Advertise here

"النومة" في القصر!

17 أيلول 2022 07:51:25

ليس المطلوب من رئيس الحكومة المكلف أن يبيت في القصر الجمهوري للإفراج عن تشكيلة حكوميّة لا يبدو ساكن القصر متحمساً لها من خلال الشروط غير المنطقيّة التي يضعها على تأليفها. وليس المطلوب أيضاً أن يبيت سيد القصر إياه ليلة واحدة بعد الحادي والثلاثين من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.

محاولة فرض الشروط على تأليف الحكومات عادة قديمة عند تيّار العهد ورئيسه ورئيس العهد. ألا تذكرون مقولة الجنرال الشهيرة أمسية ذات يوم من على منبر الرابية: "عمرها ما تتألف حكومة كرمى لعيون صهر الجنرال"؟. إذا كان اللبنانيون قد تنفسوا الصعداء بعد إلغاء المؤتمر الصحافي الأسبوعي كل ثلاثاء لجنرال الرابية الذي لم يخلُ من بث السموم السياسيّة والتحريض الطائفي في الكثير من الأحيان؛ إلا أنهم لم يبتهجوا بإنتقال الجنرال إلى بعبدا.

الأيّام الفاصلة عن نهاية الولاية الرئاسيّة باتت معدودة، وحالة الإرباك التي تسود تيار العهد جرّاء تنامي شعوره بفقدان المركز الأول في الجمهوريّة على وقع أقسى إنهيار مالي وإقتصادي غير مسبوق تشهده البلاد، توحي بأن هذا الفريق سيكون مستعداً لإشاعة مناخات من الفوضى السياسيّة والدستوريّة (التي قد تخلو من الاضطرابات الأمنيّة نتيجة ترهل هيبة الدولة ومعاناة مؤسساتها) من باب التخريب ليس إلا.

لم يتوانَ هذا الفريق عن جر البلاد إلى الشلل الدستوري والمؤسساتي مرات ومرات خدمة لمآربه الخاصة ولمصالحه الفئويّة التي أدّت إلى الوصول إلى الواقع المرير على مختلف المستويات الإقتصاديّة والإجتماعيّة والمعيشيّة. وأغلب الظن أنه لن يتوانى عن تكرار تلك السيناريوهات الجهنميّة مجدداً في حال إقتضت مصلحته السياسيّة القيام بذلك.

وما هو أكثر إثارة للشكوك يتعلق بكلام حلفاء التيّار الميمون الذي يؤكد على أهميّة تشكيل حكومة جديدة "ولو في الأسبوع الأخير من العهد"، ما يعكس نوايا مبيّتة بالفعل حيال حقبة ما بعد العهد الرئاسي الحالي. أساساً، الدستور لم يحدد طبيعة الحكومة أو شكلها أو حجمها. صحيحٌ أن دخول البلاد في حالة من الشغور الرئاسي مع حكومة تصريف للأعمال لن يتيح إحداث أي تغيير جدي في واقع البلد المأزوم من كل النواحي؛ ولكن هذا لا يعني إقحامه في إشكاليّات دستوريّة غير صحيحة وليست مبنيّة سوى على مصالح فئات دون سواها.

الأجدى أن تنصبَّ الجهود السياسيّة بالكامل على توفير المناخات المؤاتية لإنتخاب رئيس جديد للجمهوريّة ضمن المهل الدستوريّة المحددة وأن تتركز الإتجاهات على إختيار شخصيّة محترمة وعاقلة تعيد الثقة بالبلاد في الداخل والخارج.

المهم أن يبيت في القصر بدءاً من أول تشرين الثاني المقبل رئيس جديد!