Advertise here

شتاء "مالي" عاصف على الأبواب.. تلبّد المناخ السياسي وتقلبيّة حادّة في سعر الصرف

03 تشرين الثاني 2022 07:40:46

وقع الفراغ الذي كان متوقعاً مع تعذر انتخاب رئيس للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون عند منتصف ليل الاثنين الثلاثاء.

ربما ليست هذه المرة الاولى التي يدخل فيها في الفراغ فهذا هو الفراغ الرئاسي الثالث منذ عام 2007 لكن للمرة الاولى يأتي هذا الفراغ في ظل انهيار اقتصادي متسارع صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عقود، ومع وجود حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، خصوصاً تنفيذ إصلاحات يضعها المجتمع الدولي شرطاً لدعم لبنان.

والسؤال هنا ماذا لو طال امد هذا الفراغ و هل سيتحمله لبنان الموضوع في العناية الفائقة ويحتاج الى عملية جراحية مستعجلة تعمل على انعاشه وهل سيتحمل هذا الفراغ اللبنانيون الذي يرزح اكثر من 70?? منهم تحت خط الفقر بعدما تراجعت قدرتهم الشرائية بشكل كبير جداً بعد ارتفاع سعر صرف الدولار وانهيار الليرة اللبنانية بنسبة تفوق الـ 90?.

في هذا الاطار لفت الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية الدكتور فادي قانصو في حديث للديار: انه مع بداية العام 2020، دخل الاقتصاد اللبناني غرفة الإنعاش عقب إصابته بداء الركود التضخّمي، وهي حالة مزمنة يُصاب فيها الاقتصاد بانكماشٍ حادّ في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (أي نسب نمو سلبيّة) بالترافق مع ارتفاع ملحوظ في نسب تضخم أسعار الاستهلاك، مما أدّى إلى تعميق الأزمة الاقتصادية، لا سيّما لناحية تداعياته السلبية على معدّلات البطالة في ظلّ توجّه المؤسسات في الإجمال إلى تسريح عمّالها بُغية تقليص النفقات التشغيلية لديها جرّاء ارتفاع تكاليف الإنتاج، ناهيك عن انعكاساته الثقيلة على القدرة الشرائية للمواطنين وخاصّة ذوي الدخل المحدود وحتى المتوسّط.

ويقول قانصو أن الأزمة الاقتصادية اليوم في لبنان باتت متشعّبة جداً، من أزمة ماكرو اقتصادية، أي أزمة في القطاع الحقيقي من انتاج زراعي وصناعي وخدماتي، مع انكماش في الناتج المحلي الإجمالي من 50 مليار دولار في العام 2019 إلى ما دون 20 مليار دولار اليوم، إلى أزمة في المالية العامة، مع نسبة مديونية ضمن أعلى ثلاث نسب في العالم ونسبة عجز إلى الناتج ضمن العشر الأول في العالم، إلى أزمة في القطاع الخارجي، مع عجوزات في ميزان المدفوعات قاربت الـ40 مليار دولار منذ العام 2011، إلى أزمة مالية، بشقها المصرفي بحيث تعاني المصارف من شح في السيولة بالعملات الأجنبية وتسجيلها خسائر كبيرة منذ العام 2019، وبشقها النقدي مع ارتفاع سعر الصرف بأكثر من 22 ضعفا بالتوازي مع تضخم مفرط في الأسعار بنسبة تجاوزت الـ1,000% في مقارنة بسيطة لمؤشر أسعار المستهلكين منذ نهاية العام 2019، وفق أرقام الإحصاء المركزي، ما جعل لبنان يحتل المرتبة الأولى عالمياً وفق نسب تضخم الأسعار.

ووفق قانصو فأن لبنان يتجه في المدى المنظور نحو مسار شائك في ظلّ لهيب الاستحقاقات الاقتصادية الماثلة أمامنا، ما من شأنه أن يرفع من حرارة فصل الشتاء فور دخولنا في شهر تشرين الثاني. إذ ينطوي السيناريو الماثل أمامنا على فراغ حكومي وفراغ رئاسي في ظلّ الانقسام العامودي الحادّ المتجلّي في مجلس النواب وتشنّج المناخ السياسي المحلي بشكل خاص والجيوسياسي بشكل عام، وهو ما سيكون بمثابة انتحار جماعي يحمل في طيّاته آفاق سوداوية في ما يخصّ الأوضاع المالية والنقدية وتحديداً سعر صرف الدولار، لاسيّما في ظلّ رفع دعم بات شبه كامل عن السلع الأساسية وتوجّه معظم تجّار السلع نحو السوق السوداء وآخرهم تجار المحروقات مع الاتجاه إلى دولرة البنزين،اضافةً الى انعكاسات إقرار الدولار الجمركي المرتقب بعد بضعة أيام وغيره من الإجراءات الأخرى كتعديل غير مدروس وعشوائي للأجور، على نسب تضخم الأسعار وعلى تآكل القدرة الشرائية للمواطنين.فضلاً عن تضاؤل فعالية منصّة صيرفة وفق التعميم 161 نظراً إلى الشحّ الحادّ في احتياطيات مصرف لبنان الأجنبية، حتى وإن تمّ التمديد للتعميم 161 على الورق والقلم، فسنبقى نشهد تقلبية لافتة على صعيد سعر الصرف في المرحلة المرتقبة في ضوء خطوات استباقية وظرفية قد يقوم بها مصرف لبنان، سرعان ما تتبدّد مفاعيلها في ظلّ الشكوك حول القدرة على استدامة هذه الاجراءات التي تتطلّب من المركزي عمليات شراء جديدة من السوق لإشباع احتياطياته بشكل مستمر إذا لم تترافق مع خطوات إصلاحية جريئة وجدّية تصحّح الاختلالات البنيوية الاقتصادية المتحكّمة هي وحدها في مسار سعر الصرف واستدامته في المدى المتوسط والطويل. ويرى قانصو بأن الخرق الأساسي والأوحد يبقى رهن انتخاب رئيس جديد للبلاد يليه تشكيل حكومة لتفعيل عملها بشكل منتج لمواكبة عملية إطلاق برنامج إنقاذ شامل من أجل إعطاء صدقية للمساعي الإصلاحية المطروحة، ولاستعادة الثقة بالوضع الاقتصادي والسياسي والحكومي وثقة المغترب اللبناني والتأسيس لمرحلة جديدة ونهج جديد ورؤية اقتصادية جديدة.