Advertise here

اعتكاف القضاة يشرّع الباب للجريمة.. أمن المواطنين بخطر

25 آب 2022 13:58:07 - آخر تحديث: 25 آب 2022 14:12:06

مع اعلان أكثر من 400 قاضٍ للاعتكاف احتجاجاً على ما وصلت اليه أوضاعهم المعيشية كما أوضاع قصور العدل، توقف العمل في معظم النيابات العامة، وبالتالي مسار العدالة أصبح بدوره معطّلاً في مختلف الدعاوى والقضايا. 

تداعيات هذا الاعتكاف، على أحقيته، تطال العديد من الجوانب التي تمسّ الناس ومصالحهم المرتبطة بالمحاكم، والتي تترك أثراً سلبياً اذا ما طال أمد هذا القرار من قبل القضاة. 

المحامي سليمان مالك عدّد عبر موقع mtv بعض هذه التداعيات، فالضابطة العدلية مثلاً تأخذ اشارة المدّعي العام اذا كان هناك جريمة، واليوم لا يمكنها أن تقوم بالتوقيف أكثر من 48 ساعة بحالة الجناية المشهودة على ذمة التحقيق من دون اشارة المدّعي العام، ففي ظل الاعتكاف لا اتصال مع المحامين العامين ومعظم النيابات العامة متوقف عملها.

وهنا تكمن الخطورة الأكبر، مع توقف امكانية النظر بوضع أي موقوف، الأمر الذي يهدد النظام العام، فالضابطة العدلية لا يمكنها توقيف أو احتجاز أي مشتبه فيه من دون اشارة قضائية والا تكون قد احتجزت حريته ويعرّض عناصرها للملاحقة القانونية الجزائية، وهنا الكارثة الكبرى وتهديد أمن اللبنانيين وسلامتهم مع غياب محاسبة المرتكبين والمجرمين الذين سيكونون طلقاء أحرار.

وأمام هذا الواقع الخطير، يعتبر مالك أن "اطالة أمد الاعتكاف سوف يتحوّل الى واقع أشد خطورة من المطالبة بحقوق لمجموعة من الناس الى تحويل وطن بأكمله ضحية لاستسهال ارتكاب الجرائم ويتحول المجتمع الى شريعة الغاب بسبب غياب المحاسبة. لذلك المطلوب  استعمال السلطة الممنوحة للقضاء بقوة الدستور والقانون الى أداة للمحاسبة وغل يد السياسيين واصحاب النفوذ بكل شجاعة لانّ الشعب كله اليوم نظره شاخص للوقوف الى جانب السلطة القضائية ايمانا منه بأن لا وطن دون عدالة". 

هذا وليس على مستوى الجريمة فقط، فللاعتكاف أثره ايضاً في المعاملات التنفيذية، أو الحجز الاحتياطي مثلاً، الذي سيكون من غير الممكن اجرائه لضمان حقوق الناس. 

طبعاً صرخة القضاة محقة ولهم حقوقهم، ولكن هذا الاعتكاف ينعكس سلباً ايضاً على حقوق الناس اذا لم يصلوا الى انجاز هذه المطالب والقبول بترضية من هنا أو هناك، يضيف مالك، فالاعتكاف يمكن أن يقوم به الشخص للتضحية بنفسه انما ما يحصل هو تضحية بحياة وحقوق الناس، مع تأكيدنا على أننا مع مطالبهم والوضع المعيشي صعب على الجميع ولا بد من قرار مسؤول من الصعب لمعالجة هذه المشاكل. 

وهنا يعود الموضوع الأهم الى الواجهة وهو استقلالية القضاء والذي كما يبدو تحوّل الى شماعة لدى القوى السياسية، ويشير مالك الى "انّ عملية قضم حقوق القضاة في كل مرة من قبل السلطة السياسية، كما تقويض في كل مرة وبأسلوب مختلف امكانية اقرار قانون استقلالية السلطة القضائية، جعل الامور تتراكم حتى طفح الكيل القضائي وصولاً لاعلان القضاة الاعتكاف شبه التام عن القيام بدورهم في قصور العدل! وهذه المرة الاعتكاف مفتوح من دون أفق وفق الظاهر على كل الاحتمالات، إن لم يتم الاستجابة للمطالب وأهمها مقومات العيش بكرامة مع ما يليق بهالة العدالة وهذا لا يتم دون توفر النية لدى المعنيين للافراج واقرار قانون استقلالية السلطة القضائية.
ولكن، إن لم تتم معالجة الاسباب التي دفعت الى الاعتكاف فسوف يبقى القاضي بحالة الكر والفر  في كل مرة أقله للمحافظة على ما تبقى من حقوق بدل من تحسينها"، مضيفا "فالمشهدية ضبابية، محقة وخطيرة. لا يمكن للسلطة القضائية ومعها الموظف والمحامي والمتقاضي في مرفق العدالة أن يبقوا رهينة سياسة تقويض العدالة لمئة سبب وسبب".

ولكن القاضي في النهاية كما أي موظف أو مستخدم او ممتهن، لا يمكنه أن يعمل، يبحث، يعلل، يقارن حتى يقرر ويحقق العدالة، طالما هو قلقاً على تأمين قوته او لا يعرف اذا كان راتبه يكفي حاجاته وحاجات عائلته الاساسية من غذاء، كهرباء، مياه، استشفاء وتعليم الخ. وهذا القلق حكماً سوف ينعكس على انتاجيته ويشلها.

وعليه فإن اللبنانيين أصبحوا اليوم أمام خيارين ما بين العدالة المنقوصة والمسيّسة والمرتهنة واللاعدالة الكاملة والانهيار الاجتماعي والأمني. فالمطالب المحقة لا يمكن أن تعني أبداً تشريع البلد أمام الجريمة والتفلّت، والمسؤولية الان أكبر من أي وقت مضى، فاذا القضاء بخير البلد بخير والعكس صحيح، ولكن ما حال البلد اذا غاب القضاء بالكامل؟