Advertise here

ميقاتي: لا يمكننا ان نعيش حالة انكار للواقع.. والبلد بحاجة للإنقاذ

16 أيلول 2022 18:32:20 - آخر تحديث: 16 أيلول 2022 18:36:26

قال رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ردا على مداخلات النواب في جلسة مناقشة الموازنة العامة في مجلس النواب: "دولة الرئيس، سمعنا من سعادة النواب كلاما يتعلق برأيهم بالموازنة والأوضاع الراهنة. اقول شكرا لكل من لفت نظرنا  الى مسائل أساسية في الموازنة ، او ابدى رأيا او انتقادا بناء، وسنأخذ كل الاراء بعين الاعتبار في خلال اعداد الموازنة المقبلة".

أضاف: "يعلم الجميع أننا دخلنا الى بناء متصدع محاط بالألغام، وكل غرفة في هذا البناء معرضة لنشوب حريق في كل لحظة. نحن فريق واحد، وما يعنينا هو هذا الوطن. نحن نمد يدنا للتعاون البناء. لا ندّعي الكمال، لأنه من المستحيلات،بل رسمنا خطة للتعافي، وأرسلناها الى المجلس النيابي للإطلاع والاستفادة من آرائكم . المادة 69 من الدستور تقول انه في حال استقالة الحكومة يبقى المجلس في حالة انعقاد دائم الى حين التصويت على البيان الوزاري للحكومة المقبلة، وهذا يعني في رأي بعض المشرعين أننا شركاء، وانا اتشرف بأن نعمل معا في سبيل الانقاذ الحقيقي".

وتابع: "البلد بحاجة للانقاذ، وهذا لا يتحقق الا اذا عملنا معا وتعاونا بجلسات عامة  آخذين في الاعتبار أمرين اساسيين: لا للشعبوية في هذا الموضوع لأن الوطنية تتغلب ،ولا مجال للانكار، لأن الواقعية يجب أن تسود. لا يمكننا ان نعيش حالة انكار للواقع القائم ويقول كل واحد ما يريده ، او ان يبقى الشارع يتحكم بالواقع. هناك رجال دولة ، وانت على رأسهم دولة الرئيس بري ، والمجلس النيابي الكريم، وسعادة النواب الكرام، وكلنا يجب ان نتصرف بروح التعاون ، لأن البلد بحاجة الينا".

وأدرف: "هل يعتقد احد أننا لا نشعر بما يحصل في الشارع؟هل تعتقد بأنني عندما أدخل الى السراي الحكومي، لا المس القلق في عيون الشرطي الذي يؤدي التحية، وحاجته الى شراء الدواء له ولأهله، والى دفع اقساط المدارس؟هذا الشرطي الذي لا يتجاوز راتبه ال70 دولارا يقف بكل احترام ويقوم بواجبه، الا يستحق التحية . نعم، اعلم تماما ما يعاني هذا الشرطي في حياته اليومية وتأمين الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم. أعلم ان غالبية العائلات لديها مصاب بامراض مزمنة وسرطانية، وتبحث عن الدواء، وليت معالي وزير الصحة الموجود في مهمة مع منظمة الصحة الدولية ، كان هنا ليشرح لكم ماذا يحصل في قطاع الدواء . لقد اكتشفنا ان الادوية المدعومة التي نستوردها تهرب الى خارج لبنان . ولذلك جرى تنظيم عملية التوزيع وفق نظام معلوماتي دقيق وفتح ملف لكل مريض لكي يتسلم ادويته وفق التوقيت الدقيق".

وقال: "قبل ان تستقيل الحكومة اتخذنا قرارا بتحويل مبلغ 35 مليون دولار الى وزارة الصحة ، ثم اجتمعنا مع رئيس لجنة الصحة النيابية وتمت زيادة المبلغ 5 ملايين اضافية ، ومن حوالى العشرة الايام طلب زيادة المبلغ الى 45 مليون دولار، وانا اتمنى عند مناقشة موازنة وزارة الصحة ان تتم الزيادة من داخل الموازنة ، واذا لم يحصل ذلك انا اتعهد ان نبقي على المبالغ المخصصة لشراء الادوية". 

أضاف: "في موضوع الجامعة اللبنانية التي تجمع ابناء الوطن، نحن مع حقوق الاساتذة وعودة الطلاب الى مقاعد الدراسة. هل يعتقد احد اننا لا نعرف مشاكل جامعتنا الوطنية المعطلة، واننا لا نشعر بمعاناة الاستاذ الذي لا يتجاوز راتبه الاربعة ملايين ليرة، والذي لا يكفي كبدل نقل؟ عند مناقشة بند موازنة الجامعة اللبنانية اتمنى ان نعطي الزيادات اللازمة للجامعة لكي تستطيع ان تقوم بمهامها كما يجب. وفي موضوع الادارة العامة نعلم جميعا المشكلات القائمة ، وفي جلسة التشريع الاخيرة سألت دولة الرئيس اين اصبح المسح الوظيفي والاداري للادارة العامة ، والذي تعهدت الحكومتان السابقتان بوضعه ولم يرسل الى المجلس النيابي. لذلك طلبت، رغم الظروف الصعبة من مجلس الخدمة المدنية ورئيسته ان ينجزوا المسح الوظيفي فورا، وقد ارسل الى دولتك والمجلس الكريم قبل عشرة ايام، واتمنى ان يوزع على سعادة النواب. وهذا المسح عبارة عن 188 صفحة يتناول كل واقع الادارة وعدد الموظفين وبالعدد الموجود في كل قطاع".

وتابع: "اعلم جيدا حجم المشكلات التي يعاني منها الموظفون، ولهذا السبب قررنا، الى جانب دفع المعاش الاساس، اعطاء منحة اجتماعية وبدل انتاج، واقترح في هذا الاطار بدل تجزئة المبلغ الى ثلاثة اقسام، وان يتم دفع الراتب ثلاثة اضعاف شهريا. وهل يعتقد احد اننا لا نعلم مشكلات المتقاعدين؟ لقد زارني وفد من المتقاعدين وشكوا من ان ما يتقاضونه كمعاش تقاعد ،في شيخوختهم لا يساوي جزءا من ثمن الادوية التي يحتاجون اليها ، كيف يمكن الا نشعر مع هؤلاء؟ الا نشعر بمعاناة المعلمين، اصحاب الرسالة ،واهالي الطلاب والاعباء الاضافية عليهم. الا نشعر بمعاناة السجناء الذين لا نستطيع تأمين القوت لهم؟الا نعلم بحجم مشكلة  النفايات في الشوارع؟".

وأردف: "كل هذا التوصيف يقودنا الى الموضوع الأساس،وهو ملف الموازنة . في الاعوام الماضية كانت الموازنة  العامة تساوي 17 مليار دولار. هذه السنة باتت الموازنة تساوي مليار دولار، ونحن نسعى لكي نوازن ايضا بين النفقات والواردات. سئلنا عن الكثير ولا سيما عن سلامة المرور، بالمنطق العلمي يلزمنا حوالى 3700 مليار ليرة لصيانة الطرق، اي 100 مليون دولار، وفق دراسة علمية. في الموازنة فان كل المبلغ المخصص لصيانة الطرق هو 250 مليار ليرة اي حوالى 6 مليون دولار. من اين سنأتي بالاموال المطلوبة اذا لم نتعاون جميعا".

وقال الرئيس ميقاتي: "دولة الرئيس، عندما اقررنا الموازنة قال معالي وزير المال "انها موازنة تصحيحية لمرحلة انتقالية، لها صفة طارئة". ويأتي البعض ليقول انه الافضل بين السيىء والأسوأ ان نأخذ الخيار  الاسوأ وهو الصرف على القاعدة الاثنتي عشرية. نحن امام نهج تراكمي مضت عليه عشرات السنوات وسعادة رئيس لجنة المال اشار الى انه منذ اكثر من 12 سنة يقدم توصيات بشأن اعداد الموازنة  لم تؤخذ بعين الاعتبار. حكومتنا تألفت في شهر ايلول من العام الفائت، وفورا باشرنا باعداد الموازنة، وقد انجزنا الموازنة بجهود معالي الوزير ومديرين و4 موظفين. تعطلت الحكومة من 13 تشرين الاول الى 13 كانون الثاني. وفور معاودة جلسات مجلس الوزراء  تقدم وزير المال بمشروع الموازنة واقررناه وارسيناه في شهر شباط".

أضاف: "نعلم جميعا كل الواقع الموجود في البلد واذا لم نتعاون جميعا ، فعلى من سنتكل؟ انا لم اترشح على النيابة لأنني كنت اعلم صعوبة القرارات المطلوب اتخاذها  وكم هي غير شعبوية. البديل الوحيد عن التعاون بين الجميع لاقرار الموازنة هو "لا موازنة"، اي العودة الى الانفاق على القاعدة الاثنتي عشرية التي لا تلبي الانفاق المستجد. اي رفض لهذه الموازنة يعني عمليا العودة الى واردات على سعر صرف هو 1500 ليرة للدولار الواحد ، مما يعني مزيدا من سرقة ايرادات الدولة. في الفترة الاخيرة  زاد  حجم الاستيراد 4 مليار دولار، والتجار يخزنون البضائع في مستودعاتهم في انتظار رفع الدولار الجمركي. هل نقبل ان نكون شهودا على سرقة الدولة؟ علينا ان نتعاون بدل المضي في النهج الخاطئ ومنطق "عطلني تا عطلك. مرقلي تا مرقلك".ولكن هل الحكومة هي المسؤولة عن كل هذا النهج؟ يمكنني الآن ان اعدد ما يقوم به كل وزير في وزارته". 

وتابع: "البعض يقول ان قرض القمح  من البنك الدولي المقدّر ب150 مليون دولار، يكلّف الدولة 5 الاف و500 مليار ليرة سنويا ، وان المبلغ غير مدرج في الموازنة. هذا كلام غير صحيح، لا بل على العكس من ذلك ،فهو يؤمن ايرادات قد تصل الى حوالى 900 مليار لبنانية في حال استبدلنا القمح بالطحين وبعناه للمطاحن والافران ، وفي المقابل ليست هناك مدفوعات مطلوب سدادها للبنك الدولي لان القرض ينص على فترة  سماح ل3 سنوات مع تسهيلات. البعض يتحدث ان المطلوب مناقشة موازنة العام 2023 ، وفي هذا السياق اقول باشرت المالية البدء باعداد موازنة العام 2023، ولكن ليس صحيحا ان المطلوب ارسالها الآن ، فالمطلوب اولا مناقشتها في مجلس الوزراء ، ومن ثم ارسالها  الى مجلس النواب في الربع الاخير من هذا العام".

وأردف: "لنكن واقعيين في مقاربة كل المواضيع، وهدفنا واحد وهو انقاذ الوطن. عام 2021 كان النمو اقل 11 في المئة ، ومنذ بداية العام الحالي الى نهاية تموز، هناك زيادة بنسبة 2،2 في المئة عن السنة الماضية. هناك قطاعات تعمل والبلد ماشي، الصناعة تعمل والزراعة الى حد ما متحركة، ولا يجوز اضفاء الصورة السوداوية على كل شيء. يقول البعض ان المستفيد الوحيد مما يحصل هي المصارف، وجوابي ان نعقد اجتماعا مع المصارف ونلاحق المطلوب الى اقصى الحدود. نحن على استعداد لسماع اراء الجميع واخذ كل الملاحظات بعين الاعتبار. لاول مرة جاء في مشروع الموازنة (المادة 121) انه خلال شهر من انذار شاغل الاملاك البحرية بدفع ما يتوجب عليه والغرامات، تقفل هذه المنشأة بالشمع الاحمر ولا يزال الا بعد الدفع مع الغرامات".

وقال: "دولة الرئيس، في الموازنات التي أقرت خلال اعوام  2018 و2019 و2020 اقرت إصلاحات أساسية ، فهل تم تطبيقها ام ان التجاذب السياسي عطلها؟ منذ العام 2000 وبعد مؤتمرات باريس 1 وباريس 2 وباريس 3 ، اقر كمّ من القوانين الاصلاحية  في مجلس النواب ، فاين هي اليوم ؟ ليست هناك ارادة سياسية بتنفيذ هذه الاصلاحات . لقد تم اقرار 4 هيئات ناظمة في الاتصالات،والكهرباء والمطار ،فلماذل لم تنفذ؟ وهل الحكومة مسؤولة عن ذلك؟ ان حكومتنا مسؤولة وانا مسؤول ، ولا اتهرب من المسؤولية ، ولا اقول" ما خلوني" او "التركة ثقيلة". المسؤولية تفرض علينا المعالجة بمسؤولية ، فلنتعاون معا طالما الهم واحد والهدف واحد. فلنتعاون لاقرار الموازنة واقرار ما يلزم من تعديلات، ونحن مستعدون للنقاش والبحث.كل الامور قابلة للتصحيح طالما الهدف واحد".

أضاف: "في ملف الكهرباء اقول تواجهنا اليوم معضلة جديدة تتعلق بتشغيل المعامل. اتخذنا قرارا بتشغيل معملي الذوق والجية. وكما هو معروف عند ادارة اي محرك سيصدر بعض الدخان الاسود، وعلى الفور تم رفع دعوى قضائية واحضر رئيس المعمل الى المخفر، وبناء لقرار قاضي الامور المستعجلة طلب منه توقيع تعهد بعدم ادارة محركات المعمل. كنا نريد  تشغيل المعمل ب200 ميغاوات فقط لتأمين الكهرباء لمحطات المياه. منذ حوالى اسبوعين اتخذ مجلس ادارة كهرباء لبنان قرارا برفع التعرفة وصادق القرار معالي وزير الطاقة ، وبالامس صادق ايضا وزير المال ، ونحن في انتظار اصدار قرار استثنائي يوقعه فخامة لرئيس وانا، وعندها يمكن البدء باستيراد الغاز من الاردن ، لان رفع التعرفة كان مطلبا اساسيا للتأكد من مسار الهيئة الناظمة للكهرباء".

وختم: "كذلك زار المدير المسؤول عن الملف في البنك الدولي في بيروت وزارة الطاقة واطلع شخصيا على مسار تشكيل الهيئة الناظمة، كما يجب. عندنا ايضا مولدات للطاقة تنتج حوالى 1400 ميغاوات ولكنها تحتاج الى الفيول اويل، واذا كنا سنبيع  الكيلوات باقل من باقل نص سنت الكلووات ، فلا يمكن شراء الفيول اويل. ومن خلال التعرفة المقترحة بات في الامكان شراء الفيول اويل ولكننا نحتاج الى نوع من رأسمال تشغيلي للبدء بالتشغيل. ونحن في صدد البحث مع المنظمات الدولية لتوفير هذا الامر.احد النواب  قال بالامس إن احد احياء الاشرفية محروم من الكهرباء منذ اسبوع، واليوم اقول ان مدينتي طرابلس محرومة منذ شهر من الكهرباء والماء. لا ننظر الى المسألة من منطلق الاعتبارات المناطقية وكلنا في مركب واحد، وانا مستعد للتعاون مع الجميع، واعتبروا انفسكم حكومة تنفيذية ، وراقبوا وشرعوا وقدموا الاقتراح الذي تريدونه لانقاذ البلد. وسنتابع العمل معا لاقرار ما يلزم".