لم يكن أشد المتفائلين من انصار السعودية يثقون بقدرة منتخبهم على الخروج بنتيجة ايجابية أمام العملاق الارجنتيني ونجمه ليونيل ميسي الساعي الى احراز اللقب الوحيد الغائب عن خزائنه، لكن منتخب بلادهم تعملق كما لم يفعل من قبل ليقلب تخلفه إلى نصر مدو 2-1 في مونديال قطر 2022 في كرة القدم، سُمعت تردداته من ملعب لوسيل الى بوينوس ايرس.
وفجّرت السعودية بهذه النتيجة واحدة من أكبر المفاجآت في تاريخ نهائيات كأس العالم الى جانب فوز الولايات المتحدة على انكلترا 1-0 عام 1950، وكوريا الشمالية على ايطاليا 1-0 عام 1966، والجزائر على ألمانيا الغربية 2-1 في اسبانيا عام 1982.
لم يكن أي شيء يشير الى امكانية تحقيق السعودية هذا النصر، فهي واجهت منتخبا لم يخسر في آخر 36 مباراة منذ الثاني من تموز عام 2019 أمام البرازيلي بهدفين نظيفين.
كما ان السعودية كانت الطرف الأضعف في الشوط الاول الذي تسيّدته الارجنتين بالكامل وتقدمت بفضل هدف لميسي من ركلة جزاء بعد مرور 10 دقائق.
واستغلت الارجنتين في هذا الشوط الدفاع المتقدم للسعودية ونجحت في اختراقه مرات عدة وسجلت 3 أهداف لم تحتسب بداعي التسلل، ولو قُدّر لها ذلك لكنك النتيجة تغيّرت تماما.
هنا وقف الحظ الى جانب المنتخب السعودي ولخّص ذلك مدربها الفرنسي هيرفيه رونار هذا الامر بقوله "جميع النجوم في المساء ابتسمت لنا. كنا سيئين في الشوط الاول ولم نقم بالضغط كما يجب".
اعصار الدقائق الخمس
بيد ان الاعصار السعودي، ضرب بقوّة مطلع الشوط الثاني وتحديداً بين الدقيقتين 48 و53 حيث نجح صالح الشهري في ادراك التعادل، بعد ان تلقى كرة امامية وتوغل داخل المنطقة وسدد كرة زاحفة بيسراه على الرغم من تدخل كريستيان روميرو في اللحظة الاخيرة لتتابع طريقها الى الزاوية السفلى لمرمى اميليانو مارتينيس.
قال صاحب الهدف "كنا واثقين كثيراً بأنفسنا واثبتنا اننا على مستوى التحدي. كمهاجم، ترغب أن تسجل في كل مباراة. أي انسان اذا عمل على تحقيق هدفه لا يمكن لأي شيء أن يوقفه".
واضاف "نطمح بالوصول إلى دور الـ16، وهذه الخطوة الأولى. انبّه انه يبقى أمامنا خوض مباراتين. بعد هذا الفوز حرام ألا نتأهل".
ثم جاء دور الـ"تورنيدو" سالم الدوسري الذي قام بحركة فنية رائعة داخل المنطقة ليتخطى المدافعين ويطلق كرة قوية في الزاوية البعيدة للمرمى الارجنتيني.
قال المشجع السعودي أبو خالد (38 عاماً) "هذا الإعصار هذا. إحنا نسمّيه التورنيدو. اليوم عصفهم عصف".
كان لاعبو كتيبة المدرب هيرفيه رونار ابطالا في الدفاع عن هذا الفوز، ولم يبخلوا في بذل جهود جبارة من اجل المحافظة على تقدمهم امام منتخب يعرف من اين تؤكل الكتف.
كان حارس المرمى محمد العويس الذي اختير افضل لاعب في المباراة بعد تصديه لاكثر من كرة خطرة، في قمة عطائه، في حين استبسل المدافعون وقاموا بعملهم على اكمل وجه، وتألق محمد كنو في وسط الملعب وحجب الضوء عن اترابه في الفريق المنافس كلياندرو باريديس ورودريغو دي بول ليخرجوا بفوز مستحق لا غبار عليه على الاطلاق.
وحيا مدافع المنتخب عبد الاله المالكي زملاءه ووصفهم بالـ"الوحوش، الرجال، الأبطال، كل الكلمات للفريق كله وليس للاعب أو لاعبين، للستاف (الطاقم)، الاداريين، الجمهور... كل شيء كان مُحَفِّزاً من أجل الفوز. تبقى لنا مباراتان نهائيتان سنلعبهما بشكل أقوى من هذه. كنا في الموعد. لدينا مدرب مجنون حفّزنا بين الشوطين وقال لنا كلمات جعلتنا نرغب بأكل العشب (اندفاعاً)".
لكن المنتخب السعودي دفع ثمن هذا الفوز باصابة قائده سلمان الفرج الذي خرج في نهاية الشوط الاول واعترف مدربه رونار بأنه "سيكون من الصعب على سلمان ان يخوض مباراة اخرى في البطولة"، كما اصيب الظهير الايسر ياسر الشهراني اثر ارتطامه بالعويس ولم يكمل المباراة.
هذا حلم"
واجمع انصار المنتخب السعودي بأن ما تحقق هو بمثابة الحلم وقال حسين ابو تاكي "هذه نتيجة تاريخية. كنّا آتين نطمح بتقديم مستوى جيد من المنتخب، ربما تعادل. لكن هذا الفوز غير متوقع، بيّضها الأخضر. بيّضوها الشباب".
اما مواطنه الذي عرّف عن نفسه باسم أبو خالد (38 عاما خانته دموعه خلال الحديث عن هذا الانجاز وقال هذا الموظّف الحكومي "أبكي من الفرحة لأن فرحي كبير لا يوصف. لا أصدّق ما أراه. كنت أتوقع أداء جميلاً ولكن ليس فوز على الأرجنتين. هذا حلم".
وساهم الفوز التاريخي بمنع السعودية ايضا الارجنتين من معادلة الرقم القياسي في عدد المباريات من دون خسارة حيث توقف رصيد "ألبيسيلستي" عند 36 مباراة، علما بانها كانت ستعادل الرقم القياسي المسجل باسم ايطاليا لو تحاشت الخسارة في مباراة اليوم، لكن عدادها توقف عند 25 انتاصار مقابل 11 تعادلا.
ودخلت الارجنتين البطولة وهي من ابرز المرشحين لاحراز اللقب بقيادة نجمها ليونيل ميسي، أفضل لاعب في العالم 7 مرات، الذي يخوض على الارجح اخر مشاركة له في النهائيات بعم خمس مشاركات فيها.
"ضربة قاسية"
واعترف ميسي أن الخسارة، تشكل "ضربة قاسية" و"هزيمة مؤلمة" وفق تصريحاته في المنطقة المختلطة لاستاد لوسيل.
وتابع "لم نعتقد أننا سنبدأ على هذا النحو. اعتقدنا أننا سنبدأ بشكل جيد، بثلاث نقاط، كما قلنا قبل المباراة. وتابع "كان ذلك (الفوز) سيجعلنا أكثر راحة".
"واضاف "لكن يجب ألا نفقد الثقة بأنفسنا. هذه المجموعة (من اللاعبين) لن تستسلم. سنحاول الفوز على المكسيك" السبت في المباراة الثانية لبلاده.
اما مدرب الارجنتيني ليونيل سكالوني فشدد أن الأهم الآن هو "النهوض، أن نواجه المكسيك. إنهم خصم صعب، كما حال جميع الفرق المشاركة في كأس العالم. الآن، علينا الفوز بمباراتين لمواصلة مشوارنا".