Advertise here

قناة النيل الملاحية أكبر المشاريع الواعدة على المستوى الدولي

19 تشرين الأول 2022 08:12:59

مشروع إنشاء قناة ملاحية صالحة لسير السفن التجارية على طول نهر النيل من بحيرة فكتوريا حتى البحر الأبيض المتوسط؛ فكرة تبنتها القمة الأفريقية عام 2013، وبدأ التواصل بشأنها منذ العام 2015، خصوصاً مع الدول الأفريقية الحبيسة التي لا تتصل بمياه المحيطات والبحار.

 

وقد تحركت مكاتب الدراسات الفنية المختصة بالتعاون بين وزارة الموارد المائية والري المصرية والشركة العالمية للمياه في أفريقيا، وبتنسيق مع دوائر البنك الدولي الذي أعطى موافقة مبدئية على إمكان المساهمة في تمويل المشروع.

 

القناة الملاحية لنهر النيل قد تكون من أضخم المشاريع الاستثمارية في العقد الحالي، وستساهم في خدمة 80 في المئة من تجارة الدول المُشاطئة لمجاري نهر النيل، وهي بوروندي وروندا وكينيا وتنزانيا والكونغو وأوغندا وجنوب السودان والسودان وإثيوبيا وإريتريا ومصر. والمشروع يمتد في مرحلته الأولى على مسافة 4132 كلم تبدأ من بحيرة فكتوريا حتى الإسكندرية على شاطئ البحر الأبيض المتوسط. وتقدر كلفة هذه المرحلة بـ 12 مليار دولار أميركي، وفي مرحلته الثانية التي ستشمل الوصول الى إريتريا وإثيوبيا، يمكن أن تصل الكلفة الى 10 مليارات دولار، بما فيها تمديد طريق بري سريع وسكة حديد حديثة الى جانب القناة، كذلك توصيل خطوط كهربائية وأنترنت من البحر المتوسط الى وسط أفريقيا.

 

ولعلَّ أبرز ما في المشروع أنه يلحظ إنشاء قناة تربط بين نهر الكونغو الغزير والعذب، وبين مجرى نهر النيل، وستزيد هذه القناة على مياه النيل ما يقارب 1500 مليار متر مكعب سنوياً، وستكون مصر المستفيدة الأولى من هذه الزيادة، لأنها تعتمد على النيل بما يزيد على 96 في المئة من حاجاتها للمياه، وستستفيد الكونغو الديموقراطية ايضاً من رسوم تدفع لها مقابل هذه الكميات من المياه التي تذهب هدراً. كما يحلظ التخطيط وصول دول حبيسة الى مجرى القناة الملاحية، خصوصاً روندا وبوروندي والكونغو، وتوسعة الممرات التي انشأتها بريطانيا عام 1913 لربط بحر الغزال بنهر الجبل لزيادة ضخ المياه في النيل جنوب السودان، ومن ثمَّ وصله مع بحر العرب (أو نهر كير).

 

المهمة الشاقة بدأت بخطوات تنفيذية جادة من خلال الاجتماعات التي عقدها وزير الموارد المائية والري المصري الدكتور هاني سويلم مطلع أيلول (سبتمبر) مع الكسي سيما لابي المدير التنفيذي للشركة العالمية للمياه في أفريقيا، ومع ممثلين عن البنك الدولي، ومع وزير المياه التنزاني، إضافة الى لقاءات عقدها مع ممثلين عن الحكومتين الفنلندية والهولندية حضروا فعاليات الأسبوع العالمي للمياه الذي عقد في القاهرة. ومن المؤشرات على جدية البدء بالخطوات التنفيذية للمشروع؛ إدراجه على جدول أعمال قمة المناخ التي ستعقد في شرم الشيخ في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) القادم.

 

ممثلو البنك الدولي أشاروا الى أن البنك يدرس جدياً المساهمة في تمويل الممر الملاحي، كونه يرفع من منسوب التنمية المستدامة لشعوب دول حوض النيل، ويزيد من مستوى التعاون بين الدول الأفريقية، وهو مشروع عصري يساهم في بناء الرخاء الاقتصادي.

 

تحريك المسار التنفيذي لقناة النيل الملاحية لا يعني أن العقبات أمام المشروع قد ذُللت بكاملها، فهناك معوقات قانونية ومحلية وازنة ما زالت تحتاج لجهود كبيرة لتذليلها، وأهمها تعديل اتفاقية العام 1929 واتفاقية العام 1959 اللتين تنظمان الاستفادة من مياه النيل.

 

وبطبيعة الحال فإن اتفاقية دولية جديدة يحتاجها المشروع، لتلحظ كل الجوانب المالية واللوجستية والأمنية، بما في ذلك حجم مساهمة الدول المستفيدة في المشروع، والرسوم التي ستدفع مقابل المرور والربط الكهربائي، وأثمان المياه الإضافية التي ستضخ في مجرى النهر.

 

ومن المعروف أن تباينات سياسية كبيرة موجودة بين الدول المُشاطئة، منها ما يتعلق بحصص الإستفادة، ومنها له خلفيات عقائدية او جهوية.

وقد برزت الاعتراضات القبلية على السطح في المدة الأخيرة، لأن القناة الملاحية ستغير في نمطية حياة العديد من السكان المحليين، خصوصاً في دول وسط أفريقيا، لأن عدداً كبيراً من هؤلاء يعتمدون في معيشتهم على النقل البري، وعلى التجارة التقليدية، وإنشاء القناة سيصيب مصالحهم بالضرر، بحيث ستعتمد الحركة التجارية لاحقاً على أساليب أكثر تطوراً، خصوصاً الخارجية منها، كما أن النقل البري التقليدي عبر الشاحنات والقوافل، سيتحول الى اعتماد عبارات النقل النهري الكبيرة، بما في ذلك بين الدول المُشاطئة لنهر النيل.

 

الفوائد المالية لمشروع قناة النيل الملاحية؛ لا تقدر بإرقام، وهي ستغير مجرى الحياة الاقتصادية لوسط القارة الأفريقية وشرقها برمتها، كما أنها ستدفع قدماً بالتجارة العالمية، كون مصبّ القناة يقع على البحر الأبيض المتوسط وقريباً من قناة السويس.