Advertise here

منظار رئاسة الحكومة إيجابيّ للترسيم وتفاؤل بالحقل التاسع

03 تشرين الأول 2022 07:15:00

لا تلغي الانطباعات الايجابية التي أكّدتها مقار رئاسية وجهات سياسية حيال الوصول إلى خواتيم نهائية في ملف ترسيم الحدود الجنوبية البحرية بعد تسلّم الرسالة الخطية المتضمنة مقترحات الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، بعض الحذر القائم لدى أوساط رسمية لا تريد الاستخفاف بأي "مطبّ ممكن" مهما بدا غير مرجّح أو غير منقشع. ويعود السبب المؤدّي إلى تجنّب مراجع محليّة الإغداق في نفحات التهنئة والطقوس الاحتفالية، في قراءة الواقع الاقليمي الذي لا يعكس الاطمئنان الكامل للاعتبارات التي تسعى إليها إيران وسط واقعها المفاوضاتيّ، وما إذا كانت ستحتكم إلى الورقة اللبنانية كوسيلة ضغط، رغم أن ذلك لا يعتبر مؤكداً لاعتبارات أن الترسيم يريح أذرعها لبنانياً وسط الانتكاسات التي تظهّرت بعد سيطرتها على البلاد. وكذلك، لا يغفل رسميون لبنانيون ضرورة قراءة الصورة الاسرائيلية بكامل تفاصيلها، لمعرفة مدى القدرة على التسليم بأكل العنب على الصعيد اللبناني قريباً. وتعكس هذه الانطباعات الحذرة المنبثقة من أوساط سياسية، والتي لا تخلو بدورها من نفحات ايجابية غير متكاملة، ضرورة التنبّه إلى اللحظات الأخيرة حتى خلال التعبير عن "احتفالية" تصاريح بدت واضحة في الساعات الماضية بأنها تتجه نحو التلويح بقطاف لبنان البحري، وهذا ما دونه محاذير مهما بدت غير ظاهرة بوضوح أو غير منقشعة بشكل مباشر أو سريع.

وفي الغضون، كان لوحظ أن رئاسة الحكومة اعتمدت أسلوباً مغايراً عن السياق التعبيريّ الذي تصدّر أجواء الرئاستين الأولى والثانية، فغابت عن التلويح بدخول زمن التنقيب اللبناني عن النفط رغم تأكيدها على الايجابيات المنبثقة من الورقة. وعُلم أن اهتمامات الرئاسة الثالثة انصبّت أولاً على دراسة المسودة الخطية بكامل جوانبها، من خلال الفريق التقني الخاص بالرئيس نجيب ميقاتي. وبحسب المعطيات التي تشير إليها أوساط رئاسة الحكومة لـ"النهار، فإن الرئيس ميقاتي احتكم إلى التمهّل قبل إبدائه انطباعاً أوليّاً حول الرسالة الخطية المتضمنة الاقتراحات المتعلقة بترسيم الحدود البرية الجنوبية. وهو فضّل عدم التعبير قبل دراسة معطى مؤلف من 10 صفحات مكتوبة باللغة الانكليزية، مع الاشارة إلى أنه اتضح لديه اتخاذ المسوّدة بالمسلّمات الأساسية التي كان طلبها لبنان. وسلّم ميقاتي المقترح إلى فريق عمله التقني الذي وضع بعض الملاحظات حول مسائل تفصيلية، تلفت أجواؤه إلى أنها لا تؤثر على اتفاق الترسيم. ويتطلع ميقاتي إلى الترسيم البحري من منظار إيجابي لتسهيل مهمّة استخراج الغاز. فماذا في الاستنتاجات الأساسية المتكوّنة لدى رئاسة الحكومة بعد استطلاع مضامين الورقة الخطية والاطلاع على تفاصيلها؟

أولاً، تتمثل النقطة الأكثر أهمية في التوصل إلى ايجابيات نهائية حول الترسيم، في وقت كان يُعتبر اندلاع الحرب البديل عن إنجاز الاتفاق. وبمعنى أوضح، يشكّل الترسيم عبارة مضادة ومناقضة لمصطلح الحرب في حال بدأت المناورات فوق حقل "كاريش" خلال بدء استخراج موارده. وتالياً، يتمثل المكسب الايجابي الأول الذي تحقق عبر الاتفاق في تجنّب تداعيات أي حرب محتملة كانت لتكون انعكاساتها مؤلمة وكبرى على لبنان.

ثانياً، تعبّر أوساط رئاسة الحكومة عن معطيات بنّاءة وتفاؤلية لناحية المكسب المحقّق لجهة معطيات مشيرة إلى اقتراب موعد شركة "توتال" وحلفائها التنقيب في الحقل رقم (9) الواعد بمؤشر غنيّ وكميات كبيرة من الغاز، بحسب تقارير اطلع عليها رئيس الحكومة من خلال المديرية العامة للنفط.

ثالثاً، تعوّل رئاسة الحكومة على مكسب لبنانيّ يعكسه اتفاق الترسيم على صعيد تنقية الأجواء المحلية المساعدة على تعزيز فرص التوصل إلى اتفاق سريع مع صندوق النقد الدولي خلال المرحلة المقبلة، مع الاشارة إلى أن الترسيم لا يلغي المسار المطلوب مع صندوق النقد بل يؤكد عليه.

رابعاً، رفعت أجواء اتفاق الترسيم أسهم الحديث عن إعادة استنهاض استحقاق رئاسة الجمهورية في المجالس السياسية، في وقت قالت مصادر رسمية عند سؤالها عن أي تطورات حكومية مقبلة إنه قد لا يكون ثمة لزوم للحديث عن تأليف فريق وزاري جديد، إذ يفترض أن يعيد اتفاق الترسيم معطى انتخابات رئاسة الجمهورية إلى الواجهة في غضون الأسابيع المقبلة كمسألة يرجّح أن تكون أكثر تقدّماً من البورصة الحكومية. وفي المقابل، تعتبر الأوساط الحكومية أن رئيس الحكومة مستمر في مساعيه لتشكيل الفريق الوزاري الجديد واستكمال البحث مع رئيس الجمهورية والنقاش في هذا الملف، متمنياً على الآخرين ملاقاته في هذا المسعى وعدم العرقلة مرة جديدة على غرار ما كان حصل في جولات  تشاورية سابقة.

في المحصلة، وعلى الرغم من ترجيح البعض بروز مستجدات متعلقة بالمعطى الحكومي في الأيام المقبلة، إلا أن المسألة تحتاج تحريكاً في الرمال الراكدة لناحية أكثر من عقدة لم تصل إلى حلّ حولها؛ بما يشمل نوعية الوزراء وعددهم بالدرجة الأولى، والأسماء المقترحة بالدرجة الثانية التي لا توافق حول بعضها.