ألم يشبع هؤلاء من العبثيّة؟

01 تشرين الأول 2022 07:36:48

لم يكن أحد ليتوقع أن تخرج الجلسة الانتخابيّة الرئاسيّة الأولى بنتائج حاسمة من حيث إختيار الشخصيّة التي من المفترض أن تقود البلاد في السنوات الست المقبلة وأن تخرجها من المآزق الكبيرة التي أقحمها العهد الحالي فيها. قلّما كان إنتخاب الرئيس اللبناني مجرّد عمليّة إقتراع تقليدي وإسقاط الأوراق في الصندوق الشفاف.

إذا كان "الهامش" المحلي في هذا الاستحقاق آخذاً في الاتساع نتيجة قلة إكتراث معظم الدول بالحالة اللبنانيّة البائسة أو نتيجة إنشغالها بتداعيات الحرب الروسيّة - الأوكرانيّة المتصاعدة والتي تنذر بعواقب وخيمة ما لم يتم تداركها؛ فلا ضير في أن تلتقط الكتل البرلمانيّة اللحظة السياسيّة وتمسك بطرف الخيط وتثبت للبنانيين، ولو لمرة واحدة فقط، أن ثمّة إمكانيّة جديّة بإدارة الشؤون الداخليّة محليّاً.

ولكن، دعك من هذا التبسيط السياسي، إن لم يكن التسطيح لحقائق الأمور. رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة يفترض أن يكون شخصيّة تحظى بإحترام مختلف مكونات المجتمع اللبناني، بعيدة عن الخطاب الاستفزازي، قادرة على الوصل بين اللبنانيين، لا تعميق الفصل في ما بينهم.

المهم، عدم تفويت الفرصة والمناخ الذي يولد بشكل طبيعي في المهلة الدستوريّة وسرعان ما يتلاشى في حال إنقضائها من دون إنتخاب رئيس جديد. وما هو أكثر أهميّة يتمثل في سحب أوراق التخريب الدستوري الذي لوّح به تيار العهد ومن ثم لحق به رئيس الجمهوريّة الذي أدلى بموقف "مضحك" بعد إنتهاء الجلسة، داعياً إلى "إنتخاب رئيس جديد للجمهوريّة يكمل مسيرة الإصلاح ومكافحة الفساد التي بدأت منذ ست سنوات"! لا تعليق!.

إن إدخال البلاد في فوضى دستوريّة لا طائل منها، من شأنه أن يدفع نحو المزيد من التشرذم والانهيارات في كل المجالات. السجال العقيم الذي افتعل حول صلاحيّات الحكومة في حال خلو موقع الرئاسة يقدّم نموذجاً بسيطاً عن نمط التفكير المريض الذي لا يتوانى عن تخريب البلاد تحقيقاً للمصالح الخاصة والفئويّة. ألم يشبع هؤلاء من العبثيّة يا ترى؟