تعود كارثة مركب الموت في طرطوس لتطرح تساؤلات كبيرة برسم السلطة القائمة حول غياب السياسات الاجتماعية الحمائية، لا سيما البطاقة التمويلية وغيرها من الاجراءات التي كان يجب اتخاذها لحماية الطبقات الفقيرة وتمكينها من الصمود بدلاً من رمي نفسها فريسة للموت. الأمر الذي دفع الحزب التقدمي الاشتراكي لرفع الصوت حوله مجدداً على أثر ما يحصل في الشمال.
المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية زياد عبد الصمد لفت إلى أن "السلطة تضع هذا الملف في أدنى سلّم الأولويات، وجميع الخطط الاقتصادية التي تحدّثت عنها الحكومات المتعاقبة لا تلحظ أي إجراءات لحماية الفئات المهمّشة، علماً أن 80% من اللبنانيين باتوا في دائرة الفقر، وما عاد من الممكن استهدافهم بشكل مباشرة".
وفي حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، كشف أن "خبراء اقتصاديين بالتعاون مع منظمة العمل الدولية واليونيسيف عرضوا على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خطةً للحماية الاجتماعية منذ أشهر تؤمّن تمويلها بنفسها، وافق الأخير عليها لكنها لم تُقر في مجلس الوزراء، وذلك بسبب غياب النية لدى السلطة ببدء معالجة الأمور، وتدميرها الممنهج للمؤسسات، بينها الضمان الاجتماعي لحلول الشركات الخاصة مكانها".
وشدّد على أن الحلول الآنية لا تُعالج المشكلة، بل إن المطلوب استراتيجية وطنية لبدء مسار التعافي والخروج من الأزمة، والخطوة الأولى تكمن في إعادة هيكلة القطاع المصرفي، ومن ثم تحفيز الانتاجين الزراعي والصناعي.
وختم حديثه مؤكّداً أن "مطالب صندوق النقد الدولي رفع الدعم ليست سبب الوضع الذي وصلنا إليه، بل إن إهمال الدولة لإقرار برامج تحمي الفئات الفقيرة بالتعاون مع البنك الدولي وانكفائها عن تنفيذ الإصلاحات هو السبب، فنتج عن كل ذلك الكوارث التي نلحظها يومياً.
صرخة لا بد من اطلاقها مجدداً، فالحلول الأمنية لا تمنع الناس من ركوب البحر رغم كل المخاطر، ولا تحارب الجوع، انما محاربة جهنم الذي نعيش فيه هو الحل الوحيد لحماية ما تبقى من هذا البلد وأهله.