Advertise here

مهن تنتعش وتعود الى الواجهة بعد أن كادت تندثر بسبب الظروف الإقتصاديّةّ

13 أيلول 2022 08:05:37

بعد ان كان اللبنانيون يعيشون الى حد ما في نعمة غير متوقعين انه سيأتي يوم يبيعون فيه ما لا يحتاجونه من أدوات منزلية او اثاث او حتى ثياب! ليعصف بهم الواقع ويلجأون الى «التسكيج» بما لديهم من خلال رتي الثياب التي تمزقت و«تسكيف» الأحذية التي اهترأت بعد ان كانوا يتلفونها دون تفكير او تردد.

يعمل أبو طوني في دكان متواضع في منطقة كرم الزيتون، تراه يحمل آلة ومطرقة وسنداناً ومساميراً وجلوداً واقمشة ودبابيساً ومواداً لاصقة ليصلح احذية مهترئة. يخبر «الديار» ان «تسكيف» او ترقيع الأحذية عاد الى الواجهة بقوة منذ نحو السنة تقريبا، ويلفت ان مهنته انتعشت بشكل كبير بعد ان كادت تندثر، لان قلّة من اللبنانيين كانوا يفكرون في اصلاح احذيتهم وعادة كانوا يرمونها ويشترون بديلا جديدا غير آبيهن بالسعر، اما اليوم اختلف الوضع وعدنا نرى ارتالا من الناس يأتون الى محلي «لأرقع» لهم احذيتهم.

 

وما تجدر الإشارة اليه يقول أبو طوني، ان معظم التصليحات هي لأولاد، وهذا يدل ان الأهالي ليس بمقدورهم شراء احذية جديدة لأولادهم مع بداية العام الدراسي كالمعتاد في هذا الوقت من السنة، ويضيف ربما تحسّنت اوضاعي المادية، الا انني حزين لما اسمعه من الناس الذين يأتون الي وكأنني أصبحت بمثابة طبيب نفسي يشكون الي قهرهم وظلم الحياة.

الأهل «يرتون» ملابس ابنائهم

على مقلب اقتصادي ضيق آخر، برزت مهنة «رتي» الثياب، فانتعشت مهنة الحياكة بفضل انكماش القدرة الشرائية للبنانيين وعادت بهم الحياة الى رَتْق ما لديهم حتى لو اضطروا الى ارتداء اثواب بالية او رثة تعرضت للتلف او الاهتراء او التمزق.

فمع تدهور الأوضاع الاقتصادية وما يقابله من انهيار لقيمة الليرة وتآكل المداخيل وانتشار البطالة وارتفاع الأسعار الجنوني، لا سيما الضروريات التي لا يستطيع المرء ابدالها بشيء آخر، إضافة الى الأعباء الإلزامية كارتفاع أقساط المدارس والقرطاسية والكتب ناهيكم عن الـ «الزي» المدرسي والذي بات سعره خياليا، وعلى الشكل التالي: بيجاما رياضة شتوي 35$، جاكيت دوبل 30$، بولو نصف كم 15$، بولو كم طويل 20$، طقم رياضة صيفي بلوزة مع شورت 30$، طقم رياضي شرعي 30$، بنطلون كحلي 15$ هذه أسعار المبيع للعام 2022-2023 في أحد المدارس.

السيدة وداد مارون، وهي والدة لثلاثة أطفال تقول: بصريح العبارة انا لن اشتري ثيابا جديدة لأطفالي والذي يعد جزءا لا يتجزأ مع بداية كل عام دراسي، بحيث ان الأولاد يعودون من فرصتهم الصيفية وبالتالي ثيابهم تكون قد اهترأت بفعل اللعب. لافتة الى ان الأمور تبدلت وذهبت باتجاه ومسار سوداوين أدى بنا الى الاحجام او تأجيل شراء الملابس حتى لأطفالنا، ونتجه لشراء الضروريات من كتب وقرطاسية وبطبيعة الحال الأقساط المدرسية. وأشارت الى انه منذ حوالي أسبوع ذهبت لإصلاح ما يمكنني إصلاحه من ثياب واحذية عند الخياط والاسكافي، كما ان قسم من العائلات توجه الى بعض المحلات التي بدأت تبيع بأسلوب جديد «بالكيلو» عسى يوفّرون على جيوبهم بعض الليرات!

الفقر يهدد الطبقات الفقيرة والمتوسّطة

السيدة جانيت خوري، وهي تعمل في مهنة الحياكة تقول: عملي يشمل تقصير ورتي الثياب من ملابس نسائية وولادية. وتابعت، الازمة الاقتصادية الراهنة ومع بداية العام الدراسي الجديد دمّرت الطبقة المتوسطة والفقيرة وربما محتها وكوَتها بلهيب الأسعار وهذا ما أعاد الى الواجهة من جديد مهن الترقيع والتصليح وإعادة التدوير ومن بينها الخياطة.

ولفتت الى ان الناس الذين يأتون اليها لا يمكنهم عدم البوح من الشظف والاملاق الحاجة والشقاء الذي يعيشونه بسبب تكدّر الحياة والظروف المعيشيّة، فالقدرة الشرائية باتت اقل من السابق كما ان الخيارات امست ضيقة والشعور بعدم الاستقرار الوظيفي هو المسيطر.

إعادة تدوير الحقائب المدرسية

أيضا على مقلب عام دراسي جديد، برزت إعادة تدوير الحقائب المدرسية وصناديق الطعام والمقالم وغيرها ن المستلزمات المدرسية بعد ان كان التلاميذ يتلفون اغراضهم مع نهاية كل عام دراسي لشراء غيرهم مع العام الجديد أضحوا يفتشون عمن يعيد إصلاحها او رتيها او تجديدها.

وفي هذا الإطار، قامت جمعية RECREATE بالعمل على مشروع إعادة تدوير الحقائب المدرسية.

السيدة سعدى حمادة من جمعية RECREAT تصف الوضع الاقتصادي بأنه الدافع لإعادة الانتعاش للخياطين والاسكافيي،ن بحيث ان عمل هؤلاء كان متجمّدا وعلى وشك الاندثار. وقالت ل «الديار»: بدأنا نستفيد من خبراتهم ومعرفتهم بأدق واهم التفاصيل، ولفتت الى استخدام الملبوسات التي وصفتها ب OUTLET أي القديمة للاستفادة منها في إعادة التدوير، اضافت: نحتاج في هذه العملية الى اقمشة سميكة كالجينزات والخيطان والسحابات والخامات والاسفنج لبطانة الحقائب ويجب ان تكون سميكة لتحمل ثقل الكتب فيها، مشيرة الى انه يوجد اقبال جيد بهذا الاتجاه.

واكدت ان الازمة الاقتصادية اثرت بشكل مباشر على حياة الأولاد وعلى الافراد وعلى مشاريعهم الشخصية والمهنية والحياتية وعلى نظرتهم المستقبلية بحيث ان القلق يسيطر على هؤلاء وعلى مستقبل أولادهم التعليمي. وغمزت، الى انه مع بداية العام الدراسي الكثير من العائلات قدراتهم الشرائية يرثى لها، فلا قدرة لهم على شراء الملابس او LUNCH BOXES او SCHOOL BAGS فكان مشروع إعادة تدوير الحقائب كحل رديف لئلا يكون أي تلميذ محروم او يشعر بالنقص او الحزن والكآبة لكون ذويه لم يوفروا له المستلزمات المدرسية الضروري