Advertise here

حجر الانتخابات الإسرائيلية يصيب اتفاق الترسيم.. والحرب منبوذة

08 تشرين الأول 2022 07:28:22 - آخر تحديث: 08 تشرين الأول 2022 08:11:45

لا يبدو حتى الآن أن كل التصعيد الإسرائيلي إزاء اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان، هدفه الإطاحة بالاتفاق كله. ولا نية للذهاب إلى التصعيد العسكري. فرفض "الملاحظات" اللبنانية هو عادة إسرائيلية، من شأنها إما تحسين الشروط أو تجويف مضمون الاتفاق. الأكيد أن هناك قراراً أميركياً على مستوى عالٍ يوجب إنجاز هذا الملف لاعتبارات متعددة. "الملاحظات" اللبنانية والرفض الإسرائيلي سرّع من عملية التفاوض عبر الوسيط آموس هوكتشاين، الذي بقي على تواصل مستمر مع جميع الأطراف، هو شخصياً وفريق عمله، من خلال اتصالات هاتفية واجتماعات افتراضية، للوصول إلى مخرج وإيجاد الصيغة الملائمة.

الأبواب المفتوحة
في كل الاتفاقيات التي أبرمها الإسرائيليون يلجؤون إلى أدق التفاصيل، ويبحثون في النقاط التفصيلية وكيفية تفسيرها. وهذا يمكن أن يتضح من خلال إلقاء نظرة على مسار المفاوضات الإسرائيلية في كامب ديفيد، مثل التفاصيل حول سيناء، وحول القرارات الدولية .وهم يصرون على محاولة تجويف هذه الاتفاقيات أو العناوين الكبيرة. وهو ما حصل أيضاً في اتفاق وادي عربة، وحتى أوسلو. وهذا ينطبق على مسار التفاوض مع لبنان. ولنا في ذلك مثال واضح، أن اسرائيل في البداية كانت تطالب بخط العوامات كمنطقة أمنية خاضعة لسيادتها، كما أنها ترفض الإقرار بنقطة B1 كمنطلق لترسيم الحدود البرية اللبنانية. في المقابل، رفض لبنان هذه النقطة وأصر على أن تكون تلك المنطقة الأمنية خاضعة للسيادة اللبنانية، ويمكن إيجاد مخرج ملائم لها من خلال توسيع صلاحيات قوات اليونيفيل لتصبح هي المسيطرة والضامنة للاستقرار فيها. فيما بعد، فضّل لبنان سحب هذا البند من الاتفاق وترك تلك المنطقة معلّقة، وهذا من شأنه أن يبقي إشكالية مؤجلة قد يُستضعف الموقف اللبناني بموجبها.

ولنفترض أن ثمة قراراً كبيراً متخذ على صعيد الأميركيين بضرورة إبرام الإتفاق، فإن الأبواب ستبقى مفتوحة ولن تغلق بشكل كامل، فيما تكون المشاكل التقنية والتفصيلية في سياق المساحة التكتيكية المتاحة، والتي لا يفترض أن تؤدي إلى الإطاحة بالاتفاق ككل أو بالمفاوضات. وهذا مبني على قرار أميركي واضح ومساع مستمرة للوصول إلى الاتفاق، وسط ضغوط تمارسها واشنطن لإبرام الصفقة قبل الانتخابات الإسرائيلية، لأن لا شيء مضمون بعدها.
تريد واشنطن تحقيق أهدافها، ولو اقتضى ذلك الخروج بموقف علني يشيرون فيه إلى أن الحق مع لبنان في ملاحظاته، وإدراجها في خانة تحسين الشروط، إلا أن التجويف الضمني سيكون هو القائم. وقد أضعف لبنان موقفه عندما أشار إلى أن الملاحظات التي تم تقديمها ليست جوهرية، ولا تؤثر على الاتفاق ككل. هذا بحد ذاته ضعف لا بد أن يستغل من قبل الآخرين، والاتجاه إلى الجانب الشكلي في المعالجة.

هدفان أميركيان
هناك اصرار أميركي على إنجاز الاتفاق لهدفين أساسيين، الأول هو الانتخابات النصفية، والثاني هو دعم يائير لابيد ليستفيد انتخابياً من هذا الاتفاق واستثماره. فبالنسبة إلى الهدف الأول، يريد الديموقراطيون تحقيق إنجاز على صعيد الوضع في منطقة الشرق الأوسط لاستثماره انتخابياً، خصوصاً أن استطلاعات الرأي تشير إلى تراجعهم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى لابيد الذي يتمسك الأميركيون في دعمه كي يفوز في الانتخابات بدلاً من فوز نتنياهو.
من هنا، فإن كل التهديدات الإسرائيلية والتلويح العسكري يندرج في سياق الاستعراض ضمن اللعبة الانتخابية، فلا عسكرياً هناك جهوزية ولا حتى شعبياً. وهذا أيضاً ما لا يريده لبنان، لذلك لا بد من البحث عن عملية الإخراج التي سيتولاها الأميركيون وستكون مرتبطة بالتوقيت فقط.

ليس من مصلحة الإيراني التصعيد في ظل كل التطورات الإقليمية والدولية. طهران من مصلحتها التقارب مع واشنطن، خصوصاً بعد قرار أوبك بلس بخفض نسبة إنتاج النفط، وفي ظل توتر العلاقات السعودية الأميركية، والتي تشمل اليمن. إذ يحمل السعوديون الأميركيين مسؤولية عدم الدفع في اتجاه تجديد الهدنة باليمن. لذلك، لا تريد طهران الذهاب إلى أي تصعيد من شأنه أن يزيد الضغوط عليها، أو يقفل أبواب التفاوض. وهذا لا بد أن ينعكس بشكل مباشر على لبنان.