ما جرى في قصر الأونيسكو من خلال إقامة السفارة السعودية منتدى الطائف، مشهدية تؤكّد المؤكّد لناحية دور المملكة وحضورها في لبنان...
انه الطائف، ولطالما حذّرت من المسّ بهذا الاتفاق الذي هو السلم الأهلي ودستور لبنان... لماذا؟ لأني تشرّفت بأن أكون مشاركاً في هذا الاتفاق وتابعت كواليسه وكل ما حصل في تلك الحقبة عن كثب، فتبدّى لي بشكل واضح وقاطع أن قادة المملكة يقدّرون لبنان وربما أكثر من بعض مسؤوليه، فكانوا مصرّين على إنجازه من أجل وقف الحرب المدمرة التي كانت تأكل الحجر والبشر، والطائف نعم هو الذي أسكت المدافع، ويُعتبر بحد ذاته انجازا تاريخيا...
والآن، لماذا الطائف والمنتدى الذي أقيم في الأونيسكو؟
الطائف هو الضمانة في مرحلة التحولات والمتغيرات والانقسامات والخلافات في لبنان، حيث وياللأسف الشديد لم يتعلم البعض ويتّعظ مما جرى، فالخطاب الطائفي ساري المفعول والانقسامات مستمرة والخلافات حدّث ولا حرج... الأهم والأخطر أن الدولة تفككت وتحللت وترهّلت، فأين هذه الدولة؟ نعم الطائف هو من يُبقي السلم الأهلي وهو الهدف الأسمى في هذه الظروف الاستثنائية، لذلك ضرورة التشديد على وثيقة الوفاق الوطني كي لا يعود الاقتتال والحروب الى هذا البلد، ولكن وعَود على بدء، ان الكثيرين لم يتعلموا مما انتجته هذه الحروب من مآسٍ ودمار وهجرة.
لماذا عاد الطائف الى لبنان مجدداً؟ لأن السعودية، وهذه إجابة واضحة وقاطعة، ضنينة بهذا البلد وما زالت تكنّ له التقدير بفعل الصداقات والعلاقات التاريخية بين قادة البلدين، وما احتضانها للجالية اللبنانية التي هي الأكبر لدليل على أنها كانت وستبقى السند لهذا البلد بفعل ما قدمته وأعادت اعماره مراراً، وأنا شاهد على ذلك يوم كنت وزيراً للمهجرين آنذاك، فكنت أفتخر بأن هناك دولة وقيادة حكيمة هي الشقيق الحقيقي للبنان بفعل تقديماتها ومساعداتها.
وبالعودة الى منتدى الطائف في قصر الأونيسكو، فهذه الصورة الجامعة أعادت لبنان الى قلبه العربي النابض، والأهم والأبرز ان المملكة العربية السعودية ومن خلال قيادتها الحكيمة عادت لتقول سأبقى الى جانب اللبنانيين بمختلف طوائفهم ومذاهبهم ولن أتخلى عنهم...
يبقى أن نتعلم من تجارب الماضي المريرة ونعود الى رشدنا مخافة من الله، وحرصاً على أبناء هذا البلد الطيب الذي يعاني أهله الأمرّين حياتياً ومعيشياً وتربوياً وصحّياً.
وأخيراً، الطائف باقٍ والمملكة لن تتخلى عن لبنان...