احتل "زيبار الزيتون" المعروف بـ "الجفت" والمأخوذ من خلاصة عصر الزيتون أولوية لدى اغلبية العائلات اللبنانية لا سيما في مناطق معروفة بزراعتها لهذا النوع من الاشجار. فعمدت الى استثماره في التدفئة بديلا جيدا وتوفيريا للاستعاضة عن المازوت وكلفته الباهظة او الحطب وارتفاع سعر الشوال بشكل جنوني مع بداية فصل الشتاء، وأضحى أصحاب المعاصر والمزارعين امام حقبة جديدة من صناعة "الجفت".
"الجفت" يصنّع بماكينات عبارة عن قوالب تحوّل الفتات الى قطع خالية من الشوائب او مواد تحتوي على نايلون او بلاستيك، تمهيدا لبيعه كسلعة تجارية رئيسية للتدفئة في فصل الشتاء اما بالطن او بالقطعة او عبر أكياس ويصار الى فرز القطع وتغليفها بأوراق وصفّها ورصّها بشكل متوازن ومنظم.
و"الجفت" يتوفر عادة في المعاصر ويتميز انه يساهم في خفض نسبة التلوث البيئي ويحافظ على الطبيعة.
ويمتاز حطب "زيبار الزيتون" في قدرته على توليد كمية حرارة مرتفعة أي بمقدار يزيد عن 5000 وحدة حرارة لكل 1 كيلوغرام وبهذا يضاهي حطب الاحراج واغصان الأشجار بـ أضعاف. كما يحتفظ المواطن بحدود 40 الى 60% من كلفة تحديات فصل الشتاء القارس.
ومن سمات "الجفت" أيضا ان القالب الواحد منه يدوم اشتعالا لوقت أطول من الحطب أي ان القطعة الواحدة تستمر اشتعالا لمدة ساعة على الأقل.
وما تجدر الإشارة اليه، ان بعض المزارعين الأصليين مما لديهم باع طويل في الأمور الزراعية يقولون ان رماد "جفت الزيتون" يستخدم كسماد عضوي للجنائن والنباتات والأشجار.
ارتفاع الطلب على "الجفت"
رئيس نقابة مزارعي وفلاحي البقاع إبراهيم الترشيشي يقول لـ "الديار"" ان "جفت الزيتون" يستخدم في المناطق الساحلية في إطار أكبر من المناطق البقاعية حيث البرد القارس والشتاء عاصف والثلوج تصل الى أمتار.
ويضيف: " قلة من الناس يستعيضون به عن وسائل التدفئة التقليدية المتعارف عليها وذلك لان "الجفت" لا يعطي حرارة كبيرة ولكن رماده يخلّف حرارة وينشر السخونة التي تُشعر من يتحلّقون حول "الصّوبيا" او الموقدة بالدفء.
ويردف الترشيشي: " استعمالات "زيبار الزيتون" في الساحل أكبر نظرا لاختلاف طبيعة الطقس كما ان العائلات الساحلية تجده أنظف واخف واقل تكلفة، على عكس العائلات البقاعية حيث الامطار تهطل بشكل متواصل والثلوج تتساقط لأيام متتالية ويتكون الجليد طبقات قد تستمر لأسابيع.
ويستكمل: " لا اعتقد انه في البقاع يعتمدون عليه كمادة أساسية بديلا عن المازوت وحطب الاحراج والغابات وانما في أيامنا هذه كل شيء بات له استعمال ومطلوب نظرا لغلاء أسعار المحروقات وشوالات الخشب.
الحاجة ام الابتكار
ويتابع: " يوجد أناس يقتطعون اغصان الأشجار التي تكون على الطرقات ليستعملوها في التدفئة ويعمدون الى جمع الحطب والعيدان من أماكن مختلفة فبالتأكيد ان اهتمام الناس باعتماد "الجفت" بات أكبر ولكن ضمن كميات محدودة وهناك أناس لا زالوا لا يعرفون ما هو "الجفت" ومن اين يستخرج لعدم المامهم بالأمور الزراعية.
ويخلص ترشيشي بالقول: هذا العام "الجفت" بات له قيمة الا انه لا يمكن الاعتماد عليه بديلا عن المحروقات نظرا للبرد القارس بقاعا كما ان الكثير من العائلات لا زالت تجهل هذه المواد.
السيد هيثم وهو صاحب معصرة للزيتون يقول لـ "الديار": هذه ليست المرة الأولى التي يصار فيها الى الاستفادة من "الجفت" او كما هو معروف "زيبار الزيتون" بل يعمد المواطنون الذين يعصرون الزيتون لأخذ خلاصته تمهيدا لاستخدامه في التدفئة شتاءً كبديل عن الحطب والمازوت او في أمور منزلية كالطهو بديلا عن الغاز الذي بات سعره يقصم ظهر البعير، واما يعطونه الى صاحب معصرة الذي يعمد بدوره الى تجميعه ليصبح ما يقارب الطن ومن ثم يبيعه.
ويتابع، هذه السنة الاقبال أكبر بكثير والتهافت على شراء "الجفت" بات قيّماً. وما يجدر ذكره، "ان تصنيع "زيبار الزيتون" حطبا أمسي أولوية لدى فئة كبيرة من العاملين في الإطار البيئي والتجاري، على مقلب آخر فقد بات أصحاب المعاصر والمزارعين يولون هذا القطاع أهمية نظرا لإقبال المواطنين على شراء هذا الوقود المستحدث والاقل سعرا مقارنة بحطب الاحراج او المازوت وأيضا التدفئة الكهربائية سيما اننا في لبنان لا نحظى بكهرباء لأكثر من ساعة في اليوم. أضف، الى التدفئة على الغاز التي باتت حلما أو للميسورين فقط".
بيع "الجفت" بات مصلحة
ويصوّب هيثم بالقول: "ماكينات تصنيع قوالب "الجفت" باتت تستحدث لا بل حتى يتم زيادة بعض القطع الجديدة والمبتكرة لتلبي حاجة المستهلك اللبناني.
وفي هذا السياق يشير الى ان طن الجفت يباع اليوم بـ 80$ والقطعة الواحدة حوالي الـ 4$ ما يوفّر على رب العائلة نحو الكثير من كلفة التدفئة التقليدية. كما ان شريحة لا يستهان بها من المواطنين أضحوا يعتمدون بيع الجفت كمصلحة موسمية ويعمدون الى بيعها اكياسا او بالقطعة ولكل طريقة بيع حسابات معينة".
عملية تصنيع "زيبار الزيتون" او "حطب الزيتون"
هذه العملية والتي تعود في الاصل الى تركيا تمر بعدة مراحل، فبعد تجميع "الجفت" وعزله ليتخمّر لمدة أربعة أشهر، تبدأ عملية تصنيعه ويشير الخبراء في هذا المجال من مزارعين ومستثمرين ان الاقبال على "شراء" جفت الزيتون يرتفع من سنة الى سنة. والبعض تحدث عن استخدامه في عملية الطهو في ظل ارتفاع كل الوسائل المعتمدة سواء المازوت والحطب للتدفئة او الغاز لطهو الطعام ليعتمد كبديل جيد واقل كلفة للكثير من العائلات وفي تحقيق سابق "للديار" فان نحو 60% من العائلات اصبحوا يطهون الطعام على الحطب نظرا لارتفاع سعر قارورة الغاز.
وتقول فريال شامية وهي ربة منزل ان استخدام حطب الجفت ممتاز لأنه اقل ضررا على صحة اطفالي كما انه سريع الاشتعال ويولد نارا قوية ودخانه خفيف مقارنة مع دخان حطب السنديان او الصنوبر او الحور بالإشارة الى ان حديد "المدفأة" يجب ان يكون متينا او سميكا ليتحمل قوة الحرارة المنبعثة من اشتعال "الجفت".
وتضيف شامية: " الشيء الإيجابي في هذه الازمة التي جعلتنا نلجأ الى وسائل بدائية يجعلنا نستعيض عن المحروقات والغاز وأيضا الحطب. وانا كأم يهمني ان اوفر على عائلتي فالحياة جعلتنا ننقلب على غير ما نتمنى وبالتالي ليس عيبا ان نلجأ الى الابتكار.