أسابيع قليلة تفصل رئيس الجمهورية ميشال عون عن مغادرة قصر بعبدا والعودة إلى الرابية، فيحين موعد الفراغ المتوقّع والذي سلّم به الجميع إلى أن يُفرج عن الحلحلة بضوء خارجي وتوافق داخلي. ومن المرتقب أن تطول فترة الفراغ في ظل التعقيد المحلي والإقليمي، وما هي عرقلة ملف ترسيم الحدود إلّا خير دليل على أن موعد الحلول لم يحن بعد.
عقد مجلس النواب جلسةً انتخابيةً أولى قبل أسبوعين، وكانت بمثابة "بروفا" وجس نبض، فكانت الورقة البيضاء سيدة الموقف، فيما كان ميشال معوّض نجم الجلسة، على اعتبار أنّه كان المرشّح الأكثر جدّية بين الأسماء المطروحة، وثمّة عمل نيابي على جمع أطراف المعارضة حوله كخيار للرئاسة، لكنّه ليس الخيار الأخير للأحزاب التي تبنّت ترشيحه.
وعاد رئيس مجلس النواب نبيه برّي ودعا إلى جلسة أخرى بتاريخ 13 تشرين الثاني، ولا تخلو الدعوة من الرسائل السياسية التي يوجّهها برّي إلى رئيس تكتّل "لبنان القوي" النائب جبران باسيل، لأن الدعوة تتزامن مع إحيار التيار "الوطني الحر" لذكرى 13 تشرين. ومن غير المتوقع أن تشهد الجلسة مفاجآت غير محسوبة، وقد لا يكتمل النصاب فيها أساساً مع تغيّب نواب التيار وبعض المتضامنين، أما وفي حال عُقدت، فستكون الورقة البيضاء سيدة الموقف أيضاً في ظل عدم اتفاق فريق 8 آذار على مرشّح بعد.
إلى ذلك، تبرز كتلة "الاعتدال الوطني" التي من المرتقب أن يكون لها دورها في الاستحقاق في حال استمر انقسام مجلس النواب عمودياً بين الأحزاب والنواب السياديين من جهة، وفريق 8 آذار من جهة أخرى، خصوصاً وأن أي من الأطراف غير قادر على تحقيق الأكثرية دون التحالف مع نواب مستقلّين. لم تحدّد الكتلة مرشّحها بعد، وصوّتت لـ"لبنان" في الجلسة الأخيرة، لكنها تعقد اجتماعات مع الأحزاب السيادية، كان آخرها مع "الكتائب" و"القوات" في محاولة للاتفاق على مرشّح مشترك.
في هذا السياق، كان ثمّة حديث عن إحتمال أن تعطي الكتلة أصواتها لسليمان فرنجية، على اعتبار أنها تضم بعض قُدامى كتلة "المستقبل" التي كانت قد دعمت ترشيح الأول في الاستحقاق الماضي، فيما تُحاول الأحزاب السيادية جذب التكتّل إلى جهتها للتصويت إلى ميشال معوّض. إلّا أن خيارها سيكون التصويب لـ"لبنان" في الجلسة المقبلة أيضاً، وفق معلومات "الأنباء".
من جهته، يُشير النائب وليد البعريني إلى أنه "في حال حصد فرنجية الاجماع المطلوب، قد نصوّت له، لكنّنا لن ندعم ترشيحه دون أن يحظى بالتوافق الداخلي والغطاء العربي - الدولي، وكذلك الأمر بالنسبة لمعوّض الذي اصطف ضمن اصطفاف معيّن".
وفي حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، كشف البعريني أن "التكتّل يعمل على خط متواز مع العمل الدائر في الساحة اللبنانية، وهو يبحث في طرح أسماء جديدة خارج البازار الانتخابي، ويتواصل مع كافة الأطراف لوضعها في أجواء مبادرته الممكنة بهدف حشد أكبر عدد من النواب، وحتى الآن، ثمّة قبول وانسجام بالأفكار، لكن الطريق لا زال طويلاً".
وختاماً، توقّع البعريني أن تطول فترة الفراغ "كثيراً"، وذلك بحكم غياب التوافق.