Advertise here

الحريري وعهد عون: "طلاق ماروني"

25 تشرين الأول 2022 07:29:30

شهر العسل لم يكتمل بين بيت الوسط والرابية، فما كُتب قبل الرئاسة لم يطلع عليه الفجر في قصر بعبدا. فكان الثمن الأغلى الذي دفعه الرئيس سعد الحريري في حياته السياسية، لينتهي عهد الرئيس ميشال عون على شبه اعتزال سياسي للحريري مقاطعاً للانتخابات النيابية في العام 2022 ومكتفياً بمراقبة أحداث بيروت من أبو ظبي.

شكّل الحريري رافعة أساسية لعون، بعد تأمينه الغطاء السني الميثاقي له كرئيس للجمهورية، وبحلم استعادة ثنائية مارونية سنية أظهرت هشاشتها وسقطت. 
بسرعة قياسية في تاريخ تشكيل الحكومات بعد العام 2005، تمكّن الحريري من تشكيل حكومة العهد الأولى خلال 46 يوماً فقط، فبعد تكليفه من عون في 3 تشرين الثاني 2016 أبصرت النور في 18 كانون الاول من العام نفسه. 
يوم 4 تشرين الثاني 2017 كان نهاراً عصيباً في تاريخ الحريري ولبنان، بعدما أعلن من الرياض بخطاب متلفز مفاجئ استقالته من الحكومة، وانقطاع الاتصال معه من بعدها، وفُهم حينها أن رئيس حكومة لبنان بوضع غير طبيعي. وعلى الأثر سلّف عون الحريري موقفاً كبيراً كما جبران باسيل، بعد حركة الاتصالات الدولية المكثفة التي قاداها لا سيما مع العواصم الأوروبية وتدخّل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وتأمين عودة الحريري الى بيروت. لتعود وتستقيل هذه الحكومة بعد الانتخابات النيابية في أيار 2018.

"صوتي لصديقي جبران".. هكذا خاض الحريري انتخابات 2018 وقد جمعته لوائح كثيرة مع التيار الوطني الحر، وكان حبل الودّ لم ينقطع بعد، لا بل أن بعض الدوائر افترق فيها عن حلفائه القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي لصالح تحالفه مع "التيار".
إلا ان ما قبل انتخابات 2018 ليس كما بعدها، وإذا كان تمكّن من تشكيل حكومته الاولى خلال 46 يوماً، فإنه احتاج الى 253 يوماً، من تاريخ تكليفه في 24 أيار 2018، لتشكيل هذه الحكومة. وكانت المناكفات والعراقيل سيدة الموقف خلال فترة التكليف.

بدأت العلاقة تسوء بشكل مفضوح بين الحريري وعون وباسيل في صيف 2019، حتى انفجرت عشية 17 تشرين الأول على وقع ثورة تشرين، فاستقالت في 29 تشرين الاول بقرار فردي من الحريري، وانكسرت الجرة نهائياً بينه وبين العهد.
لم يستطع من بعدها أن يعود الحريري الى الحكم، فكان باسيل في المرصاد دائماً على قاعدة، "انا وسعد أو الاثنين لا"، وكان حينها بدأ الحريري اشتراط تشكيل حكومة تكنوقراط، فكان المعيار بنظر الفريق المقابل لا ينطبق عليه، ففشل بتشكيل الحكومة في العام 2021 رغم أنه هو من طرح نفسه لتشكيل الحكومة في مقابلة تلفزيونية في برنامج "صار الوقت" عبر شاشة mtv. لكن أبواب القصر الجمهوري لم تكن مسهّلة له أبداً وكان الاعتذار.
اتخذ الخلاف بين الحريري وعون وباسيل الطابع الشخصي، وكان فشله في تشكيل هذه الحكومة بمثابة الطلاق الماروني بين الفريقين. حتى جاء قرار الحريري الأخير بعدم المشاركة في انتخابات 2022 والابتعاد عن العمل السياسي، أقلّه حتى انتهاء عهد عون.

وفي الأسبوع الأخير لعهد عون، يبدو السؤال مشروعاً: هل سيعود الحريري ما بعد صباح الأول من تشرين الثاني الى لبنان وفتح بيته السياسي؟ أم أن الطلاق الماروني سيسري ايضا على وجوده في الحياة السياسية اللبنانية بالكامل؟