Advertise here

أحرفٌ دامعة أمام رحيل جوزيف القزي

20 آب 2022 13:31:23 - آخر تحديث: 20 آب 2022 13:31:44

عزّ عليّ الخبر، وشقّ عليّ سماعه.. إنه دوي الرحيل الصاعق في خبر وفاة الأخ والصديق والرفيق جوزيف القزي. 

أمام رحيله أقدّم إكليلاً من الرياحين والورود الدامعة، إن وقع الغياب الجلل كان ثقيلاً وصعباً على أهله ومحبيه ورفاقه، وكل من عرفه، كيف لا؟ والرفيق جوزيف القزي أيقونة النضال، وأحد أركان وأعمدة الفكر التقدمي، فأمام هذا الغياب وصدمة الرحيل أقف بذهول الخاشع، وبدمعة الحزن، وكسرةٍ مرّة في القلب، والمآقي تذرف الدموع غزيرةً لأقدّم إكليل زهور تشبه أزهاره الطيبة الأريج، وتليق بسيرة الرفيق جوزيف النضالية الرائدة، فالرفيق جوزيف القزي، عاش حياته فارساً نبيلاً كبيراً مترفعاً بشوشاً لطيفاً، صلباً في عقيدته ونضاله، مخلصاً وفياً لمبادئه، مناضلاً حراً ومقداماً في الطليعة في معراج وطريق المعلم الشهيد كمال جنبلاط. 

الرفيق جوزيف القزي، كان في كلّ محطات نضاله العين والعقل الساهر، على رسالة الحزب، متبحراً في إشتراكيته الإنسانية، متعمقاً في ثقافة الإنسان والمواطنة، منحازاً إلى مفاهيم التطور والحرية والديمقراطية الصحيحة. هذه الهالة الفكرية الملتزمة تجعله يبقى حاضراً في حضوره، وباقياً ومستمراً في رسالته التقدمية، رسالة فلسفة الحياة من أجل الحياة فشكّل في نضاله قيمة نضالية، علمية، أخلاقية وتربوية متميزة فكان مرشداً ومعلماً صادقاً، صافياً يشعّ علماّ ومعرفةً ومثالاً، لمريديه ورفاقه وطلابه الذين تحلقوا بحبٍ حوله، كالفراشات أمام الشعلة المضيئة، فجميع من عرفه إنجذب إليه وإلى نور عقله وقلبه، وسعيه الدائم لخير الإنسان وسعادته وعزته وكرامته. هذا الإنسان الذي يشكّل قطبة التوجّه وغاية النضال وقصده، لخلق الإنسان التقدمي والمواطن الحرّ والشعب السعيد متحرراً من كافة أشكال الجهل والعبودية والإستعباد. وبهذه الفضائل تميّز وبذل الرفيق جوزيف القزي حياته وفكره وجهاده فيما يحب ويسعى. لكل ذلك كان الرفيق جوزيف القزي حياةً نابضة بالإلتزام والإنفتاح، عاش حياته، مناضلاً، نبيلاً كبيراً ومترفعاً، محباً منزهاً، صادقاً فتعاقبت على مائدته الفلسفية أجيالاً من الطلاب، إلتزمت مبادئه ومثالاته، وكان دائماً متميزاً بصلابة الإلتزام وصدق الإنفتاح وعشق الحرية، مرتكزاً على قيمٍ أخلاقية وتقدميّة، لذا، لم يعرف يوماً رهبة الموت ولا الصراع والصعاب في صراع الحياة من أجل الحياة. 

رفيق جوزيف...أنىّ لنا الوداع، وكيف يكون الوداع، فأمثالك لا يرتحلون، بل دائماً يتألقون وجداً ونوراً يقتدى، وفي غيابك يتفتح الحزن أزهاراً، وبراعم واعدة وتستمر حاضراً في حضورك بيننا، وباقياً في رسالتك مستمراً مناضلاً بين رفاقك، في الجبهة الأمامية للمناضلين، وفي الصف الأول، مرشداً، مثالاً، سطّر أروع البطولات وأنقى الخصال الثورية في سجلّ التاريخ من أجل دفع عجلة التحرر والتقدّم الإنساني، قاطرةُ التاريخ إلى الأمام وإلى الحرية والسلام، لبناء مجتمع الكفاية والعدل والرخاء، وترسيخ مفهوم الديمقراطية الصحيحة، وبناء مجتمع الإنصهار والمواطنة والثقافة التقدمية، وهذا ما ينقذ الوطن من مركّب الضعف والخوف والقلق، ويعزز في النفوس عوامل الثقة بالمصير والتفاؤل والخير والسعادة، لنبني تراثاً وثقافة وطنية تقدمية حرّة، منفتحة في سموها الإنساني والتحرري. وتبقى يا رفيق جوزيف في ضمير ووجدان محبيك، لأنك إستثنائية نضالية لا تتكرر، وأيقونة نضال مضيئة في مسيرة وتاريخ الحزب التقدمي الإشتراكي، وحركة التحرر الإنساني. 

ورغم غيابك الموجع تبقى حاضراً ولن ننساك، فطوبى لك وتغمّدك الله برحمته وتبقى حاضراً ومنتصراً، في ضمير وعقل وقلب رفاقك، وهكذا تستمر بيننا شعلةً مضيئة، وصرخة تقدمية رائدة وواعدة في مسيرة وطريق الجهاد، طريق المعلم الشهيد كمال جنبلاط..رفيق جوزيف يا أيها الراحل عنا جسداً، وداعاً أيها الحبيب الراحل والصبر والسلوان لعائلتك الكريمة.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".