فاز فيلم "بِركة العروس" للمخرج اللبناني باسم بريش بثلاث جوائز خلال منافسته في مسابقة آفاق السينما العربية، ضمن فعاليات الدورة الـ44 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. والجوائز هي: جائزة صلاح أبو سيف (لجنة التحكيم الخاصة)، وأفضل أداء تمثيلي لكارول عبّود، بالإضافة إلى تنويه خاص من اللجنة المانحة لجائزة أفضل فيلم عربي.
يروي الفيلم محاولة امرأتين المحافظة على حياتهما والمفاوضة عليهما الواحدة ضد الأخرى، ويرسم معالم الصلة التي كانت تربطهما يوماً. الأمّ سلمى (كارول عبّود)، امرأة ستينية تجاوزت ماضيها وحَمَت استقلالها عبر تخلٍّ عن كل ما تعلَّقت به وهروبٍ أليم من روابطٍ كبّلتها، بما فيها رابط الأمومة بابنتها ثريّا (أميّة ملاعب). لكن الماضي لا يموت، كما يُقال، لم يشأ أن يتركها في عزلتها، فأعاد لها ثريّا، مهزومة ومُطلَّقة وحامل. تعاند المرأتان هذا اللقاء بينهما، قبل أن تكتشفا على مضض أن الخيبة المشتركة باتت هي الرابط الأخير بينهما.
تعيش سلمى منذ سنوات في قرية جبلية نائية. حياتها هادئة ومستقرة في ظاهرها ومستقلة وغير تقليدية في باطنها. لا ينقص سلمى شيء ولا تحتاج لأي شخص: تعيش سلاماً داخلياً. عودة ابنتها الحامل إليها يجرح فضاءها الروتيني ويطلق العنان لفوضى حيث تستحيل الحياة.
هذا كلّ ما يمكن قوله عن "حبكة" الفيلم. يختار بريش ألا يروي قصصاً. لا أحداث في الفيلم تقريباً، إلا تلك المتعلّقة بمهمّة صعبة تتشارك الأمّ وابنتها في إنجازها. غياب الحكي والحوار عن الفيلم ألقى على ممثلتيه الرئيسيتين مهمة أخرى صعبة لتظهير ما لا يمكن قوله. كارول عبّود، القديرة والخبيرة، تلتقي مع أمية ملاعب، البادئة في التمثيل، ليقدّما مباراة تمثيلية رافدة لمناخات بصرية وأمزجة ميلانكولية يداوم الفيلم على "مَسمرة" نفسه فيها.
وعن ذلك قال باسم بريش، إن تجسيد شخصية ترصد الوحدة وما تعانيه من آلام داخلية يستلزم على المخرج أن لا تقتصر الحالة على الممثل فقط بل ما يحيط به من ديكور وملابس وإضاءة ووضع الكاميرا نفسها، فكل هذه العناصر تصل إلى المشاهد بإحساس أكبر حتى من دون نطق أي جملة، "وهو ما لمسه بالفعل مع ردود فعل الحضور"، بحسبه، مضيفا أنه "أستطيع أن أقول إن الفيلم بلا حوار".
وأوضح بريش أن كتابته للفيلم استغرقت ما يقرب من العامين، بجوار سنوات طويلة حتى العثور على منتج تحمس للتجربة وللقصة لأن الأمر لم يكن سهلاً على الإطلاق.
وعن قدرته على العمل في ظل الأحداث التي يمر بها لبنان قال المخرج إنه بالفعل كانت هناك صعوبات مثل حريق مرفأ بيروت بجوار الأحداث غير المستقرة في لبنان بشكل عام، وانتشار فيروس كورونا، "لكن دائماً وأبداً سيظل لبنان وشعبه محباً للفن وساعياً إليه".
وحول طرحه لعمل نسائي بشكل كبير ورؤيته لكثرة هذا النوع من الأعمال التي تنصف النساء، قال إنه شيء جيد أن تكثر الأعمال التي تتحدث عن القضايا النسائية، فقد حصل الرجال على حقوقهم كثيراً.
وأنهى المخرج اللبناني كلامه بالحديث عن أعماله المقبلة موضحاً أنه كان ينتظر عرض فيلم "بركة العروس" ثم يواصل أعماله، ولديه فيلم جديد كمخرج وعمل آخر كمؤلف، وسيظهران قريباً إلى النور.
من ناحيتها قالت الممثلة اللبنانية، كارول عبود، في الندوة التي أقيمت عقب عرض الفيلم، إنها وافقت على المشاركة في العمل رغم شعورها بالخوف الشديد من الشخصية التي تقدمها لأنها صعبة، موضحةً أن المخرج ساعدها كثيراً للإلمام بتفاصيل الدور وتقديم شخصية الأم "سلمى".
أما المنتجة جنى وهبي فقالت إنه كانت هناك تحديات عديدة لخروج الفيلم إلى النور في ظل الأحداث التي مرّ بها لبنان، لكن إصرار الجميع على تقديم العمل كان دافعاً للاستمرار، مشددةً أن التحضيرات استمرت أربعة سنوات.