تتوالى التساؤلات حول الدور السنّي في الإستحقاق الرئاسي المقبل، إذ لطالما كان المجلس النيابي يضجّ برؤساء حكومات سابقين ونواب محترفين، أضف إلى ذلك الدور السياسي من خارج المجلس من قِبل مرجعيات سياسية وقيادية، وذلك تبدّى منذ الإستقلال في ظل العهود المتعاقبة، إلى ما كان يسمى "الصيغة الميثاقية" من الرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح، وصولاً إلى سليمان فرنجية ورشيد كرامي وصائب سلام، إلى حقبة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مع الرئيسين الياس الهراوي وإميل لحود، إلى العهد الحالي، حيث لم يشهد استقراراً رئاسياً أو سياسياً واقتصادياً، بل خلّف أضراراً جسيمة على كل المستويات، وبالتالي، فان التجربة مع الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي شهدت خيبات أمل لا زالت سارية المفعول حتى اليوم، من دون إغفال الإستقرار في عهد الرئيس ميشال سليمان مع الرئيسين الحريري وتمام سلام.
من هنا، السؤال حول كيفية مقاربة النواب السنّة الحاليين والقيادات الوسطية خارج المجلس للإنتخابات الرئاسية المقبلة؟ وماذا عن دور هذه الطائفة التي لها دورها التاريخي وعمقها العربي، وتحديداً مع المملكة العربية السعودية التي لم تكن ممتنّة لأداء السنوات الماضية لحلفاء وأصدقاء بفعل التسويات التي جلبت الدمار الشامل رئاسياً وسياسياً؟
والسؤال الآخر، هل سيعود الرئيس الحريري لإدارة الإستحقاق الرئاسي، حيث لا يزال يملك القاعدة الشعبية، في حال تمّت تسوية العودة، أو ماذا سيفعل النواب الجدد، لأنه للحقيقة ليس ثمة خبرة أمام مثل هذه المفاصل التي لها أربابها ومحترفوها؟
النائبة السابقة رلى الطبش، ما زالت تتابع وتواكب المسارات السياسية والإقتصادية وقضايا العاصمة عن قرب، من خلال لقاءاتها وتواصلها مع نواب بيروت وفاعلياتها والوزراء المعنيين بالقضايا التي تعنى بشؤون الناس وشجونهم في هذه المرحلة العصيبة، وإن كانت خارج الندوة البرلمانية، لكنها لن تتخلّى عن رسالتها، وهي التي أطلقت عبارة "يدي ممدودة لأجل بيروت" بمعزل عن أي موقع نيابي أو وزاري.
أما عن تواصلها مع الرئيس الحريري مع اقتراب موعد الإستحقاق الرئاسي، وما إذا كان سيعود إلى البلد، فتردّ بصراحة متناهية: "لا أعتقد أنه عائد قريباً، وحتى قبل الإنتخابات الرئاسية، والتواصل معه قائم ومستمر ربطاً بما يتعلّق بقضايا مجتمعنا وناسنا والوقوف إلى جانبهم. وبالمحصلة، فالعودة مرتبطة بالوضع السياسي وإلى أين ستصل الأمور والقرار عنده وليس عند أحد سواه".
وعن دور تيار "المستقبل" في هذه المرحلة، وهل من خطوات مرتقبة له؟ تردف الطبش مؤكدة حصول لقاءات وتواصل مع النائبة السابقة بهية الحريري، التي هي من يتابع شؤون "التيار" ونواب "المستقبل" السابقين.
أما عن الخطوات التي يمكن أن تحصل في إطار العودة إلى الحياة السياسية والحزبية، فقالت: "باعتقادي ربما بعد الإستحقاق الرئاسي قد تكون هناك حركة نشيطة وإعادة تفعيل للتيار وللعمل السياسي بشكل عام، ولكن يبقى ذلك رهن الظروف، في ظلّ ما نعيشه اليوم من مرحلة مفتوحة على كل الإحتمالات".
وبالنسبة الى الإنتخابات الرئاسية المقبلة، تبدي الطبش قلقها من حصول فراغ رئاسي، في ظل حالة الإنقسام السياسي والإرباك لدى كل الأطراف والقوى السياسية والحزبية على اختلافها، نافيةً أن يكون هناك أي مرشّح لتيار "المستقبل"، أو تعاطٍ وتدخل للرئيس الحريري في هذا الإطار، ومشدّدةً على أن "خروج عون من قصر بعبدا لدى انتهاء ولايته واجب دستوري عليه الإلتزام به، وعدم تكرار تجربة أواخر ثمانينات القرن الماضي، فالبلد لا يحتمل أي مناورات سياسية أو خضّات وتصفية حسابات، والناس تئنّ جوعاً وقهراً، ولا ننسى أننا على أبواب استحقاقات الخريف من المدارس إلى الجامعات إلى ما يعانيه القطاع الصحي وسائر مرافق الدولة ومؤسساتها، لذلك، أدعو الجميع الى مخافة الله، وتجنيب لبنان المزيد من الإنهيارات".
وعن تقييمها لتجربة النواب الجدد، ولا سيما منهم "التغييريين"، وتحديداً في العاصمة بيروت، تتابع الطبش: "كما أشرت أنا ألتقي نواب العاصمة لمصلحة بيروت، ولا يمكنني تقييم أدائهم، ومن المبكر أن نحكم على أحد، وفي المحصلة الناس هي من تقيّم عملهم ودورهم وأداءهم".
وتخلص متسائلة: "هل يعقل أمام هول ما يحصل حياتياً واقتصادياً، أن لا يتحرّك أحد وتحديداً من الذين مشوا بالثورة، وحده آنذاك الرئيس سعد الحريري استجاب لرغبة التغيير والحركة الإحتجاجية، فأعلن استقالة حكومته واحترم خيار الناس. اليوم نشهد انهياراً دراماتيكياً للبلد، ولا أحد يسأل ماذا تفعل هذه المنظومة، وأين المعالجات؟ والمنطق يقول "الآن بدّها ثورة من أجل الناس" وأن ننقذ البلد من براثن الفاسدين والمرتكبين، ولكن ثمة تساؤلات حول هذا الصمت المريب من الذين عاثوا بالبلد فساداً، وأين المتظاهرون والثوار والحركات المطلبية والإحتجاجية... واأسفاه، فعلى من تقرأ مزاميرك يا داود؟"