من يُدَرّس ابنك في المنزل؟ من يتابعه في »فروضه وتحضير دروسه»، ولدكم لم ينل المعدل وهو بحاجة لساعات دروس إضافية ولمن يتابعه ليتمكّنمن المادة، وبالتالي من النجاح.» أسئلة كثيرة يطالعك بها المسؤولون التربيون في المدارس لا سيما الخاصة، وهذا ما يطرح عدة ملاحظات ووقائع تتمثل بـ:
- المنهج الدراسي والطرق التي يتبعها المعلمون في الصفوف: تختلف طرق التدريس من مدرسة إلى أخرى في القطاع الخاص لناحية» استخدام التكنولوجيا، وسائل الإيضاح السمعية البصرية، التحفيز الذهني، تدعيم الذكاء العاطفي والاجتماعي، تدعيم أصحاب الصعوبات التعليمية وذوي الاحتياجات الخاصة»، ويشكل هذا الاختلاف الذي يتفاوت في تطبيق ما سلف ذكره بالنسب وطرائق التطبيق وفاعليتها، أحد الاسباب التي قد تؤثر على عطاءات التلاميذ ومستواهم التعليمي، وبالتالي حاجتهم للدروس الخصوصية للتقوية والنجاح.
على المنهج التعليمي وطريقة إيصاله للتلاميذ أن تكون متنوعة لا جامدة، تعتمد فيها أكثر من مقاربة، لتحاكي المستويات المعرفية لدى الكل، ولتحقق تحفيز الاهتمام والتحليل لديهم، بحيث أن مجرد سرد الدرس بطريقة تلقينية جامدة يكون سببا أساس في غياب اندماج الطلاب، وعثرة أخرى أمام ذوي الصعوبات التعلمية.
إن التلقين الحاصل في غالبية المدارس ومظاهر الحشو والتكثيف، يدفع إلى عدم قدرة الطلاب على الدرس والتحضير دون مساعدة أستاذ خاص ليعيد ما تم شرحه، وليساعدهم على على الفهم والاكتساب
- التقويم والتقييم التربوي من مرحلة إلى أخرى ومن صف إلى آخر: يرتكز التقييم في غالبية المدارس على العلامات، والامتحانات التي تجرى كل فصل أو حتى أسبوعيا. وفي حين قد تجد علامات قليلة تعطى على المشاركة أو انجاز الأبحاث، غير أن هذا الأمر يبقى خارج التأثير والاهتمام.
تهمل المدارس الحضور الذهني للتلميذ، قدرته على الابتكار، المنافسة، التحليل، التفاعل العاطفي والحسي ، الذكاء الاجتماعي... وهذا ما يجعل تقييمه من خلال علامات جامدة لامتحانات جامدة سببا من الأسباب التي تؤدي إلى تدني علامات البعض، وبالتالي توجيههم لأخذ دروس خصوصية.
أما فيما يتعلق بالتقويم، وهي مسألة في غاية الدقة فتختلف من مدرسة لأخرى. تعتمد بعض المدارس طريقة دعم التلاميذ في حصص الترفيه كالرياضة والموسيقى او الفرصة حتى، لإعطاء شرح إضافي في مادة معينة وأعمال إضافية عليها، وقد يتم اعتماد ارسال اعمال إضافية تعالج في المنزل وتعاد للتصحيح. مشكلة هذه الطريقة أنها تزيد من الضغط على الطالب وتحرمه مساحة يجدد فيها طاقته ليصبح الدرس والتقويم نوعا من القصاص. فيما تشكل الأعمال الإضافية حلا يجب مراقبته لجهة إعادة التصحيح والتنويع في طرح الأفكار والأسئلة، لئلا تصبح تلقينا دون جدوى
- الصعوبات التعليمية لدى التلاميذ ومستواهم الاكاديمي: إن عملية دمج ذوي الصعوبات التعليمية وذوي الاحتياجات الخاصة في بعض المدارس هو امر دقيق جدا. فعملية الدمج بحاجة لتأهيل المناهج وتطويعها وإغنائها بكل الوسائل المتاحة التي تقربها الى فهم هذه الفئة من الطلاب، وتمكنهم بالتالي من النجاح في الامتحانات التي بدورها يجب أن تكون مدروسة ومنظمة بما تتطلبه كل حالة. وهذا لا يتوافر في غالبية المدارس، فيعاني ذوي الصعوبات التعلمية من صعوبات مضافة لا تمكنهم بالنجاح ،فيضطرون اللجوء إلى الدروس والمتابعة الخصوصية. علما أن المدارس التي تعنى بهذه الحالات دون دمجها قليلة جدا ومكلفة.
- المستوى العلمي للاهل: هناك نسبة غير قليلة من الاهالي الغير قادرين على متابعة أو تدريس أبنائهم بعد الظهر وتنظيم درسهم للامتحانات وغيرها، وذلك لاسباب متعددة: كون الأهل غير متعلمين، وبالتالي لا يمكنهم المساعدة، مرور سنوات طويلة على تخرج الأهل من مدارسهم وجامعاتهم وعدم القدرة على تذكر المواد، العمل بدوام طويل لكل من الام والأب، وبالتالي عدم القدرة على متابعة الابناء حتى ساعات متأخرة، عدم قبول الابناء لمتابعة ذويهم والعناد الذي قد يرافق عملية التدريس والمتابعة.
سلبيات وإيجابيات
- المعاهد : تشكل معاهد التدريس إحدى الحلول التي يلجأ اليها الاهل في كل يوم بعد المدرسة، ولهذه المعاهد سلبيات وإيجابيات. من إيجابياتها أنها أقل كلفة من تخصيص أستاذ خاص، وتغطي كافة المواد فيعمد الأهل إلى اختيارها.
أما سلبياتها فكثيرة:
1- إنتقال التلاميذ من صف إلى صف، وهذا ما لا يعطي الطالب فرصة الحصول على اهتمام وتوجيه خاص
2- تغيّر الاساتذة في بعض الاحيان وعدم الاعتماد على أستاذ واحد.
3- ضياع الوقت بين أعداد التلاميذ، وبالتالي إنهاك الطالب وضياع وقته انتظارا.
4- عدم كفاءة المعلمين في المعاهد الخصوضية في كثير من الأحيان، وعدم وجود أساتذة متخصصون في المواد التي تعطى.
5- تنوع المدارس التي يأتي منها الطلاب إلى المعاهد، وبالتالي تنوع الدروس والمستويات.
- المعلمون المتخصصون وطلاب الجامعات: قد يلجا الأهل إلى المعلمين المتخصصين لإعطاء أبنائهم ساعات أضافية، ولهذه الطريقة ميزاتها وسيئاتها وهي بالاجمال:
1- إرتفاع اجر الساعة التي يتقاضاها الأستاذ المتخصص، وبالتالي عدم تمكن الكل من ذلك.
2- لجوء بعض الاساتذة إلى تدريس أكثر من تلميذ من أكثر من صف أحيانا في نفس الوقت.
3- قلة الساعات التي يمكن أن يعطيها الاساتذة المتخصصون والتي قد لا تكون كافية وذلك لارتفاع أجر الساعة.
4- الحاجة أحيانا إلى تخصيص أكثر من استاذ بحال متابعة اكثرمن مادة.
- المدرسون من طلبة الحامعات: يلجأ بعض الأهل إلى الطلبة الجامعيين لتدريس أبنائهم،لاسيما في الصفوف الابتدائية. لهذه الطريقة إيجابيات وهي: أجر معقول، وتدريس كامل المواد.غير أن قلة الخبرة في أساليب التدريس، تجعل النتيجة غير مضمونة لناحية تطور التلميذ ونجاحه في أحيان كثيرة.
تجارة
- الواقع تجاري أكثر منه تربوي: إن اعتماد القطاع الخاص على الطلب من الأهل اللجوء إلى التعليم الخصوصي دون الإقدام على خطوة حل في هذا المجال، يضع الكثير من علامات الاستفهام على هذه المدارس لكونها لا تقوم بعملها التربوي شاملا. فما فائدة أن يتسجل تلميذ في التعليم الخاص ، ثم يحتاج لمتابعة خاصة. على هذا الموضوع أن يخضع للكثير من المعايير والمحاولات والتقديمات التي تقوم بها المدارس لدعم التلاميذ قبل اللجوء إلى التعليم الخصوصي. ويجد غالبية المعلمين وخاصة في هذا الواقع الصعب فرصة من خلال الدروس الاضافية لزيادة مدخولهم وانتاجيتهم. طبعا هذا الموضوع قد.يكون ضرورة في كثير من الأحيان، ولكن هل من رقابة ؟
- الواقع التربوي الصحي للتلاميذ: يضيء هذا الموضوع على الجانب الصحي في العملية التربوية، فإذا أخذنا على سبيل المثال يوم دراسي لطالب في الصف الثامن بين المدرسة ومعهد للدروس الخصوصية نجد ما يلي: يبدأ اليوم الدراسي حوالي الساعة السابعة والنصف، يحضر التلميذ الحصص المدرسية في المواد كافة، ينتهي يومه المدرسي حوالي الساعة الثانية، يحصل خلاله على فرصة قصيرة قد تصل إلى الثلاثين دقيقة. يغادر بعدها التلميذ إلى منزله،غذاء سريع ثم ينطلق إلى المعهد الذي يمضي فيه ساعات لا تقل عن ثلاثة وقد تزيد.
يعود الطالب إلى بيته مرهقا وقد لا يكون أنهى دروسه ، إذ من الممكن أن يبقى لديه بعض المعلومات لحفظها ... يأكل وينام مرهقا ليعود ويستيقظ باكرا ليمضي يوما شبيها بالذي سبق وهكذا دواليك.
هذا بالطبع أمر غير مقبول، وتعاني منه شريحة غير قليلة من الطلاب. فهذا الضغط يحوّل الطالب ألى شخص مكتئب، لا مبالي، غير قادر على الاستمرار ، فاقدا للتركيز، معانيا من ضغوطات عديدة. وهذا يفقده الشغف للمتابعة، ويجعله شخصا متعبا غير منتج .
- وعي الاهل: تلاقي في هذا المضمار أنواعا مختلفة من الأهل، وتعاطيا مختلفا. فقد تجد من يلجأون لتخصيص أستاذ خاص، أو معهد دون التأكد من مهارة الأستاذ او المعهد، واعتماد ذلك ورقة يضغطون بها على إدارات المدارس» بأننا قمنا بواجباتنا وما الأكثر لننجزه» فلن نقبل الرسوب نتيجة». وتجد بعض الأهل الذين يلقون كل الحمل على المدرسة دون المحاولة لمتابعة التلميذ ولو لناحية الوقت المنتج الذي يصرفه في الدرس.
وكلا النوعين يفتقدان إلى المقاربة الصحيحة التي تضع ابنهم، تحصيله المدرسي، كفاءته، ونجاحه في المقام الأول. فيعتمدون طرق التحايل واللوم دون تحقيق تقدم لدى أبنائهم.
الإدارة التربوية السليمة
كل ما سبق ذكره يضع الواقع التربوي أمام حل واحد، وهو وجود الإدارة التربوية السليمة التي تجترح الحلول بطريقة تربوية مسؤولة يكون الهم الاول فيها بناء الغد بتلاميذ اليوم عن طريق تمكينهم من المهارات والكفايات اللازمة، والمناهج المتطورة، وتقييمهم وتقويمهم بطريقة عادلة وصحيحة.
وبالتزامن مع الادارة التربوية الصحيحة، يجب أن يكون هناك تواصل إيجابي مع الأهل، ووعي لدى أولياء الأمور بالتكافل والتضامن للعمل بتعاون تام مع المدرسة لتمكين الطالب من النجاح من جهة، والاستمتاع بالعملية التربوية من جهة أخرى. العملية التربوية استثمار في جيل اليوم، لبناء شكل الغد.