Advertise here

هل تتجه المنطقة نحو الإنفجار على ضوء التصعيد الأميركي- الإيراني؟

15 أيار 2019 10:29:20

تتداخل عناصر سياسية واستراتيجية عديدة في اللحظة الدولية الراهنة، تدفع بالتصعيد الأميركي – الإيراني الى حافة الانفجار، سيما وان الحشد العسكري الأميركي للأساطيل والقوى البرية لم يسبق أن شهدته المنطقة في السنوات العشر الماضية، سيما وان المواقف والتصريحات والتهديدات المتبادلة والمتصاعدة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، يوكبها مواقف دولية حذرة، حركة ميدانية عسكرية لا تقل تصعيداً عن السقف السياسي، وإذ يتفق المتابعين والمحللين على خطورة اللحظة التي دخلتها المنطقة منذ الثاني من أيار حيث انتهاء فترة السماح لبعض الشركات المصدرة للنفط الإيراني، واشتداد الحصار على طهران، فإن البعض بات يتحدث عن سيناريوهات كارثية، يربطها بحاجة الولايات المتحدة الأميركية توجيه ضربة عسكري قاسية لإيران، على خلفية تصعيد الملف النووي الكوري ووصول مفاوضات فيتنام الى حائط مسدود وعودة كوريا الشمالية الى تجاربها الصاروخية، إلى فشل الانقلاب العسكري في فنزويلا، الى أولويات إقليمية لترتيب الشرق الأوسط الجديد، (الناتو العربي وصفقة القرن).

إلا أن البعض يتريث في الربط بين التصعيد الخطابي والعسكري، وبين الانجراف الى العمل العسكري،   سيما وأن واشنطن حددت اثنتي عشر مطلباً على ايران تنفيذها، ودخلت في أعلى مرحلة من تطبيق العقوبات على ايران، وأعلى مستوى من الاستنفار العسكري في الوقت نفسه، واضعة إيران أمام خيارين، الاستسلام أو الحرب، ويلفت هؤلاء المحللين إلى ما تعلنه الإدارة الأميركية في تصريحاتها بأنها لا يرغب بالاشتباك العسكري مع إيران، رغم التحذيرات والتهديدات التي يوجهها اليها فيما لو ارتكبت خطأ ما أو اعتدت على القوات الأميركية وحلفائها في المنطقة، ما يتسبب بتدميرها، وهنا تكمن عناصر القلق والخطر الفعلي، وفي المقابل فإن الإيرانيين يعلنون بوضوح أنهم لا يريدون الحرب مع واشنطن، ويسعون الى مفاوضات بشروط جيدة.

اذا ما تعمقنا في كشف نوايا الإدارة الأميركية، ومعرفة ماذا يريد البيت الأبيض من طهران، وهو يعرف طبيعة نظامها الحالي، الذي لا يمكنه عقد صفقة جديدة حول الملف النووي وفق الشروط الأميركية، فلماذا إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، انه ينتظر القادة الإيرانيين على طاولة المفاوضات؟، بعض المحللين الإيرانيين أشاروا، إلى أن الإعلام الغربي لا ينقل حقيقة الصورة من داخل إيران، بل يستند الى موقف الحرس الثوري، ولا يرصد مواقف وزير الخارجية محمد جواد ظريف، أو ما يصدر عن الرئيس حسن روحاني، في إشارة إلى أن إيران لديها موقفين وتبعث برسالتين إلى الخارج، ولا يهتم الإعلام الغربي بنقلها كما هي، بل ينقل رسالة واحدة تصدر عن الحرس الثوري والمرشد الإيراني، ويضيف بعض المحللين قائلاً، "الرسالة الأولى التي يطلقها ظريف وروحاني، تقول بضرورة الدخول في مفاوضات جديدة مع الأميركي، ورسالة أخرى يعلنها المرشد والحرس الثوري، تقول بأن ايران لن تدخل المفاوضات من موقع الضعف، وبالتالي فإن الرسالتان تساندان بعضهما البعض، ونتيجتهما أن الإيراني يريد حوافز تمكنه من الدخول في جولة جديدة من المفاوضات"، لكن الباحثين الإيرانيين، يرتكزون في قراءتهم تلك، الى موقف ضمني للقيادة الإيرانية يقول بأن "إيران لا يريد الحرب، ونعرف ان الحرب ليست لمصلحتها، لا بل تريد العودة الى المفاوضات بغير الشروط المطروحة، وتريد حوافز تشجيعية، وهذا ما تعرفه الإدارة الأميركية"، لذلك فإن المسألة بحاجة ألي المزيد من الوقت.

لكن الإشكالية المقلقة، التي توقف عندها بعض الباحثين الإيرانيين، ترتكز على عدم اكتراث القيادة الإيرانية لهول المصائب التي تكبدها ويرزح تحت اعبائها الشعب الإيراني، لا بل فإن القيادة تلك، لا تتأثر بهذا المشهد ولا ترتدع عن المغامرة بالشعب الإيراني ومقدراته، وهي تدرك أن هدف العقوبات ليس اسقاط النظام الإيراني، فالقيادة الإيرانية تقول انها قادر على الصمود الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2020، والتي قد تطيح بالرئيس ترامب، والرئاسة الأميركية تقول أنها ستحطم النظام الإيراني اقتصاديا من الداخل، ولن تقدم على أي عمل عسكري ولن تسمج برفع سعر النفط كي لا تتأثر الأسواق العالمية ومنها السوق الأميركي الداخلي، لما لذلك من تداعيات على التوازن الحسابي للانتخابات الأميركية المقبلة، خاصة وان استطلاعات الرأي أعطت نتائج جيدة مؤيدة لصالح الرئيس ترامب وسياساته، وصلت الى 45% على المستوى الأميركي، و 90 % على مستوى الناخبين الجمهوريين، و10% مؤيدين من الناخبين الديمقراطيين، وهذه مؤشرات شديدة الأهمية بالنسبة الى صناعة السياسات الأميركية، وكيفية إدارتها.

هذه المؤشرات تحتاج الى مزيد من التعزيز للحفاظ عليها، وهذا ما تعمل عليه إدارة ترامب، وبالتالي فإن تعزز مصالح ترامب الانتخابية يضع جميع الاحتمالات على طاولة البيت الأبيض، بما فيها حصول حدث مفاجئ أو تدبير ما يدفع في الشكل الى اعتداء إيراني صارخ من قبل الحرس الثوري الإيراني او ميليشياته، على الاميركيين في المنطقة، تستفيد منه الإدارة الأميركية لتوجيه ضربة قاسية لإيران تعزز مواقع الإدارة الأميركية في حساباتها الداخلية مع الديمقراطيين.