Advertise here

التلوّث السمعي والبصري والنفسي

26 آب 2022 07:29:39

يسارع ذهنك عند سماع كلمة «تلوث» إلى التفكير بالتلوث البيئي، كتلوث المياه والتربة والهواء والغذاء، وغيرها من الأمور التي تعتمد على العنصر الحسّي أو المادة الحسّية من (مادة صلبة أو سائلة أو غازية) وحتى مواد إشعاعية طاقية، تدخل على بيئة معينة وتسبب خللا أو تغييرا سلبيا فيها.غير ان التلوث، يشمل مجالات أكثر من المذكورة، ويكون له تأثيرا على جوانب كثيرة من الحياة، لا سيما النفسية للاشخاص ومنهم إلى المجتمعات.

وهو التلوث الذي يستهدف حاسة السمع لدى الإنسان، وفيه من الخطورة لما قد يسببه من تهالك الجهاز العصبي لديه وانهياره، ويؤدي به إلى الإصابة بأمراض في صحته النفسية والجسدية. فتعرض الإنسان بشكل مستمر او متقطع للاصوات الصاخبة والعالية يعرضه لكمّ هائل من التوتر، يعكر مزاجه، وينهكه عصبيا ونفسيا. تتمثل مصادر التلوث السمعي على سبيل الذكر لا الحصر ب: هدير الآليات والسيارات وأصوات المصانع والآلات، وحتى أصوات الأشخاض والحيوانات، وغيرها من المصادر الكثيرة، ويتأتى قسم منها من الواقع التكنولوجي السائد، الذي يجعل المرء كل يوم في إدمان تام لصخب هذه التقنيات، وصخب ما تحتويه من تنوع يؤثر بضجيجه ومواده على السمع، والإدراك والحالة النفسية.

من نتائج التلوث السمعي لدى الإنسان:

- التعب المفرط المتأتي من القلق وقلة النوم، والذي يكون احيانا نتيجة أوجاع جسدية من اوجاع الراس وغيرها لكمّ التوترالذي عاناه الشخص خلال يومه. - فقدان حالة السمع: وهي حالة شائعة يعاني منها العاملين في المصانع او حتى المتواجدين في بيئات تكثر فيها الضوضاء والصخب، بما فيها البيئات التي ترزح تحت ثقل الحروب والقصف والإنفجارات أو تلك التي تكثر فيها المشاجرات والخلافات. ويؤدي الصخب هذا إلى فقدان جزئي او كلي للسمع إن تراكم، يسببه التلف الحاصل للخلايا المسؤولة عن السمع.

- الأثر النفسي والإدراكي: يؤثر التلوث السمعي على الجهاز العصبي والنفسي بشكل كبير، وكذلك على المستوى الإدراكي لدى الإنسان وقدرة التحمل وهذا ينقسم إلى شقين:

أولا: الاثر الذي تتركه ضوضاء المعلومات التي يتلقاها سمعيا، والتي على كثرتها وتناقضها احيانا تسبب إرباكا في المستوى الإدراكي والتحليلي وتدفع بالمتلقي إلى تبني افكار ومقاومة أخرى، ما يجعله عرضة للإنهاك العقلي الشديد.

ثانيا: الاثر الذي تتركه ضوضاء الصوت، ومدى حدّته واستمراره وإزعاجه ما يسبب تلفا عصبيا ، ينتج معه توتر عام، سوء مزاج، وردات فعل عصبية وغضب، قد تؤدي في كثير من الأحيان إلى تصرفات غاضبة وعنيفة، ويؤثر على عطاء الشخص وقدرته على التحمل.

التلوّث البصري

وهو التلوث الذي يستهدف حاسة البصر لدى الإنسان، ولا تقل خطورته عن التلوث السمعي لما يسببه من نتائج سلبية على عدة مستويات لدى الأشخاص، لا سيما الجهاز العصبي والبصري بحد ذاته، ويتسرب إلى عمق الإدراك الإستيعابي وردات الفعل السلوكية كنتيجة.

أهم مسببات التلوث البصري:

- المناظر الغير مقبولة أو المغلقة بشكل يمنع راحة النظر، كالأماكن التي لا يصلها الضوء بشكل كاف، والأماكن المغلقة، بحيث تكون حدود النظر حائط والأماكن المطلة على مناظر غير مريحة كجبال من النفايات مثلا أو عواميد مكتظة بشبكات الكهرباء او حتى أحياء مكتظة سكانا وبنيانا.

- اللوحات الإعلانية المنتشرة على طول الطرقات بطريقة غير منظمة تجعلها مكتظة ومتداخلة مؤثرة على المنحى البصري والإدراكي، بحيث تسبب تلقيا متداخلا للصور قد يلهي السائق أحيانا ويؤدي إلى حوادث، ويؤثر على آخرين بكمّ من المعلومات والصور والألوان التي يضخها إلبصر إلى العقل المستقبل والمحلل فيترك تأثيرات كثيرة، أقل ما تسببه هو عدم الراحة والتوتر.

- الإدمان التكنولوجي والتلوث البصري الذي تخلقه الشاشات بالوانها وأضوائها التي غالبا ما تؤثر في صحة البصر أولا، وفي التفكير والإدراك لتشابك وكثرة الموضوعات التي يتلقاها المتابع وما تتركه لديه من توتر وخوف احيانا وترقب وانفعال أحيانا أخرى.

من نتائج التلوث البصري:

- مشاكل واضطرابات في حاسة البصر، تؤدي أحيانا إلى تلف شبكة العين أو فقدان النظر بشكل تام او جزئي على أثر استمرار تعرض خلايا العين للتلف.

- المشاكل والإضطرابات العصبية، وسوء المزاج فضلا عن إنهاك الحالة النفسية، وما قد ينتج عنها من تدهور صحي وإعياء جسدي.

- التعرض لكم كبير من الالوان والمعلومات ما يؤثر على الحس الإدراكي، وبالتالي التفكير، ومثال على ذلك قدرة احدهم على تسويق نفسه من خلال الإعلانات في قالب ومحتوى جاذب، يوقع المتلقي في حالة استجابة لمضمونه او صراع مع عقله في حال رفضها او التشكيك بها لشدة إتقانها. ومثال آخر إعلانات الطعام الشهي مثلا ووقعها القاسي جدا على من يغرقون في حالة من الفقر والجوع الشديد، ما يجعلهم في حالة نقمة وغضب وتوتر نفسي وسلوكي.

التلوّث النفسي

تتداخل عناصر التلوث السمعي والبصري، ويستهدف غالبا الواقع النفسي للإنسان ليصيبه بدوره بالتلوث. وهذه الآفات تستوجب علاجا وتنظيما في مجالات كثيرة أبرزها:

- اهتمام الجهات الحكومية والبلدية على إزالة كل اشكال التلوث السمعي والبصر قدر الإمكان عن طريق إصدار قوانين ملزمة تمنع الإزعاج.

- منع الموسقى الصاخبة بعد ساعة معينة.

- عدم الترخيص للمصانع والمعامل في مناطق قريبة من الوحدات السكنية.

- تنظيم الإعلانات واللوحات الإعلانية. وقوننتها.

- السعي إلى التشجير والإهتمام بالبيئة ما يساهم في الراحة النفسية لكثيرين، وغيرها من الحلول التي لا تنتهي وتساهم في خلق بيئة سليمة.