ضاعت «بوسترات» فيروس كورونا في مبنى وزارة الصحة العامة، بين تلك التي انتشرت بكثافة للتعريف ببكتيريا الكوليرا، خصوصاً أنه ينتشر بسرعة وقد تخطى العدد التراكمي للإصابات به، أمس، عتبة الـ300، مع تسجيل وفيات جديدة، أما المشتبه فيهم فيقتربون من الألف، وذلك في غضون ثلاثة أسابيع فقط.
واقع ينذر بأن الأمور ليست على ما يرام. ولكي لا يخرج الوباء من خانة السيطرة، بدأت وزارة الصحة العامة العمل على خطّ لقاح الكوليرا، ولذلك أرسلت طلباً إلى منظمة الصحة العالمية لتوفير اللقاحات للبنان، وقد جاء الردّ أمس بالموافقة. وفي هذا الإطار، أعلن وزير الصحة العامة، فراس أبيض، في مؤتمر صحافي خصّصه أمس للحديث عن مستجدات الكوليرا واستراتيجية اللقاح، عن وصول خطاب من مجموعة التنسيق الدولية لتوفير اللقاحات التابعة لمنظمة الصحة العالمية يقضي بتزويد لبنان بحدود 600 ألف جرعة لقاح، يتوقّع وصولها خلال فترة أسبوعين. وبحسب مصادر في الوزارة، فمن المتوقع أيضاً «حصول لبنان على هبة تُقدّر بـ10 آلاف جرعة من لقاح الكوليرا».
ومن المفترض أن تحطّ هذه اللقاحات رحالها في مستودع الأدوية المركزي في الكرنتينا، بانتظار أن تقوم لجنة اللقاح التي شكّلتها وزارة الصحة بإعداد الخطة الوطنية لنشر اللقاحات وتنفيذها، والتي يتوقع أبيض أن تنهي «خريطتها» خلال شهر من الآن.
الفئات المستهدَفة
أما بالنسبة إلى الفئات المستهدفة، فقد أعلنت وزارة الصحة في وقت سابق أنها لن تكون لقاحات للعموم، وإنما لفئات محددة، يمكن تعريفها وبائياً بأنها الفئات الأكثر عرضة للخطر. وفي هذا السياق، يقسّم الدكتور عبد الرحمن البزري، الاختصاصي في الأمراض الجرثومية، المستهدفين إلى فئتين:
الفئة الأولى وهم فئة «المعرّضين أكثر للوباء، وتتضمن المناطق التي بدأت وانتشرت فيها الكوليرا ومنها مخيمات اللاجئين السوريين، إضافة إلى السجون التي من المتوقع أن تكون أحد الخيارات لاعتبار أنها قد تتحول إلى بؤرة في حال وصول الكوليرا إليها». والفئة الثانية من هم على تماس مع الوباء، وهنا يمكن الحديث عن العاملين الصحيين والأطباء والمستشفيات الميدانية والمستشفيات الحكومية التي تستقبل المصابين بالكوليرا.
حماية لمدة 3 أشهر
يؤخذ لقاح الكوليرا عن طريق الفم، وبحسب البزري تكفي جرعة واحدة «لتأمين الحماية بنسبة جيدة تمتد لثلاثة أشهر تقريباً». بالنسبة إلى البزري، فإن هذا الهامش من الحماية يعطي «نفساً» للوزارة كي تسيطر على الوباء، إلا أن ذلك مشروط بالعمل- توازياً- على تأمين حلول مستدامة للمشاكل التي هي في صلب انتشار الكوليرا، أي البنى التحتية، حيث يعيد البزري التأكيد على أن «اللقاح لن يكون بديلاً عن الخيارات الأخرى التي تتمثل في تأمين المياه النظيفة ومعالجة الصرف الصحي ومراقبة الزراعة والثروة الحيوانية». أي باختصار «أن تقوم الدولة بواجباتها، ممثَّلة بالوزارات المعنية».
جهوزية المستشفيات
وليس بعيداً عن المهمة المتعلقة بخريطة اللقاحات وكيفية توزيعها، ثمة عمل آخر يتعلق بجهوزية المستشفيات لاستيعاب الوباء الآتي، ومدى قدرة الطواقم البشرية على مواجهة هذه «المعركة» كما يصفها أبيض. وفي هذا السياق، شكّلت وزارة الصحة لجنة للمستشفيات العامة والمستشفيات الميدانية التي تهدف من خلالها إلى دراسة أوضاع تقديم الخدمات لموضوع الكوليرا، والتأكد من معايير الجودة، إضافة إلى إجراء التدريبات اللازمة للطواقم البشرية.
أما المستشفيات المشاركة حتى اللحظة في مواجهة الوباء، فهي لا تزال محصورة في المستشفيات الحكومية، وعددها 6 مستشفيات، يوجد فيها حتى اللحظة 70 مصاباً، وهي: عكار- حلبا، النيني - طرابلس، طرابلس الحكومي، الهرمل الحكومي، الحريري الجامعي وبعبدا الحكومي. ويضاف إليها المستشفى الميداني في منطقة ببنين العكارية والمستشفيات الميدانية التي يتم تجهيزها في سير الضنية وعرسال وبر الياس ومستشفيات أخرى قد تفرضها البؤر الجديدة من الانتشار.
كما أرسلت وزارة الصحة العامة كتاباً إلى وزارة الداخلية والبلديات تعلم بموجبه فتح المختبرات في المستشفيات الحكومية مجاناً أمام البلديات لإجراء الفحوص للمياه. كذلك تعمل الوزارة بالتنسيق مع الصليب الأحمر على تتبّع صهاريج المياه لمعرفة مصادر المياه، إضافة إلى التزام أصحابها بتعقيم هذه المياه.