منذ زمن ابتداع الأعراف الجديدة وتحويل بعض القوى حقها في المشاركة إلى "حق" في التعطيل.

حبذا لو كانت الديموقراطيّة اللبنانيّة تماثل "نظيراتها" من الديموقراطيّات الفاعلة حيث احترام المهل الدستوريّة يعلو فوق كل اعتبار، وحيث فصل السلطات وتعاونها وتوازنها لا يُشار إليه في الكتب والدساتير فقط، وحيث الممارسة الأخلاقيّة للسياسة تسبق الممارسة الفعليّة.

لكن، الوضع في لبنان ليس كذلك. ومع ذلك، على اللبنانيين التمسك بهذه الديموقراطيّة، على هشاشتها، والبحث الجدي في سبل تطويرها وصيانتها وتحصينها إزاء الممارسات الشاذة التي تسعى الى الإطاحة بكل مرتكزاتها، وإزاء المحاولات المستمرة لالباسها الأثواب التي لا تتناسب مع موقع لبنان وتاريخه ودوره ورسالته.

الواقع اليوم أن ثمّة تركيبة قائمة في المجلس النيابي الذي انتخبه اللبنانيون منذ أشهر معدودة وترتكز على موازين قوى واضح: لا أكثريّة حاسمة فيها قادرة على إنتخاب الرئيس بالتوازي مع أقليّات قادرة بتحالفها على أن تعطّل الانتخاب وهذا ما يجري راهناً. أما الكتل "الضائعة" بين هذا وذاك، فتواصل سياساتها "الاستعراضيّة" من خلال الاقتراع من خارج السياق السياسي والمكان والزمان.

أمام هذا الواقع المرير، لا مفر من حوار ما بطريقة ما يمكن من خلاله النفاذ نحو حل يتيح الخروج من عنق الزجاجة ويسمح بانتخاب رئيس جديد للجمهوريّة وتقصير أمد الشغور الرئاسي رحمة بالبلاد والعباد ومن دون المزيد من المراوحة والابطاء والتسويف. البديل الوحيد للحوار في هذه اللحظة السياسيّة يعني الاستمرار في الدوران في الحلقة المفرغة.

صحيحٌ أن العديد من الأطراف قد تعتبر الحوار بمثابة هرطقة دستوريّة أو سياسيّة، وصحيح أنها قد ترى في ذلك تجاوزات واضحة للأسس الديموقراطيّة، ولكنه يبدو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة في هذا التوقيت الصعب والحساس والدقيق.

الحوار قد يتيح المخارج السياسيّة المطلوبة (وقد لا يتيحها)، ولكن الأكيد أنه في غيابه لن تلوح أية حلول منطقيّة في الأفق. هذا هو لبنان!