Advertise here

بين بري وعهد عون: "بلطجي محمرش"

27 تشرين الأول 2022 07:45:44

هو أشبه بصراع أبدي. لا شيء قادر على خلق كيمياء الودّ ما بين الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ولم تكن السنوات الست من عمر العهد كافية لخلق مساحة جامعة بين القصر الجمهوري وعين التينة باستثناء اللقاءات البروتوكولية وما تفرضه ضرورات عمل المؤسسات الدستورية.

فصفحات الخلافات بين الحليفين اللدودين لا تنتهي، لا بل إنها قابلة للتجدد في أي لحظة وعند كل مناسبة. وطوال سنوات العهد كانت الثقة معدومة وإن نجح حزب الله بلعب دور معطّل الصواعق حفاظاً على الحد الادنى من التواصل داخل البيت السياسي الواحد.
عارض بري وصول عون الى سدة الرئاسة منذ البداية، معلناً هذا القرار صراحة ولم يقترع له وصوَّتت كتلته بأوراق بيضاء، وكان من الطبيعي ألا ينسى عون ذلك، والرد الدائم كان برفض "التيار" التصويت لبري في انتخابات رئاسة المجلس. 

في 28 كانون الثاني 2018 كاد الفيديو المسرّب لوزير الخارجية آنذاك جبران باسيل، من بلدة محمرش البترونية، أن يحدث فتنة كبيرة، وظهر فيه يتحدث عن بري ويصفه بـ"البلطجي". جاءت ردة الفعل فوراً في الشارع وكادت تؤدي إلى صدامات أهلية كبيرة، ولم يسلم مقرّ ميرنا الشالوحي منها أيضاً. وإن ساهم الجو الانتخابي عشية الانتخابات النيابية بأن يلملم الوضع بين الفريقين.
لم يكن بري مناوراً مع العهد في أي من الملفات التي تعنيه، فخاض معركة وزير المالية والتوقيع الثالث للطائفة الشيعية حتى حصل عليه في كل الحكومات، بدعم واضح طبعاً من حزب الله. 

وجّه بري رسائل عدة للعهد لا سيما من خلال التحركات المطلبية التي يلعب دوراً مؤثرا فيها، ودائماً في لحظات سياسية دقيقة وكانت هذه الرسائلة تُفهم في حينها.
الخلافات تجددت باستمرار، تارة على التعيينات، وملف الناجحين في مجلس الخدمة المدنية، أو مرسوم الأقدمية لضباط دورة 1994 أو لاحقاً على اثر انفجار المرفأ في صيف 2020.
وفي تسريب جديد لباسيل في 23 كانون الاول 2021، شُبّه بفيديو محمرش، وظهر فيه خلال حفل للتيار الوطني الحر قائلا: "يلي ما بكونو معنا عمرن ما يكونوا معنا"، واعتبر الناشطون انه موجه للثنائي حزب الله وحركة امل في خضم التصعيد الحاصل بينهم.
وجاء هذا التسريب الجديد على وقع انكسار الجرة بين الفريقين، على خلفية لا قرار المجلس الدستوري الذي أطاح برغبة "التيار" بالطعن بقانون الانتخابات النيابية من بوابة اقتراع المغتربين.

كما تواصل الكباش والردود المتبادلة بين عين التينة وبعبدا حول العقد الاستثنائي لمجلس النواب وصلاحية تفسير الدستور.
رافق الخلاف بري والعهد الى انتخابات 2022 والتي لم تشهد على ولادة لوائح فريق الثامن من آذار الا في اللحظات الاخيرة، بسبب التوتر الكبير بين "امل" و"التيار" ورفض خوض الاستحقاق على لوائح واحدة قبل أن يصلح "الحزب" ذات البين.

هذا غيض من فيض الكباش الدائم بين بري وعون ومن خلفه باسيل، وما كان قبل العهد واستمر خلاله، لا مؤشرات الى أنه سينتهي بعد 31 تشرين الأول، لا بل سيكون مرشحاً الى مزيد من التصعيد مع عودة "الجنرال" الى الرابية.