Advertise here

شجب تصويت خارجية لبنان المضاد لاحتجاجات إيران

21 تشرين الثاني 2022 07:15:00

"الثورة أنثى" انطلاقاً من الاحتجاجات الايرانية التي تذكّر مراقبين محليين بمرحلة انتفاضة لبنان في 17 تشرين الأول 2019، رغم أن أصوات المتظاهرين والمتظاهرات المطالبة بالحرية في طهران لا تتردّد أصداؤها دعماً معنوياً في أروقة بيروت. ولا تزال أسماء المنتفضات الايرانيات المقيمات والمنفيات وشعاراتهنّ بعيدة عن المسامع اللبنانية، بدءاً من النجمة السينمائية ترانه عليدوستي التي أكدت البقاء في بلدها وشعارها "امرأة حياة حرية"، وفائزة رفسنجاني المدافعة عن حقوق النساء، ومسيح علي نجاد الصحافية الحائزة على جائزة الأمم المتحدة بمجال حقوق الإنسان، وشيما بابائي الناشطة السياسية المدنية الداعمة للتظاهرات، ولادان بوروماند المنفيّة المساهمة في تأسيس "مركز عبدالرحمن بوروماند" للدفاع عن حقوق الإنسان، ورويا بيري الداعمة لحرية شعبها من خارج وطنها. بقي خزامى الثائرات بعيداً عن نسيم بيروت... وعلى العكس، صوّتت وزارة الخارجية اللبنانية قبل أيام ضدّ مشروع القرار الذي صادقت عليه اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن حقوق الانسان في إيران يتّهم السلطات الايرانية بالتمييز ضد الأقليات.

وبرز جليّاً انتقاد "المجلس الوطني لرفع الاحتلال الايراني عن لبنان" خطوة وزارة الخارجية غير المتضامنة مع معاناة المتظاهرين الإيرانيين، بل المتخطية أيضاً شعار "النأي بالنفس" كحدٍّ أدنى أقلّه. وينتقد "المجلس الوطني" غياب التضامن اللبناني مع المتظاهرين الايرانيين على المستوى الاجتماعي والرسمي، بعدما ناضل لبنان لتحرير أرضه وتحقيق استقلاله فتظاهر اللبنانيون في الساحات وأخرجوا الجيش السوري عام 2005. ويشار إلى أن مجموعة من "المجلس الوطني" كانت طالبت بالتظاهر التضامني أمام السفارة الايرانية وكذلك سُمعت نداءات للاعتصام أمام مجلس النواب، لكن المعطيات تشير إلى أن المداولات في خطوات مماثلة جمّدت للبحث في مراحل تحضيرية والتشاور التنسيقي مع الحلفاء من الكتل والقوى السيادية ومناقشة كيفية إمكان إنضاج هذا المعطى الذي يحتاج تنظيماً.

ماذا يعني موقف وزارة خارجية لبنان المضاد لمشروع قرار هادف إلى حماية حقوق الإنسان؟ يأسف رئيس "المجلس الوطني لرفع الاحتلال الايراني عن لبنان" فارس سعيد لـ"النهار" أن يكون لبنان عضواُ في لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة وواضع النص التأسيسي لها عام 1948 وأنّ لبنان نفسه الذي تبدّل اليوم ذاهب للتصويت مع إيران دون أن يرى الخشونة التي يتعامل بها النظام مع المتظاهرين. ولا يكفي أن المجتمع السياسي والاعلامي والمدني في لبنان غير متضامن مع ثورة إيران، فإن لبنان الرسمي غير متضامن أيضاً. ويعني ذلك أن القرار اللبناني غير مستقل بل تحت هيبة سلاح حزب الله"، مشيراً الى أن "وزير الخارجية والحكومة مجتمعة لا يجرأون أن يصوتوا بشكل يزعج "الحزب". وما يجري احتلال للارادة الوطنية عندما لا يتجرأ لبنان أن يصوّت كما العالم كلّه في اليوم 68 من ثورة إيران بهدف إدانة استخدام العنف بوجه المتظاهرين". 

ويؤكد سعيد أن "التصدي يكون من خلال استكمال الكلام عن الاحتلال والاضاءة على محاولة تثبيت هذا الاحتلال، بدليل أكبر ليس تصويت الأمم للمتحدة فحسب بل ما يجري في مجلس النواب حيث أن إيران لم تحصل حتى اللحظة على مكافأة أو ثمن للإفراج عن انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية بعدما جمعت أوراقاً في المنطقة وتحاول بيعها كما باعت ورقة ترسيم الحدود مع اسرائيل. وتالياً، لا انتخاب رئيس لأن إيران لا تسمح بذلك اذا لم تحصل على ثمن تريده من الولايات المتحدة؛ أهذا ليس احتلالاً إيرانياً؟"، مضيفاً أن "الشريحة النيابية المواجهة لـ"حزب الله" في البرلمان اللبناني لم تتحدث عن السلاح بعد الانتخابات؛ ولماذا عدم الاستمرار في طلب مناقشة نصّ اتفاق ترسيم الحدود البحرية داخل المجلس النيابي؟ ولماذا لم يستجب رئيس مجلس النواب؟ وهل يمكن أن يحصل الاتفاق دون أن يمرّ في المجلس؟ أهذا ليس احتلالاً؟ وهناك مناسبة كبيرة بعد الترسيم لطرح جدوى بقاء سلاح "حزب الله" بعدما أبرم "الحزب" اتفاق سلام اقتصادياً مع اسرائيل". 

بدوره، يرى الأمين العام لـ"المجلس الوطني" مصطفى علوش لـ"النهار" أن "تصويت لبنان لمصلحة النظام الإيراني يؤكد أن البلد الواقع تحت الاحتلال يفقد قدرته التعبيرية عن موقف في المسائل الأخلاقية، في وقت يعتبر ما يحصل في إيران من قمع للتظاهرات بمثابة انتهاك واضح لحقوق الإنسان. ويشير ذلك إلى أن البلاد التي يُنظَّم فيها انتخابات نيابية وتعاني من حال احتلال، سيعطَّل فيها المجلس النيابي  ويمنع خلالها انتخاب رئيس للجمهورية بما يشبه الوضع اللبناني الذي تسيطر عليه اليد الإيرانية"، لافتاً إلى أن "جزءاً من الشعب الذي يعمل على إيصال نواب "حزب الله" يصدّق الرواية الايرانية القائلة إن ما يحصل من احتجاجات يشكّل لعبة لضرب طهران، في وقت تدرك دول العالم على تنوّعها بأن لبنان واقع تحت الاحتلال الايراني باستثناء االدولة اللبنانية وحدها التي لا تعترف بهذه الحقيقة. وأعتقد أن المجتمع الدولي ليس بعيداً عن معرفة بأن لبنان فاقد لمشروعيته وقراره".

ويشكّك علوش في "القدرة على تحقيق موازين قوة داخلية في مواجهة "حزب الله" حتى وإن ارتفع عدد النواب المناهضين له، باعتباره قوّة عسكرية تختلف رؤيتها على المستويات الأمنية والسياسية عن الأحزاب الأخرى وهو قادر على تخطّي الاعتبارات الدستورية"، مضيفاً أن "المشكلة الأساسية تكمن في السلطة السياسية المرتهنة للقرار الايراني والمطلوب طرح مسألة سلاح "حزب الله" في مجلس النواب ورئاسة جمهورية ملتزمة بالدستور اللبناني والشرعيتين العربية والدولية".