Advertise here

حزام الفقر يحاصر حزام الأمان.. الباص المدرسي دراجة ناريّة!

15 تشرين الثاني 2022 04:25:33 - آخر تحديث: 15 تشرين الثاني 2022 13:13:38

لبنان بلد لا يعجز مواطنوه عن ابتداع أساليب مبتكرة، يتحايلون فيها على الواقع الذي يغرقهم همّا فوق همّ، فيصيبون مرة ويُصابون مرات كثيرة.

شكل حزام الأمان، في بلد يغيب الأمن والامان عن جميع مكوناته، ضرورة والزامية فرضته القوى الأمنية في وقت سابق على سائقي السيارات ومستقليها ايضا، في خطوة أريد منها تخفيف تداعيات وإصابات الحوادث، وحرصا على الصحة العامة.

اللبناني بطبعه الرافض، والمستهزئ أحيانا بهذه القوانين، وهربا من الضبوطات التي عمدت قوى الامن لتحريرها بالمخالفين سابقا، ابتدع طرقا كثيرة، منها سحب الحزام ليكون شكلا فقط دون إغلاقه جيدا في مكانه المخصص واعتماد تسكيره إذا قابل دورية لقوى الامن ليس إلا.. غير انه وبعد تفاقم الأوضاع الاقتصادية سوءا، توقفت قوى الامن عن التشدد في موضوع الحزام، فعاد الكل دون اكتراث لاهماله.

فاهمل هذا الأمر في السيارات والحافلات، لا سيما تلك الناقلة للركاب ومنهم الطلاب المتوجهون إلى مدارسهم وجامعاتهم.

ميكانيك السيارات

يشكل ميكانيك السيارات امرا مهما، كذلك ويؤثر في السلامة العامة، لا سيما إذا كانت الحافلة او السيارة غير صالحة للسير، فتعرض من يقودها وغيره من الاشخاص او السيارات التي يصادفها لخطر كبير. 

فكثيرا ما تصادف وسائل نقل اعتمد فيها الترقيع، بطريقة يشوبها الكثير من الخطر ويعرض السلامة العامة للحوادث. وفي الفترة الأخيرة تفاقم الامر سوءا وباتت الملاحقة أكثر من هزيلة.

إشارات المرور

إشارات المرور حدث ولا حرج. القليل اليسير منها على قيد العمل، كلها متوقف كما حال البلد، ومنها مصاب بانفصام تام، فترى الأحمر دائم الإضاءة أو قد تتراقص الأضواء الثلاثة بتناوب هستيري يربك المارة ويسبب الحوادث. والسلامة العامة تترنح بين الزحام، تنجو الاجساد باعجوبة فيما الأعصاب في موت متلاحق.

الدراجات النارية

ازدادت الدرجات النارية مؤخرا بشكل دراماتيكي، بحيث أدى تفاقم اسعار المشتقات النفطية إلى زيادة اعتماد استخدامها لكون استهلاكها قليل. وهذا ما يجعل الشوارع عامة، لا سيما العاصمة مكتظة بشكل هائل بها، بحيث يقودها الرجال والنساء والأطفال على حد سواء.

بالطبع لا يشكل اهمال ارتداء الخوذة المخالفة الوحيدة، بل طريقة القيادة، والمرور العشوائي والمزاحمة، ناهيك  بالأعداد التي تنقلها الدراجة الواحدة تشكل كلها أسبابا كثيرة لزيادة احتمالية الحوادث وانتهاكا للسلامة العامة.

المقلق والمرير

أكثر المشاهد إرباكا وحسرة تراه يوميا في شوارع العاصمة. وهو دراجات نارية يستقلها أب أو أم، يجلس أمامه ابنه وخلفه ابنه الآخر، متوجهون إلى المدرسة  ويمر هؤلاء من بين السيارات بطريقة مجنونة، في وقت يحمل كل من الأبناء حقيبته المدرسية على ظهره.

إن المشهد الذي لا يراعي لا سلامة عامة ولا حقوق طفل ولا سلامة وحقوق إنسان، أشبه بكابوس يجول شوارع العاصمة يوميا، يقطع الاشارات المطفأة، ويزاحم السيارات، ويعانق بلل السماء ليصل إلى جلده متى أمطرت...

تقاطع الشياح عين الرمانة

على تقاطع الشياح عين الرمانة ، رينا ابنة عشر السنوات وأخاها جاد، ونظرات هائمة في المارة والسيارات. يذهبان يوميا إلى المدرسة مع "ابو جاد" على الدراجة النارية، تسأل أبا جاد كيف توازن بين وزن الحقائب التي تميل على ظهر ابنائك وبين الدراجة والمفارق والزحمة، يجيبك: " شو بقدر أعمل، بحرمهم العلم أحسن، بدنا نتحمل ويتحملوا بلكي أيامن خير اكثر" . وعن امكان تعرضهم لحوادث يجيب: " الحامي ربنا، مين بدو يحمينا يلي سرقونا وشردونا وشحدونا؟ يلي بدو يصير يصير، ما عنا شي نخسروا، بيكفي حسرة."

وأما جاد فيضحك وهو الواثق فيقول: "منوصل بسرعة مثل الالعاب، ما حدن بيسبق بابا، بس بالشتي عم ابرد وصير ماي". اما رينا التي لم تتوقف عن اخفاء وجهها بيديها الصغيرتين، فتقول بعد عدة محاولات لسؤالها: " ما بحب الموتو، ولا المدرسة ولا البرد ولا الخوف، لي الكل عندن سيارات ونحنا لا"، " بس اكبر رح جيب للبابا سيارة...".

على هذا التقاطع بالذات، كما كل شوارع العاصمة، تجد حزنا وضيقا ولوعة سببتها السياسات، ورغم كل الفرز الذي أحدثته، وحّدت الكل في حزام من الفقر والضيق لا يمكن معه التحدث عن السلامة العامة.