Advertise here

الترسيم و"النووي": خسائر لبنان وأرباح حزب الله

27 آب 2022 07:36:29

يعيش لبنان بين مأزقين، كلاهما يؤديان إلى مزيد من الانهيار، ويرتبطان بتطورات إقليمية ودولية. المأزق الأول ينجم عن تعثر الاتفاق النووي واتفاق ترسيم الحدود في اللحظات الأخيرة، ما يؤدي إلى تداعيات سلبية تنعكس توترًا في الداخل اللبناني.

أما المأزق الثاني، فينجم عن حصول الاتفاقين إياهما، ما يجعل إيران أقوى في الإقليم وحزب الله أقوى في لبنان. وفي هذه الحال يستقوي الحزب عينه سياسيًا، أو يحاول الاستقواء بناءً على أنه نجح في فرض اتفاق الترسيم وانهاء الممطالة الإسرائيلية والأميركية، كما قال أمينه العام. وهذا يحمله على محاولة اجتراح تسوية تصبّ في صالحه، على غرار ما حصل بعد الاتفاق النووي في العام 2015، وتجليه لبنانيًا في تسوية عام 2016 الرئاسية.

مفاعيل قوة حزب الله 
حتى الآن، تفيد المؤشرات أن الاتفاق النووي يتقدم وسيحصل. وكذلك تقول مصادر ديبلوماسية أن اتفاق ترسيم الحدود سوف تُنجز خطوطه العريضة في حدود منتصف أيلول المقبل. على أن تترك بنوده التفصيلية ويترك توقيعه إلى ما بعد عقد جلسات في الناقورة. هذا الواقع يدفع حزب الله إلى الشعور بالقوة. وهو بدأ في استثمار هذا الشعور باعلان استعداده السياسي لإبرام تسوية في الداخل اللبناني، والتعامل مع الخارج ببعض المرونة، على ما جاء في كلام نصرالله عن استعداده لتحسين العلاقات مع دول الخليج.

هذا الواقع يكرس انقسامًا بين فريقين في لبنان: فريق يتصرف بواقعية مع التطورات. وفريق آخر يرفض هذا التصرف، ويستمر في معارضته الحزب ومشروعه وتوجهاته. وإذا ما أضفنا ذلك إلى الأزمة الاقتصادية والمالية، والصراع المسيحي- المسيحي على رئاسة الجمهورية وسواها، واستمرار الانهيار، سيؤدي الوضع إلى صدام سياسي داخلي، يعمل في الحد الأدنى على تكريس مزيد من الاستعصاء، في حال عدم بروز قدرة إقليمية على إنتاج تسوية داخلية.

سيناريو الارتطام الكبير
هكذا يكون لبنان أمام خيار من إثنين: إما استمرار الفراغ والتدهور وصولًا إلى الانهيار الشامل، ما يحتم البحث في شكل الصيغة اللبنانية ومضمونها، دستوريًا واقتصاديًا وسياسيًا. وإما إبرام تسوية موقتة تساعد في تمرير المرحلة الراهنة بالحدّ من الخسائر، من دون القدرة على إنتاج حلول كاملة متكاملة.

الوصول إلى الانهيار الشامل أو إلى الارتطام الكبير، لا تزال فكرة تراود أذهان كثيرين، على قاعدة أنه لا بد من انهيار كل شيء، لإعادة البناء من جديد ووفق صيغة متطورة. لا تقتصر هذه الفكرة على بعض الشخصيات أو القوى اللبنانية، بل هناك ديبلوماسيون من دول فاعلة ومؤثرة ومقررة، يطرحون مثل هذه السيناريوهات ويدرسون احتمالات التعامل معها.

ضغوط وتوترات 
تنشغل جهات لبنانية وديبلوماسية في لبنان بمثل هذه الأسئلة والهواجس. ويجُمع المختلفون على أن المفتاح الأساسي لأي مرحلة جديدة مرتبط باتفاق ترسيم الحدود، ومرحلة ما بعد الاتفاق النووي وشكل انعكاسه على الوضع في المنطقة.

وهناك من يتوقع أن ينجم عن ذلك صدام، لا سيما في ظل رفض قوى إقليمية الخطوة الأميركية. لبنانيًا كما إقليميًا هناك وجهات نظر تعتبر أن كل ما تؤدي إليه السياسة الأميركية، يقود إلى تعزيز الوضع الإيراني في المنطقة. وكذلك تعزيز وضع حزب الله السياسي في لبنان. في المقابل، يعتبر آخرون أن ذلك غير قابل للتحقيق، وتنجم عنه ضغوط كثيرة وتوترات أكثر.