لم يعد خافياً على أحد أن نسبة التلوث في لبنان باتت مرتفعة جداً على جميع الأصعدة. وباتت المشكلة البيئية في طليعة المشاكل التي يواجهها لبنان، فالتراخي في اتخاذ التدابير الضرورية أدى إلى تدهور بيئي هائل على مختلف المستويات، ومنها "تلوث التربة". وتلعب التربة دوراً هاماً في نمو النباتات وحياتها، وتعد الأساس الذي تقوم عليه عمليات الإنتاج الزراعي والحياة الحيوانية، كما تحوي التربة على كثير من الكائنات الحية الدقيقة. فماذا يعني تلوث التربة؟
شرح رئيس حزب "البيئة العالمي" والخبير البيئي البروفيسور ضومط كامل تلوّث التربة قائلاً: "إن تلوث التربة يعني دخول مواد غريبة في التربة أو زيادة في تركيز إحدى مكوناتها الطبيعية، الأمر الذي يؤدي إلى تغير في التركيب الكيميائي والفيزيائي للتربة، وهذه المواد يطلق عليها ملوثات التربة وقد تكون مبيدات أو أسمدة كيميائية أو أمطار حمضية أو نفايات مختلفة الأنواع".
كما يُعدّ تلوث التربة سبباً في حدوث اضطرابات ضخمة في التوازن البيئي، مما يعرض صحة الكائنات الحية جميعها للخطر.
العوامل والاسباب
يعتبر تلوث التربة الزراعية من أخطر أنواع التلوث في العموم، إليكم أبرز أسباب حدوثه:
- العوامل الحيوية: تصل هذه العوامل إلى التربة وتلوثها عن طريق تسرب السماد، والفضلات البشرية والحيوانية إلى التربة.
- الأنشطة الزراعية: تؤدي المواد المُستخدَمة في الزراعة، كالمبيدات الحشرية، ومبيدات الأعشاب الضارة، والأسمدة، وغيرها إلى تلويث تربة المحاصيل الزراعية.
- الملوثات الإشعاعيّة: يؤدي تسرب الملوثات المشعّة، كالراديوم، والثوريوم، واليورانيوم، والنيتروجين، وغيرها إلى التربة إلى جعلها تربة سامة وغير صالحة للاستخدام.
- النفايات الحضرية: هي المواد الناتجة عن القمامة، والمخلفات الجافة الناتجة عن معالجة مياه الصرف الصحي ومياه الشرب، ومياه الصرف الصحّي الناتجة عن الفضلات المنزلية والتجارية.
- مخلّفات المصانع: هي المخلفات الناتجة عن صناعة الفولاذ، والمبيدات الحشرية، والمنسوجات، والأدوية، والزجاج، والإسمنت، والبترول، وغيرها.
- الأمطار الكيميائية جرّاء الوقود الأحفوري.
الآثار المدمرة
إنّ لتلوث التربة آثارا مدمّرة على صحة الكائنات الحيّة والنباتات، إليكم أبرزها:
- فقدان التنوع البيولوجي: يؤثّر تلوث التربة على التنوع البيولوجي وبالتالي يؤدي إلى فقدان الكربون في التربة وإلى تقليل ثبات مجاميع التربة، مما يزيد من قابلية التربة للتآكل وسرعة تآكلها. ولا يؤثر تلوث التربة على إنتاج الأغذية فحسب، بل يؤثر أيضا على نوعية المياه الجوفية ويعرض خدمات النظم الإيكولوجية التي توفرها التربة للخطر.
- عدم نمو المحاصيل الزراعية في التربة الملوثة: فالنباتات تمتصّ المواد الكيماوية، ما يعني حدوث مشكلات للمحاصيل الزراعية حيث تتعرض للتلف.
- إلحاق الضرر بصحة الإنسان: ويؤدي تلوث التربة إلى تلوث المحاصيل الزراعية، الأمر الذي يؤدي إلى الإضرار بصحة الإنسان الذي يتغذى عليها مباشرة، وعن طريق انتقال الملوثات إلى المنتجات الحيوانية كالحليب والبيض واللحم. ومصادر تلوث التربة عديدة منها الغلاف الجوي والغلاف المائي والغلاف الحيوي بما في ذلك الإنسان وأنشطته.
الحلول
ما الحلّ؟ بحسب الخبير البيئي، يجب اتّخاذ سلسلة من الإجراءات الملحّة والطارئة لإنقاذ التربة والحدّ من تفاقم آثارها السلبية:
- أولاً: التخفيف من استخدام الكيماويات الزراعية كاستخدام الأسمدة، والمبيدات الكيميائية واستبدالها بالأسمدة والمبيدات الحيوية.
- ثانياً: إعادة استخدام بعض المواد: كالأواني الزجاجية، والأكياس البلاستيكية، والورق، والملابس عوضاً عن التخلص منها، والذي يؤدي إلى التقليل من التلوث بالنفايات الصلبة.
- ثالثاً: إعتماد المعالجة الميكروبية، التي تُعدّ أكثر الطرق الفعالية بسبب قدرتها على التعامل مع أغلب الملوثات العضوية، مثل: الفينول، والهيدروكربونات متعددة الكلور، والنفط ومنتجاته، والديوكسينات، حيث يتمّ حفر حفرة في التربة، ووضع الميكروبيات فوقها باستخدام العديد من التقنيات كالتسميد، أو الحراثة، وغيرها.
- إعادة التشجيرالذي يساهم في الحد من خسارة الأراضي، وتقليل تعرية التربة، وزيادة خصوبتها، وذلك من خلال زراعة النباتات، مناوبة المحاصيل، أو زرع أكثر من محصول بنفس المكان في نفس الوقت.
كما شدّد كامل على معالجة النفايات الصلبة، ويتمّ ذلك باستخدام طرق مادية، أو كيميائية، أو بيولوجية، بحيث تصبح أقل خطورة على التربة، وذلك من خلال دفن النفايات في المناطق البعيدة عن الأحياء السكنية. ودقّ ناقوس الخطر، لافتاً إلى أن التربة في لبنان تتدهور يوماً بعد يوم، وناشد الجهات المعنية التحرّك في أسرع وقت لإنقاذ تربتنا قبل أن تتلوث بالكامل.