Advertise here

بين لبنان والقمم العربية صولات وجولات... بند أساسي سيُدرج في قمّة الجزائر حول لبنان

31 تشرين الأول 2022 07:30:00

يعيد التاريخ نفسه من خلال القمة العربية التي ستلتئم في الجزائر بعد أيام معدودة، ما يذكّر بحقبة السبعينيات والثمانينيات، عندما كان لبنان بحروبه وأزماته حاضراً في القمم التي عُقدت آنذاك في الجزائر والمغرب والرياض، وأفردت للبنان حينها مساحات واسعة بغية مساعدته لوقف الحرب التي كانت دائرة، ولكن جميعها لم تُفلح أو تؤدِّ إلى أيّ خرق حتى جاء اتفاق الطائف وأسكت المدافع، وحلّ السلم الأهلي في عام 1989.

في السياق، تشير معلومات وثيقة لـ"النهار" من مصادر ديبلوماسية عربية مواكبة ومتابعة لمسار قمة الجزائر، إلى أن مؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي سيسبق القمّة، سيدرج بنداً أساسياً يتعلّق بلبنان، وكان مساعد الأمين العام للجامعة العربية السفير حسام زكي، قد قام بجهد كبير من خلال زيارات ولقاءات حصلت مع مسؤولين عرب خلال الأيام القليلة المنصرمة، بعدما سبق له أن استطلع الأجواء اللبنانية أثناء زيارته الأخيرة لبيروت، وينقل أن الفقرة المتعلقة بلبنان تشدّد على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدّد، وعلى ضرورة توافق المسؤولين اللبنانيين على القيام بإصلاحات بنيوية، ومن ثم التأكيد أن اتفاق الطائف هو المحور الأساسي الذي يضمن الاستقرار من خلال الدعوة إلى استكمال تطبيق ما بقي منه من بنود، والتحذير من مغبّة المسّ به.

وتردف المصادر، لافتة إلى أن هناك معطيات عن تحرّك عربي فاعل في الأيام المقبلة، من أجل تحييد لبنان عن صراعات المنطقة، وبمعنى أوضح عودته إلى الحضن العربي، بعدما باتت إيران تمسك بمفاصل هذا البلد من خلال "حزب الله" الذي يسيطر على كل المفاصل السياسية والأمنية والاقتصادية فيه، وهنا من الطبيعي، في هذه المسألة، أنه قد يكون ثمة تباين مع الدولة المضيفة، أي الجزائر، التي تُعدّ قريبة من سياسات سوريا و"حزب الله" وإيران، ولكن هناك حركة عربية وخليجية على وجه الخصوص، كي يكون جدول أعمال هذه القمّة توافقياً، ولا سيما في شأن لبنان، لعدم إغراقه مجدّداً في منزلقات أمنية، وفي ظلّ ما يعانيه من انهيار اقتصادي ومالي، ولهذه الغاية، فإن دول مجلس التعاون الخليجي، وفي طليعتها المملكة العربية السعودية، بات لديها ثوابت ومسلّمات ولاءات واضحة تجاه الملف اللبناني، أي الحرص على الطائف، وأن تكون هناك سلطة مركزية واحدة وجيش لبناني واحد، وعودة هذا البلد إلى محيطه العربي، والشروع في إصلاحات مالية وإدارية، وأن يكون الرئيس المقبل للجمهورية وطنياً وعربياً لا يحمل العداء للرياض ودول مجلس التعاون الخليجي، من هنا، ثمة تدوير للزوايا حيال هذا الملف الذي أرهق العرب والعالم بأسره من خلال حروبه وأزماته المتتالية.

وتتابع المصادر، كاشفة أن الدور الفرنسي حاضر في بعض الجوانب وكواليس قمة الجزائر على أكثر من خلفية تاريخية لعلاقة البلدين، التي شهدت استقراراً في الآونة الأخيرة بعد زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون للجزائر، إضافة إلى اعتبار فرنسا من الممسكين بالملف اللبناني بفعل تفويض دولي، وصولاً إلى التنسيق المستمر بين باريس والرياض، حيث أضحى الدوران السعودي والفرنسي أساسيين في سعيهما لحلّ المعضلة اللبنانية، وربطاً بذلك، فإن فرنسا لن تكون غائبة عن قمة الجزائر، بحيث يتزامن انعقاد هذه القمة مع ارتفاع منسوب القلق والمخاوف من إطالة أمد الشغور الرئاسي، وهذا أيضاً ما يقلق العرب، مع الإشارة هنا، إلى أن السفير زكي أعرب خلال زيارته للبنان، وأثناء لقائه ببعض المرجعيات السياسية، عن قلق ومخاوف تهدّد أمن واستقرار لبنان إذا استمرت الأمور على ما هي عليه دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهذا ما يواكبه ويتابعه في كواليس الجامعة العربية، دون أن يخفي أيضاً قلق المسؤولين المصريين، وفي طليعتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يُنقَل عنه تركيزه واهتمامه بدعم الجيش اللبناني، وارتياحه لدور هذه المؤسسة وقائدها العماد جوزف عون، التي تبقى الضامن للسلم الأهلي في هذه المرحلة المفصلية التي يمر بها لبنان، وفي غضون ذلك، فإن السيسي يدعم الجهود السعودية – الفرنسية، ويتواصل مع مسؤولي هذين البلدين لهذه الغاية.

وأخيراً، يعود لبنان بخلافاته وأزماته إلى القمة العربية، وكأن هذه المشاكل في بداياتها في منتصف سبعينيات القرن الماضي عندما عُقدت قمّة الرياض في عام 1976، لتليها قمّة الرباط الشهيرة، والسؤال: هل يمكن للمؤتمرين في الجزائر أن ينقذوا لبنان "بمعيّة" الفرنسيين، أم يطول أمد هذه المعضلة اللبنانية إلى حين إنتاج تسوية دولية – إقليمية، وحتى ذاك الوقت سيبقى الوقت الضائع الراهن عامل قلق ومخاوف، ما يتبدّى بوضوح من خلال عودة التصعيد السياسي والمناكفات على إيقاع الأزمات الاقتصادية والصحية والتربوية والحياتية وربما الآتي أعظم.