Advertise here

الحسنية: الإشغالات الحاصلة على الأملاك البحرية غير قانونية ومخالفة!

إستباحة للأملاك البحرية وإجراءات قاصرة.. "التقدمي" يرفع صوت المحاسبة!

29 تشرين الأول 2022 18:41:48

يشبه ملف وضع حد للتعديات على الأملاك البحرية ومحاسبة المخالفين، ذاك السجين الذي ينتظر المحاكمة والقضاء في عطلة قضائية مفتوحة.. ففي ظل إستباحة للشاطىء اللبناني دون أي حسيب أو رقيب، يخسر الإقتصاد اللبناني والخزينة اللبنانية أموالاً تذهب هدراً في بحر اللاقرار المتعمد والتساهل في المحاسبة.

تعود بداية الإجراءات التي حددت نظام إشغال الأملاك البحرية وتعريفاتها الى القرار رقم 144/د تاريخ 10 حزيران 1925، إذ جاء في المادة الأولى "تشمل الأملاك العمومية في دولة لبنان الكبير ودولة العلويين جميع الأشياء المعدة بسبب طبيعتها لاستعمال الجميع أو لاستعمال مصلحة عمومية، وهي لا تباع ولا تكتسب ملكيتها بمرور الزمن".

كما فسرت المادة الثانية ما تشمله الأملاك العمومية، أي "شاطئ البحر حتى ابعد مسافة يصل إليها الموج في الشتاء وشطوط الرمل والحصى والغدران (جمع غدير) والبحيرات المالحة المتصلة رأساً بالبحر والمرافئ والفَرض البحرية والخلجان .."

وفي خصوص الأشغال الأملاك العمومية، نصت المادة الرابعة عشر على أنه يمكن للدولة أو البلديات أن ترخص على أملاكها العمومية بصفة مؤقتة، قابلة للإلغاء ومقابل رسم ما بإشغال قطعة من الأملاك العمومية إشغالا شخصياً مانعاً لاسيما إذا كانت المسألة مرتبطة بمشروع ما.

أما المرسوم رقم 4810 تاريخ 24 حزيران 1966 والذي صدر في عهد الرئيس شارل الحلو حدد نظام إشغال الأملاك العامة البحرية على النحو التالي: "تبقى الأملاك العامة البحرية باستعمال العموم ولا يكتسب عليها لمنفعة أحد أي حق يخول إقفالها لمصلحة خاصة".

وإستناداً للمبدأ أعلاه أجاز القانون إعطاء ترخيص لمالك عقار متاخم للقسم المراد إشغاله من الأملاك العامة البحرية على ان لا يتعدى معدل الاستثمار السطحي للاشغال عن 5% وان لا يعلو البناء فوق مستوى الأملاك البحرية عن ستة أمتار مع عامل إستثمار أقصى 0,075%.

الى ذلك، إن اشغال هذه المساحة يجب ان لا تكون فيها إنشاءات دائمة سوى ما يعود منها للتجهيزات الرياضية والتنظيمية وملحقات الانشاءات التي يتوجب إيجادها قريبة من الشاطى الا ان هذا الاستثمار يجب الا يشكل عائقاً لوحدة الشاطئ ويجب ان تبقى المساحات مفتوحة للعموم. وبشكل عام فإن مساحة الاملاك العامة البحرية المنوي اشغالها المتاخمة لعقار مملوك وفقاً لما ورد أعلاه يجب ان لا تزيد عن ضعف مساحة العقار الخاص المتاخم وان لا تزيد واجهة هذه الاملاك عن واجهة العقار الخاص المتاخم.

الى ذلك، حصل لاحقاً تعديل على القانون بموجب المرسوم رقم 7461 تاريخ 30/10/1995 أورد طبق التعديل الآتي:
"يمكن بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الاشغال العامة والنقل زيادة مساحة المسطح المائي المنوي اشغاله عن المعدل المسموح به شرط ان لا تقل مساحة العقار عن عشرين الف م2 وان يكون الترخيص لمشروع سياحي كبير من الفئة الأولى. وبذلك علق التعديل الجديد زيادة المسطح المائي بشروط محدده".

ويشير عضو مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي المحامي نشأت الحسنية الى "أن واقع الاشغالات الحاصلة على الاملاك العامة البحرية بأغلبيتها الساحقة هي اشغالات غير قانونية ومخالفة، حتى من اصحاب العقارات المتاخمة للاملاك العامة البحرية والتي اجاز لهم القانون اشغال الاملاك العامة البحرية تجاوزوا المساحات التي اجاز لهم القانون اشغالها ومضمون الترخيص فتحول اشغالهم لهذه المساحات من قبيل التعدي والاشغال غير القانوني".

ويضيف الحسنية: "في حين ان الاخرين شغلوا مساحات على الشاطئ دون ان يكونوا من عداد مالكي العقارات المتاخمة فأقاموا إنشاءات عليها ووضعوا اليد عليها واستثمروها دون اي حق محققين ارباحاً طائلة غير مشروعة ولسنوات عديدة على حساب الخزينة واثراء على حساب الغير، عدا ان هذا الاشغال ادى إلى حرمان أصحاب الحق أي المواطنين اللبنانين حق استعمال هذه المساحات التي يعود لهم اشغالها بقوة القانون".

ويلفت الحسنية الى أنه "وللأسف عند إنتهاء الحرب أغفلت الحكومات اللبنانية معالجة هذا الملف عن قصد أو غير قصد إنما التفسير المنطقي والعملي لهذا الأمر ان تركه كان موجوداً لأن معظم الاشغالات تعود لشخصيات نافذة او اشخاص معنويين او طبيعيين مرتبطين بهذه الشخصيات سواء كانت سياسية او رجال اعمال او عائدة للطوائف".

وعلى الرغم من صدور قانون الموازنة العامة عام 2017 التي تضمن بند يتعلق بالاملاك البحرية والذي اجاز فيها للدولة وضع اليد على الإنشاءات التي لم يقم اصحابها بالتصريح عنها ودفع الغرامات المتوجبة، عملاً بأحكام القانون رقم 64 تايخ 20/10/2017 والذي اعطى مهلة تنتهي في اواخر العام 2018. وحينها، بادر ما لا يزيد عن 277 من اصحاب المشاريع والشاغلين بتقديم التصاريح، في حين تمنع الاخرين وهم الاكثرية الساحقة عن التصريح. 
وبعد انقضاء اكثر من سنة وثلاثة اشهر على مهلة التسوية وتقدم بعض النواب بإقتراح قانون معجل مكرر لإعطاء الذين لم يصرّحوا مهلة أربعة اشهر اضافية للتصريح. وقد انتهى المجلس النيابي إلى اعطاء مهلة ستة اشهر اضافية من بدءاً من  31/4/2019 ولغاية آخر تشرين الاول من العام 2019 بموجب القانون 132/2019.
وعلى الرغم من ذلك، لم يسجل تسديد اي مبلغ، بل على العكس فإن جميع اصحاب التصاريح طلبوا تقسيط المبالغ الزهيدة التي توجبت عليهم بموجب المرسوم رقم 4217 تاريخ 28/12/2018 الذي عدل المرسوم رقم 2522 تاريخ 15/7/1992 المتعلق بأسس  تمديد الرسوم السنوية المترتبة على الترخيص بالاشغال المؤقت للاملاك العمومية البحرية.
وبعد إنتهاء مهلة التصاريح، تقدم الحزب التقدمي الإشتراكي وكتلة اللقاء الديمقراطي الى محكمة التمييز بطلب لتنفيذ قرار وضع يد الدولة على الأملاك البحرية التي لم  يصرح عنها شاغليها، لم يدفع بدل الرسوم. وتتالت التطورات، حيث بدأت تحركات 17 تشرين اول من العام 2019 وأعقبتها جائحة كورونا وصدور قوانين تمديد المهل لقرارات التعبئة العامة والاقفال، إذ كان نتيجة لكل ذلك ان ادخل ملف الاملاك البحرية مجدداً في غياهب النسيان بدل ان يكون الملف الاساسي في ظل الظروف الاقتصادية والمالية التي يعيشها الوطن وان يكون ذلك بديل استجداء المساعدات من هنا وهناك.

رفع الصوت من جبهة النضال الى اللقاء الديمقراطي!

أن اول من لفت إلى أهمية معالجة ملف الاملاك العامة البحرية والنهرية هو الحزب التقدمي الاشتراكي وجبهة النضال الوطني، ويذّكر الحسنية أن أول من اثار هذا الملف للمرة الاولى في بداية التسعينات، كان  نائب جبهة النضال الوطني المرحوم وديع عقل، إذ تقدّم حينها بإقتراح قانون لتنظيم الاملاك العمومية البحرية، "الا ان هذا الاقتراح لايزال في الادراج لغاية الان وكان هدفه رفع التعديات عن الاملاك البحرية وليس تشريع هذه المخالفات والاشغالات غير القانونية وتغريم الشاغلين المخالفين والزامهم بدفع مبالغ مالية  لخزينة الدولة تكون متوازية مع ما تحقق لهم من ارباح، الا ان الدولة اللبنانية بأجهزتها كافة كانت وفي كل مرة  اثيرت فيها مسألة التعديات على الاملاك العامة البحرية تؤجل البحث وتدفع بالملف إلى الامام دون اتخاذ اي خطوة ايجابية تحقق الغاية والهدف المرجو"، وفق الحسنية.
ومن ناحية اخر، أجري أول مسح جدي للإشغالات الحاصلة على الشاطىء اللبناني عند تولي الوزير غازي العريضي لمهام وزارة الاشغال العامة والنقل. ويشير الحسنية الى أنه حينها تم "تكليف فريق عمل متخصص في الوزارة، لإجراء مسح شامل لكل الاشغالات الحاصلة على الشاطئ اللبناني وتم تحديد المساحة المشغول وبيان هوية شاغليها وتاريخ الاشغال".