Advertise here

الحكومة الحالية تُصرّف الأعمال وفقاً للمادة 64 من الدستور

21 أيلول 2022 07:44:53

بينما يجري الحديث عن عودة الحرارة إلى الملف الحكومي بعد عودة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من نيويورك، حيث يمثل لبنان في إجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي تبدأ أعمالها اليوم وما قد يرافقها من لقاءات ربما تكون مهمة، وبينما تتنوع السيناريوات من «تعويم» حكومة تصريف الأعمال الحالية بتعديل جزئي محدود والسعي الجدي لولادتها ربما قبل الجلسة النيابية المقررة الإثنين المقبل لمتابعة مناقشة وإقرار الموازنة، فإن الثابت هو أن صيغة الثلاثين وزيراً سقطت وصيغة الـ24 الحالية هي محور البحث.

وبمعزل عن التسريبات التي توحي بهذه الإيجابية تجاه الملف الحكومي والمواقف التي عززت هذا التوجه والتي كان آخرها ما كشفه وزيرالإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري لجهة وجود «مؤشرات إيجابية جدية تؤكد قرب إنتهاء الأزمة المتعلقة بتأليف الحكومة الجديدة وتجاوز الخلافات المعطلة لتأليفها»، وبعيدا عن «زمن المعجزات» الذي سبق وتحدث عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري بشأن تشكيل الحكومة، يبدو أن هناك الكثير من الأسباب التي دفعت بهذا الإتجاه ومنها تسليم مختلف القوى على ما يبدو بالشغورالرئاسي وبالتالي حصول انقسام سياسي وطائفي حاد، من شأنه تعطيل وعرقلة عمل حكومة تصريف الأعمال التي ستتولى مهمات رئيس الجمهورية، والحاجة الملحة لوجود حكومة مكتملة الأوصاف لمتابعة الملفات الحيوية على كل الصعد، وتعزيزالجبهة الداخلية في مواجهة التهديدات الإسرائيلية. 

ورغم أن ترجيح سيناريو تعويم الحكومة سيشكل مقدمة لإتفاق سياسي يؤمن لها ثقة مجلس النواب ولو بالحد الأدنى المطلوب، فإن النقاش والإجتهادات والفرضيات حول الصلاحيات الدستورية، ستبقى قائمة وربما ستزداد ومنها فرضية صدور مراسيم تشكيل الحكومة الجديدة «المعومة» وعدم نيلها ثقة مجلس النواب قبل إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية، فما هي وضعية الحكومة في هذه الحالة؟

هناك إجماع على أن الدستور وضع لخدمة الناس وضمان الإدارة السليمة وحسن إدارة البلد في الأوقات العصيبة، وبالتالي فالحكومة مجبرة على أن تتولى إدارة شؤون البلاد وتنتقل صلاحيات الرئيس لها حتى ولو كانت حكومة تصريف أعمال في حالة الشغور الرئاسي، ولا مجال للتفكير الطائفي أو غيره، فأمور الناس ومصالحهم أهم من الطوائف وأهم من الرؤساء والوزراء.

وفي حال حصلت فرضية التأليف وعدم نيل الثقة فإن الحكومة تبقى حكومة تصريف أعمال ونفس الأمر والفرضية تحصل فيما لو تعرض رئيس الحكومة للمرض أو الوفاة لا سمح الله، فالمنطق الدستوري يقول أن تستمر الحكومة بتصريف الأعمال إلى حين إنتخاب رئيس للجمهورية وإجراء الإستشارات النيابية الملزمة وانطلاق تكليف رئيس للحكومة وتشكيل حكومة جديدة حتى لو كانت الحكومة القائمة حكومة أمر واقع.

فالعرف الدستوري في لبنان استقر على صدور بيان مكتوب أو شفهي بعد إنتهاء الإستشارات النيابية الملزمة والتشاور مع رئيس مجلس النواب، يتضمن تسمية رئيس الحكومة المكلف الذي لا يصدر مرسوم تسميته رئيساً للحكومة إلا في حال نجاحه في مهمته حيث تصدر ثلاثة مراسيم متتالية وفي التوقيت ذاته: المرسوم الأول بقبول إستقالة الحكومة (حكومة الرئيس ميقاتي)، والمرسوم الثاني بتسمية رئيس الحكومة (نجيب ميقاتي)، والمرسوم الثالث بتأليف الحكومة (نفس الحكومة مع التعديلات المقترحة) مع الإشارة إلى أن المرسومين الأول والثاني يصدران حاملين توقيع رئيس الجمهورية منفرداً بينما يصدرالمرسوم الثالث حاملاً توقيع رئيس الجمهورية وتوقيع رئيس مجلس الوزراء (ميقاتي). 

كذلك فإن المشترع ميّز بين الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة وبين رئيس مجلس الوزراء، فإن الحكومة الحالية التي لم يصدر مرسوم قبول استقالتها بعد، هي المنوط بها تصريف الأعمال وفق الفقرة الأخيرة من البند الثاني من المادة 64 من الدستور التي تنّص على أن لا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال. 

تبقى الإشارة إلى أن الفرضيات والإجتهادات والتفسيرات تُجمع على أن القاعدة هي الإلتزام بتطبيق النصوص الدستورية وليس البحث أو التفتيش عن تفسيرات واجتهادات للظروف الإستثنائية التي يبدو أنها تتقدم في بلادنا على الظروف والأوضاع الطبيعية التي تتطلب إنجاز الإستحقاقات الدستورية في مواعيدها.