Advertise here

عهود ما بعد الطائف بين الوصاية وثورة 14 أذار.. اغتيالات سياسية وتوترات وحروب خارج الحدود وصولاً الى الانهيار

02 تشرين الأول 2022 19:41:02

على أبواب انتهاء عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، وفي سياق عرضنا للعهود السابقة والأحداث التي ميّزتها، نستكمل في هذا المقال سرد بعض ما حصل في العهود التي تلت اتفاق الطائف والحرب الأهلية.

رينية معوّض 1989
بعد انتهاء الحرب وإقرار اتفاق الطائف في السعودية، الذي بموجبه تم تعديل الدستور، اجتمع مجلس النواب وانتخب رينيه معوّض رئيساً للجمهورية في العام 1989. إلّا أن معوّض لم يصمد في موقع الرئاسة الأولى، واغتيل بعد أيام قليلة في الثاني والعشرين من تشرين الثاني، يوم عيد الاستقلال، بعد انتهاء استقباله المهنّئين. وتم توجيه أصابع الاتهام إلى النظام السوري حينها.

الياس الهراوي 1989 - 1998
بعد اغتيال معوّض، تم انتخاب الياس الهراوي رئيساً. شهد عهده انهيار العملة الوطنية التي كانت قد تكبّدت الخسائر إثر الحرب، فاستقال على الإثر رئيس الحكومة آنذاك عمر كرامي، لتتم تسمية الرئيس رفيق الحريري، ويبدأ معه لبنان صفحة جديدة.

مع وصول الشهيد الحريري إلى السراي الحكومي، بدأت رحلة إعادة الإعمار في لبنان والنهوض بالاقتصاد، خصوصاً وأن مهمة الحريري في لبنان كانت مدعومة من قبل الخليج العربي، والسعودية بشكل خاص، فضخّت هذه الدول مبالغ كبيرة في سبيل إنقاذ الاقتصاد اللبناني، وهذا ما حصل مع تثبيت سعر صرف العملة وإعادة بناء ما تدمّر، في بيروت بشكل خاص.

شهد عهد الهراوي التمديد الأول في تاريخ الجمهورية اللبنانية، إذ تم تمديد ولايته لثلاث سنوات، وأقر المجلس النيابي قانون التعديل الدستوري بتمديد ولايته في تشرين الأول عام 1995 بأكثرية 110 أصوات ومعارضة أحد عشر نائباً وغياب سبعة.

في عهده، كان للنظام السوري سلطةٌ واسعة في لبنان من خلال نظام الوصاية الذي كان يعيشه البلد.

إميل لحّود 1998 - 2007
في العام 1998، انتهى عهد الهراوي، وتم انتخاب إميل لحود، قائد الجيش آنذاك، لموقع رئاسة الجمهورية. عُرف لحّود بقربه الوثيق من النظام السوري، وكانت لدمشق اليد الطولى في كل مفاصل الدولة. 

في عهد لحود، انطلقت حركة سيادية في البلد تنادي بالانسحاب السوري من لبنان، بدأت مع نداء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من مجلس النواب لإعادة انتشار القوات السورية في لبنان، وذلك من خلال انسحابها إلى البقاع في خطوة أولى، لتعود إلى سوريا في ما بعد. واستُكمل النشاط السياسي مع نداء المطارنة الموارنة الذي طالب بالانسحاب السوري، وترافق ذلك مع تحرّكات شعبية وطلابية.

كما شهد عهده الانتخابات النيابية الأشهر في العام 2000، حينما تحالف جنبلاط مع الحريري ووصلا بكتل نيابية وازنة إلى مجلس النواب، رغم عمل النظام السوري على إسقاطهما نسبةً لموقعهما في المعارضة.

في عهده أيضاً، بدأ مسلسل الاغتيالات الذي وقف خلفه النظام السوري. العملية الأولى حصلت في العام 2004، مع محاولة اغتيال النائب مروان حمادة، وكان التفحير رسالة إلى جنبلاط والحريري بسبب سياستهما المعارضة للنظام. وفي العام 2005، وقع الزلزال الأكبر مع اغتيال الحريري الأب، وتوالت الانفجارات فاستهدفت قيادات ثورة الأرز.

على إثر اغتيال الحريري، انطلقت تظاهرات شعبية، وتكرّر المشهد في التظاهرة الأضخم بعد شهر على الانفجار، فكانت 14 آذار، والنضال السياسي لمنع التمديد الثاني، بعدما حصل الأول في العام 2004، فانتهى عهده في العام 2007.

كما شهد عهده حرب تموز في العام 2006 بين حزب الله وإسرائيل.

ميشال سليمان 2008 - 2014
بعد انتهاء عهد لحود، وقعت البلاد في الفراغ، وتأزّم المشهد السياسي مع إغلاق فريق 8 آذار والتيار الوطني الحر لمنطقة وسط بيروت، ووصل التعقيد إلى ذروته مع اندلاع اشتباكات 7 أيار.

توجّه القادة السياسيون إلى الدوحة القطرية حينها، وعقدوا جلسات وتم الخلوص إلى اتفاق الدوحة، الذي جاء بقائد الجيش ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وأقر أعراف وبدع، كالثلث المعطّل.

في عهد سليمان، انخفض منسوب التوتر وتراجع الانقسام العمودي في البلد مع تراجع وهج جبهتي 8 و14 آذار. كما شهد عهده انتخابات نيابية حقّقت فيها القوى السيادية انتصاراً واسعاً.

إلّا أن اندلاع الثورة السورية عكّر الاستقرار النسبي الذي شهده لبنان في ذلك الحين، فعادت لغة السلاح إلى طرابلس مع جولات اشتباكات بين التبانة وجبل محسن، وإلى بيروت مع اشتباكات الطريق الجديدة والضاحية الجنوبية، ولغة العبوات مع انفجارات الضاحية، والتوتر في الشارع.

شهد عهده التدخّل المباشر الأول لحزب الله خارج الحدود اللبنانية مع توجّه عناصره إلى سوريا للمشاركة في الحرب إلى جانب قوات النظام. ارتد ذلك سلباً على لبنان، فطالب سياسيون الحزب بالانسحاب بسبب النتائج المدمرة التي قد يحصدها تدخّله، كما عُقدت سلسلة لقاءات في قصر بعبدا برئاسة سليمان، خلصت إلى إعلان وثيقة بعبدا التي تنص على النأي بالنفس، لكن الحزب لم يلتزم بها واستمرت عملياته خارج الحدود.

كان من المفترض أن تجري انتخابات نيابية في العام 2013، إلّا أن الظروف الأمنية والسياسية لم تسمح بإجراء الاستحقاق فمدّد المجلس النيابي لنفسه أكثر من مرّة، واستمر مجلس العام 2009 حتى العام 2018.

ساد التوتر باقي فترة العهد. انسحب الحريري من المشهد السياسي ورحل إلى فرنسا، ووصل في ذلك الحين كل من الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام إلى رئاسة الحكومة، لكن التأزم استمر بسبب الحرب السورية.

ميشال عون 2016 - 2022
انتهى عهد سليمان في العام 2014، وغادر قصر بعبدا فاسحاً المجال للفراغ مجدّداً. عاشت البلاد فترة سنتين من الفراغ في ظل حكومة تصريف أعمال يرأسها سلام، بسبب تعنّت فريق حزب الله والتيار الوطني الحر لإيصال عون إلى سدّة الرئاسة، فتخلّفوا عن حضور عشرات الجلسات التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي، حتى تمت التسويات السياسية التي قضت بانتخاب عون.

في عهده، حصلت أول انتخابات نيابية منذ العام 2009، وأول انتخابات وفق القانون النسبي المعدّل بعدما كان القانون الأكثري معتمداً طيلة العقود السابقة. حصل فريق 8 آذار والتيار الوطني الحر على الأكثرية النيابية.

شهد عهد عون معارك ضارية بين موقعي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، وبين شخصي عون والحريري، رغم مساهمة الأخير في ايصال عون الى الرئاسة، حول آليات تشكيل الحكومة ما أدى إلى اعتذار الحريري عن تأليف الحكومة الرابعة في عهد عون. ترأس الحريري أول حكومتين في العهد، قبل الانتخابات وبعدها، قبل أن يستقيل على وقع تظاهرات 19 تشرين، وتنكسر الجرّة بينه وبين عون والتيار.

كما شهد عهده انفجار مرفأ بيروت، الذي راح ضحيته أكثر من 210 ضحية، إضافة إلى آلاف الجرحى والمتضرّرين. 

إلى ذلك، اندلعت انتفاضة 17 تشرين الشعبية على إثر تردّي الأوضاع الاقتصادية، ولحق في ما بعد الانهيار الاقتصادي – المالي الكبير وسقوط مؤسسات الدولة وحلول الفوضى. كما ارتفعت نسب الفقر وانحسرت الطبقة الوسطى.

شهد عهده انتخابات نيابية ثانية، خسر بموجبها فريق 8 آذار والتيار الوطني الأكثرية النيابية، واستعادت القوى السيادية بعض مواقعها، كما وصلت أسماء جديدة إلى الندوة البرلمانية تمثّل المجتمع المدني والانتفاضة.