Advertise here

مخيم الريحانية: الكوليرا لن تنحسر قريباً

08 تشرين الأول 2022 08:22:06

يصعب نصح سكان مخيم الريحانية بالتفاؤل بإمكان التخلّص سريعاً من الكوليرا، إلا إذا تحرّك المسؤولون جدياً لمعالجة الظروف غير الإنسانية التي يعيش فيها النازحون. النظافة والمياه النظيفة هما العلاج، الذي يبدو مستحيلاً في مكان يعاد فيه تدوير المياه لاستخدامها لأكثر من سبب وسبب
رغم طغيان مظاهر الفقر على مخيّم الريحانية، إلا أنّها ليست أوّل ما يلفت نظر زائره أمس. الخيم المتلاصقة، والتي تفصل بينها ممرات ضيقة، تكاد تغرق بالمياه الآسنة. ولدى السؤال عن مصدرها، يتبيّن أن الأهالي ينظفون الخيم «عم نشطف، لكننا نحتاج إلى مطهرات وأدوية تعقيم لمواجهة انتشار الكوليرا». هنا، لا بنى تحتية، ولا شبكات صرف صحي كما لا توجد شبكات لنقل المياه النظيفة. حتى خزانات المياه المخصصة لاستعمال المياه النظيفة يظهر عليها اللون الأخضر وتكسوها الحشائش بالإضافة إلى أنها مكشوفة. كلّ ما في المخيم يؤكد أن الكوليرا، التي ظهرت أولى الحالات فيه، لن تنحسر قريباً.

أزمة مياه
تنجم الكوليرا بسبب غياب النظافة الشخصية، نتيجة الشحّ في مياه الشرب، أو في حالة اختلاط مياه الصرف الصحي مع غياب شبكات التصريف، وغالباً ما يكون سببه تناول أطعمة أو مياه ملوثة، ما يؤدي إلى حالات إسهال وتقيؤ.
كل هذه الأسباب مجتمعة في مخيمات النازحين السوريين. يروي أحمد (37 سنة) عن المشكلات التي يعانيها قاطنو مخيم الريحانية، بدءاً من نقص مياه الشرب ومياه الاستعمال «فنضطر لإعادة تكرير المياه بطرق بدائية. نصفّيها عبر قطع قماش وما شابه من عمليات التقطير، ونعيد استعمالها في مجالات الغسيل والاستعمال الشخصي، وحتى أننا نعيد استعمالها لإعادة غسل الثياب وتنظيفها». ويشير أحد قاطني المخيم إلى أن الأمم المتحدة كانت قد وزّعت جداول للحصول على المياه عبر خزّانات المياه، وأعطت لكلّ عائلة حق الاستفادة من وصل مياه أسبوعياً، لا يلبي حاجات العائلات خصوصاً الكبيرة منها والتي يتخطى عدد أفرادها الستة أشخاص.
تخوّف من ازدياد الحالات
الحالة الأولى التي سُجّلت تعود إلى خالد.ع. (51 سنة)، الذي كان في زيارة إلى أقربائه في سوريا، وبعد عودته بأيام ظهرت عليه عوارض المرض وجرى نقله إلى مستشفى حلبا الحكومي، حيث أكد مصدر طبي أن «حالة المريض مستقرة، يعاني من حالة تهريب للمياه من الجسم وهو يحتاج إلى عناية طبية للحدّ من فقدان المياه». وفيما يتداول الأهالي خبراً عن حالة وفاة لطفل يبلغ من العمر سبع سنوات، لم تصدر أيّ معلومات طبية تؤكد وفاته بالكوليرا. وفي مخيم السمونية في عكار، بدأت تنتشر أخبار عن حالات تقيؤ وإسهال، وهي تخضع للفحوصات اللازمة في مستشفى حلبا الحكومي.

بلدية ببنين: التوعية
المخيم الذي شيد في ضواحي منطقة ببنين عام 2010، على مساحة 15 ألف متر مربع، تابع لسلطة الأمم المتحدة، يوجد بداخله قرابة الـ 400 خيمة، ويقطنه حوالي 1600 شخص ممن يحملون الجنسية السورية ويتلقى خدماته عبر منظمة الأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية. صحيح أن الامتداد الجغرافي للمخيم هو مع منطقة ببنين، إلا أنه يتبع عقارياً منطقة بحنين في قضاء المنية- الضنية، بالتالي لا سلطة لبلدية ببنين عليه، «لكن ذلك لا يمنعنا من التعاون مع كافة الجهات الرسمية المختصة للحد من انتشار المرض» يقول رئيس بلدية ببنين، الدكتور كفاح الكسار.
وفيما يحرص على التوضيح أن الحالة المسجلة «وصلت من سوريا حديثاً وليست محلية»، يسلّم بأن القدرة على اتخاذ إجراءات للوقاية لا تتجاوز حملات التوعية، «فالمعروف عن المرض أنه لا ينتقل عبر المخالطة المباشرة بل عبر فضلات الإنسان أو تكرار استعمال المياه الآسنة». وانتقد الكسار إعلان وزارة الصحة عن أولى حالات الكوليرا، «إذا ستكون له تبعات خطيرة على القطاع الطبي أولاً، خصوصاً أننا في موسم الالتهابات المعوية والتي غالباً ما تؤدي الإسهالات والاستفراغ طبيعي، بالإضافة إلى إمكانية زيادة التأزّم في العلاقة بين اللاجئين السوريين وسكان المناطق».

خطة استباقية
بعض المنظمات التي تعنى بشؤون اللاجئين السوريين، وبعض البلديات، كانت قد أعدّت خطة استباقية لمواجهة حالات الكوليرا. وتوقعت الخطة أن تكون مناطق عكار- طرابلس ومعهما البقاع والهرمل الأكثر عرضة لانتشار الكوليرا. وترتكز الدراسة على التجمعات المكتظة في هذه المناطق، حيث يقطن 40% من اللاجئين في المخيـمات أو مواقع وورش البناء (المرائب والمستودعات، وما إلى ذلك). ومن المؤكد أن حالات المرض لن تقتصر على اللاجئين السوريين فحسب، بل ستتعدّاها إلى المواطنين اللبنانيين نظراً لعمليات الاحتكاك شبه اليومي بينهم.
يذكر أن عدد مخيمات اللاجئين السوريين في عكار يتخطى الـ15، يقطنها قرابة 103873. أما اللاجئون ممن يقطنون البيوت فيبلغ عددهم 24137، فيما تشكل التجمّعات الكبرى في (العماير 11736، حلبا 6.675، ببنين6291 لاجئاً، و7059 في المحمرا) وفق الأرقام المسجلة لدى منظمة الأمم المتحدة.