قبيل مغادرته قصر بعبدا، وقّع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مرسوم استقالة الحكومة، ما دفع الرئيس نجيب ميقاتي الى الرد والتشديد على عدم دستورية مرسوم قبول الاستقالة، ومؤكدا استمرار الحكومة في تصريف الاعمال.
وبالتالي يعود السؤال المحوري الى الواجهة: هل تنتقل صلاحيات رئيس الجمهورية إلى حكومة تصريف الأعمال؟
يشرح الخبير الدستوري المحامي انطونيو فرحات، عبر وكالة "أخبار اليوم" ان المادة 62 من الدستور اللبناني نصت على أنّه "حال خلو سدة الرئاسة لأي علّة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء." والهدف من هذا النّص المأخوذ عن المادة 7 من الدستور الفرنسي تأمين إستمراريّة السلطة الإجرائية وبالتالي إستمراريّة عمل إدارات الدولة ومؤسّساتها العامة بصورة منتظمة بمعنى أنّه لا يمكن أن يوجد فراغ في الدولة.
ويضيف فرحات: عليه فإنّ جميع صلاحيات رئيس الجمهورية تنتقل إلى مجلس الوزراء لأنّ المطلق يجري على إطلاقه وفقاً للقاعدة القانونيّة المعروفة. إلاّ أنّ هناك بعض الصلاحيات لا يمكن أن تنتقل إلى مجلس الوزراء إمّا لأنّها لصيقة بشخص رئيس الجمهورية وإمّا لأنّها معطاة له بصفته رئيس الدولة ومحصورة فيه ولا مجال هنا لتعدادها.
وردا على سؤال، يعتبر فرحات أنّ صلاحيات رئيس الجمهورية تنتقل إلى مجلس الوزراء خصوصا وان الدستور لم يميّز بين حكومة مستقيلة وحكومة كاملة الأوصاف وإنّما أناط تلك الصلاحيات بمجلس الوزراء الذي يختلف بمضمونه عن مفهوم الحكومة، فمجلس الوزراء هو هيئة تقريريّة منحها الدستور صلاحية إتّخاذ القرارات في المواضيع الداخلة في إختصاصها أما الحكومة فهي هيئة سياسية متضامنة ومسؤولة أمام المجلس النيابي. وبالتالي إنّ الحكومة ومجلس الوزراء وجهان لسلطة واحدة هي السلطة الإجرائية هذا من جهة. ومن جهة أخرى، لو سلمنا جدلاً إنّ سدة الرئاسة شغرت في ظلّ حكومة كاملة الأوصاف وقرر مجلس النواب لسبب ما أن ينزع الثقة عن الحكومة سواء بمبادرة منه أم بناء على طرحها من رئيس الحكومة، عندها ألا تعتبر الحكومة مستقيلة وتستمر في تصريف الأعمال ريثما إنتخاب رئيس جديد للجمهورية؟ الجواب نعم.
ويخلص فرحات الى القول: إنتخاب رئيس للجمهورية أمر ملحّ ويتوجّب على النواب أن يسارعوا إلى إنتخابه في أسرع وقت، لأنّه واجب دستوري ووطني لا بل أخلاقي أيضاً، سيّما أنّه يتجلّى أنّ لا علاقة بين إنتاجية مجلس الوزراء وإنتخاب رئيس للجمهورية ولا يجوز الخلط بين الأمرين.
ويختم: بالتالي يتوجّب على المجلس أن يمارس صلاحياته بالإضافة إلى صلاحيات رئيس الجمهورية دون الإستثناءات المبيّنة أعلاه وذلك كمؤسسة دستورية جماعية وفقاً لأحكام الدستور ولنظامه الداخلي، إذْ أنّ الشغور الرئاسي لا يؤثّر على ممارسة المجلس لصلاحياته لأنّ رئيس الجمهورية لم يعد جزءاً من مجلس الوزراء منذ تعديل الدستور في العام 1990.