مع بدء استيفاء الرسوم الجمركية على سعر خمسة عشر ألفا للدولار الأميركي والتداعيات المرتقبة في ظل تخوف من فلتان الأسعار بغياب الرقابة الفعلية وضبط الأسواق، أتت خطوة تعاونية موظفي الدولة بزيادة التقديمات عشرة أضعاف عما كانت عليه لتعطي أملا بمؤسسات الدولة عندما تتوفر الارادة والنزاهة والشفافية. فزيادة تقديمات التعاونية تركت ارتياحا لدى موظفي القطاع العام المنهكين بفعل تدني قيمة رواتبهم وعززت لديهم عامل الإطمئنان فيما العين بعد هذا القرار على باقي الجهات الضامنة لاسيما الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي ليحذو حذو تعاونية الموظفين.
اما في السياسة فلا شيء بعد يعطي الامل بقرب خروج البلد من قعر الأزمة مع استمرار تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية. إذ تكرر المشهد نفسه في الجلسة النيابية الثامنة التي انعقدت أمس لانتخاب رئيس. وبعد تطيير النصاب القانوني كما درجت العادة رفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة الى الخميس المقبل 8 كانون الأول الحالي.
مصادر سياسية وصفت جلسات الانتخاب رئيس الجمهورية بالمهزلة، وسألت عبر "الانباء" الالكترونية "بأي حق يتم التعاطي مع الاستحقاق الرئاسي بهذه الخفة وكأن البلد في أحلى أيامه؟".
النائب سجيع عطية الذي لوّح باسم تكتل الاعتدال الوطني بمقاطعة جلسات الانتخاب اذا استمرت الامور على هذا النحو، لفت في حديث مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى أن "موضوع المقاطعة قيد البحث داخل التكتل، وهناك نقاش جدي بيننا كنواب لأننا لا نستطيع ان نستمر بهذه الدوامة"، التي وصفها "بالمسرحية المملة. لذلك يجب أن نفعل شيئا"، مضيفا أن "التكتل على تواصل مع باقي الكتل النيابية لاتخاذ الموقف المناسب، وما إذا كان هناك إمكانية للاتفاق حول شخصية معينة تتوفر فيها مواصفات الشخص المطلوب".
وحول امكانية قيام رئيس مجلس النواب نبيه بري بمبادرة جديدة بهذا الخصوص، أشار عطية إلى أن "بري يجري اتصالات مع كافة القوى السياسية بعيدا عن الإعلام. فلا يمكن بقاء الوضع على ما هو عليه وكل فريق متمترس بمكان معين"، مشددا على الاستمرار بالضغط على كل القوى السياسي.
من جهته أوضح عضو تكتل الجمهورية القوية النائب نزيه متى لـ "الأنباء" الإلكترونية انه "من المفترض ان نتصرف كتكتل جمهورية قوية ضمن الاصول لنرى ما إذا كان لدى نواب 8 آذار حس وطني لتغيير هذه الصورة بعد ان سئم منها الناس لدرجة اليأس"، مقللا في الوقت نفسه من احتمال حصول أي تغيير، وأضاف: "أمنيتنا حصول حوار جدي بهذا الشأن، ونحن قلنا لماذا لا يحصل حوار جدي تحت قبة البرلمان، مع الاشارة الى اننا لا نريد توافق على رئيس جمهورية كما في السابق، بل نريد التوافق على الهدف اولا وبعدها يصبح الاسم نتيجة، لأن ثوابت اللبنانيين تتركز على الكيان وعلى السيادة والجيش. فمن غير المعقول فتح حوار على قاعدة هذا طويل وذاك قصير".
وحول كلام النائب انطوان حبشي في المجلس النيابي ورميه الكرة في ملعب الرئيس بري، قال متى انه "كلام نابع من القلب ومداخلته لها طابع وطني صرف. فالرئيس بري يرصد تحركات كل النواب لدرجة تجعله يحصي انفاسهم فكيف يقبل اثناء جلسة انتخاب رئيس للجمهورية ان يقترع 30 نائبا من ثنائي أمل وحزب الله ثم يخرجوا من القاعة قبل عد الأصوات والتصويت للورقة البيضاء، فأين حس المسؤولية؟"، وسأل متى "هل البلد بألف خير للتصرف بهذه الطريقة؟".
حكوميا وبشأن نية الرئيس نجيب ميقاتي دعوة الحكومة الى الانعقاد، اعتبر النائب عطية أن هناك صعوبة في عقد جلسة لمجلس الوزراء "مع العلم ان هناك مواضيع ملحة كالملف الصحي، وهذا وضع استثنائي يتطلب عقد جلسة، وقد سبق لرئيس حكومة تصريف الأعمال "الخيرية" نجيب ميقاتي أن أعلن انه لن يدعو لعقد جلسة لمجلس الوزراء إلا بعد استشارة الوزراء"، متوقعا "ليونة من التيار الوطني الحر لأنه لا يمكنه الوقوف بمواجهة المواطنين فهناك ضغط شعبي يجعله يتراجع عن موقفه الرافض لاجتماع مجلس الوزراء".
من ناحيته أشار متى إلى أن تكتل الجمهورية القوية يوافق على عقد جلسة لمجلس الوزراء في حالات الضرورة القصوى، باعتبارها حكومة تصريف أعمال. وسأل في ضوء ذلك هل هناك ضرورة لعقد جلسة؟
عليه لا تبدو امور مجلس الوزراء بحال افضل من جلسات انتخاب رئيس للجمهورية، ويبقى الشلل سيد الموقف، هذا الشلل الذي حذر منه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في تصريحه لجريدة "الأنباء" الإلكترونية أول من أمس، داعيا إلى عدم التخلي عن الحوار لأنه السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة، والرهان يبقى على من يستجيب.