Advertise here

"التقاء فكرين"... البابا من البحرين: نلعب بالنار وبالصواريخ والقذائف

04 تشرين الثاني 2022 12:58:08 - آخر تحديث: 04 تشرين الثاني 2022 13:03:39

ندّد البابا فرنسيس في اليوم الثاني من زيارته الى البحرين بمنطق "الكتل المتعارضة" التي تجعل العالم "في توازن هشّ"، مؤكداً على أهمية سلوك "طريق اللقاء بدلا من طريق المواجهة" بين الشرق والغرب.

وجاءت الزيارة، وهي الثانية للبابا إلى شبه الجزيرة العربية منذ رحلته التاريخية إلى الإمارات عام 2019، في إطار ملتقى البحرين للحوار "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني"، الذي حضره قرابة مئتي شخص من مسؤولين ورجال دين بارزين من الشرق الأوسط.

وفي كلمة ألقاها في ختام المؤتمر خلال حفل في ميدان صرح الشهيد في قصر الصخير الملكي بحضور العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة وشيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، قال البابا فرنسيس إنّ "عددا قليلا" من أصحاب النفوذ يخوضون صراعاً من أجل "المصالح الخاصة، يحيون اللغات القديمة ويعيدون رسم مناطق النفوذ والكتل المتعارضة".

وأضاف "للأسف الشرق والغرب يشبهان بصورة متزايدة بحرين متخاصمين، لكن نحن هنا معا لأننا عازمون على الإبحار في البحر نفسه واختيارنا هو طريق اللقاء بدلا من طريق المواجهة، وطريق الحوار الذي يشير إليه هذا المنتدى".

ونبه البابا مما وصفه بـ"سيناريو مأساوي". وقال "نلعب بالنار وبالصواريخ والقذائف وبأسلحة تسبب البكاء والموت ونغطي البيت المشترك بالرماد والكراهية".

ويكرر البابا انتقاده للنزاعات التي تغزو العالم واللجوء الى لغة السلاح والتهديد باستخدام السلاح النووي، على وقع الغزو الروسي لأوكرانيا الذي دخل شهره التاسع.

وقبل إلقاء البابا كلمته، قال الرجل الثاني في الفاتيكان المونسنيور بيترو بارولين الذي التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في أيلول الماضي، لصحافيين في الصخير إن هناك "بضع مؤشرات صغيرة" على تقدم المفاوضات مع موسكو.

وأضاف "كافة المبادرات للسلام جيدة، والمهم أن نقوم بتنفيذها معاً وإلا يتم استغلالها لأغراض اخرى".

وتطرق العاهل البحريني في كلمة ألقاها الى النزاع الروسي الأوكراني مشدداً على أهمية "بدء مفاوضات جادة لخير البشرية جمعاء".

وشدّد على أن "مسيرة الأخوة الإنسانية بحاجة أكثر من أي وقت مضى لإحياء سبل التقارب كمدخل أساسي لإحلال التوافق محل الخلاف وإرساء الوحدة محل الفرقة".

"التقاء فكرين"
وبينما يحمل البابا فرنسيس دعوة الى تعزيز الحوار مع الإسلام، وجّه شيخ الأزهر في ختام ملتقى البحرين نداء الى علماء الطائفة الشيعية لعقد حوار إسلامي-إسلامي، يصار خلاله إلى نبذ "الفتنة والنزاع الطائفي"، في وقت تشهد دول عدة في المنطقة وحول العالم توترات على خلفية مذهبية.

ويلتقي البابا الذي يستخدم كرسياً متحركاً للتنقل وعصا بسبب آلام مزمنة في الركبة،  بعد الظهر شيخ الأزهر الذي وقع معه عام 2019 في أبوظبي وثيقة تاريخية حول الأخوة الإنسانية. 

وقالت عضو مجلس الشورى في البحرين المسيحية هالة رمزي فايز، لوكالة فرانس برس إن اللقاء بينهما "يمثل التقاء فكرين لإرساء أسس السلام ومبادىء التعايش السلمي بين مختلف الطوائف والحضارات".

وأضافت "إنها زيارة تاريخية لمملكة البحرين، نعتز بها جداً كمسيحيين لا في مملكة البحرين فحسب وإنما في المنطقة كلها".

وعند الرابعة والنصف عصراً (13,30 ت غ)، يتحدّث البابا أمام "مجلس الحكماء المسلمين" في مسجد القصر الملكي، ثم خلال صلاة مسكونية في كاتدرائية سيدة العرب، أكبر كنيسة كاثوليكية في الخليج، افتتحت في نهاية عام 2021.

ويخصّص البابا يوم السبت للقاء أتباع الطائفة المسيحية الكاثوليكية الذين يُقدّر عددهم بنحو 80 ألف شخص، يتحدرون بشكل رئيسي من جنوب شرق آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط ومن دول غربية ويرأس قداساً عند الصباح في استاد البحرين الوطني يتوقع أن يحضره قرابة 28 ألف شخص.

انتقادات
وتأتي زيارة البابا على وقع انتقادات منظمات حقوقية لسياسة التمييز التي تطال ناشطين ومعارضين سياسيين في البلاد التي شهدت اضطرابات في أعقاب تظاهرات مطالبة بتغيير نظام الحكم في 2011. 

ودعت تسع منظمات حقوقية بينها هيومن رايتس ووتش في بيان مشترك الثلاثاء البابا فرنسيس إلى الضغط على البحرين لوقف "تنفيذ جميع الإعدامات، وإلغاء عقوبة الإعدام، والتحقيق بجدية في مزاعم التعذيب وانتهاكات الحق في محاكمة عادلة".  ووجّهت عائلات 12 محكوما بالاعدام الخميس رسالة إلى البابا حثّته على طلب تخفيف الأحكام. وقالت "نعتقد أنّ تدخلكم يمكن أن يساعد في إنقاذ حياة أحبائنا الأبرياء".

في خطابه الأول الذي ألقاه أمام كبار المسؤولين ودبلوماسيين الخميس، دعا البابا الى ترجمة الالتزامات بقضايا الاحترام والتسامح والحرية الدينية المنصوص عليها في الدستور البحريني. وشدد على أهمية ألا يكون هناك "تمييز ولا تُنتهك حقوق الانسان الأساسية، بل يتم تعزيزها". 

وأضاف "أفكر قبل كل شيء في الحق في الحياة، ضرورة ضمانه دائماً، حتى عند فرض العقوبات على البعض، حتى هؤلاء لا يمكن القضاء على حياتهم"، في إشارة ضمنية الى عقوبة الإعدام.

في 2017، نفّذت البحرين أول عملية إعدام بعد سبع سنوات من إعدام آخر شخص. ومنذ ذلك الحين، أعدمت ستة أشخاص، بعضهم على خلفية قضايا ترتبط بالاضطرابات التي شهدتها البلاد في 2011. وهناك 26 شخصا محكوم عليهم بالإعدام.

ونفت السلطات البحرينية الانتقادات ذات الطابع الحقوقي التي تطالها. وشدّدت على أنّه "لم يتم القبض على أي فرد في البحرين أو اعتقاله بسبب معتقداته الدينية أو السياسية"، مضيفة "في الحالات التي يحرّض فيها الأفراد أو يشجعون أو يمجدون العنف أو الكراهية، هناك واجب للتحقيق، وعند الاقتضاء، مقاضاة هؤلاء الأفراد".

وهذه الزيارة التاسعة والثلاثين للبابا الى الخارج منذ انتخابه على سدّة الكرسي الرسولي عام 2013، إذ شملت جولاته أكثر من عشر دول ذات غالبية مسلمة، بينها الأردن وتركيا والبوسنة والهرسك ومصر وبنغلادش والمغرب والعراق.