Advertise here

التعليم المهني والتقني بين حاجة السوق وتطوّر المناهج والاختصاصات

18 آب 2022 07:46:52 - آخر تحديث: 18 آب 2022 07:47:51

يوفر التعليم المهني والتقني المعرفة والخبرات العلمية والعملية، وكذلك التدريب والتطبيق العملي في الكثير من المهن والحرف. ويشمل التعليم المهني والتقني مستويات ثلاث:

- مستوى التأهيل المهني لمن أنهوا المرحلة الإبتدائية من التعليم الأساسي وتنتهي بشهادة الكفاءة المهنية كمرحلة أولى وبشهادة التكميلية الثانوية كمرحلة ثانية.

- المستوى الثانوي ويتضمن شهادتين رسمييتين، مدة دراسة كلّ منها ثلاث سنوات، (البكالوريا التقنية والثانوية المهنية - النظام المزدوج- البكالوريا المهنية).

 

- المستوى الفني العالي الذي يخول الدارسين في نهاية السنة الثالثة  الحصول على شهادة الامتياز الفني، تليها مرحلة الأطر العليا التي تمتد لسنتين من الدراسة، يحصل فيها التلميذ على الإجازة الفنية او الهندسة الفنية.

في مقاربة المفهوم والمنظور الخاطئ حول التعليم المهني والتقني في المجتمع اللبناني، تجد أنه وبأغلب الحالات يصار إلى تصنيف التلميذ الملتحق بالتعليم المهني بأنه فاشل دراسيا. وعليه فقد اختار طريقا سهلا وتحوّل إلى التعليم المهني. وهذه النظرة غالبا ما تكون هاجسا لدى الأهل الذين يصارعون لرفض الفكرة، والإصرار على إكمال أولادهم الدراسة في التعليم المدرسي أحيانا، بخلفية أن الإنتقال إلى المهني فشل بذاته.

ومن ناحية أخرى، يسعى التلميذ المنتقل إلى التعليم المهني إلى اختيار اختصاص يكون بالشكل قريبا من التحصيل العلمي المدرسي ومن بعده الجامعي في التعليم العادي، فترى الغالبية يلجؤون إلى اختيار اختصاصات الإدارة والمحاسبة وشبيهاتها، بينما يقل عدد الملتحقين بالإختصاصات الأخرى كالميكانيك والفندقية والكهرباء وغيرها...

لعل هاتين المقاربتين اللتين تمثلان واقعا سلوكيا ونفسيا في المجتمع، كرّسته سيكولوجيات العرف المجتمعي لناحية التقليل من شأن العاملين في الحرف والمهن، واعتبار العامل اقلّ شأنا من الإداري والموظّف.

نخلص مما تقدم إلى توضيح مفهوم التعليم المهني والتقني. مقارنة بباقي قطاعات التعليم، فإن القطاع المهني والتقني هو الأقرب إلى سوق العمل، فهو يوفّر اليد العاملة الماهرة والمتخصصة والمجازة، والتي تلبي حاجة السوق الصناعي والحرفي والسياحي والخدماتي وغيره.

فتوافر اليد العاملة المتخصصة والمجازة في المهن، يزيد من ازدهار هذه المهن، وتراكم هذا الإزدهار في غير مجال يخدم النهوض الإقتصادي والمهني المحترف، ويشكل رافعة أساسية لاقتصاد البلاد، بحيث يؤمن فرص عمل للمحترفين من ناحية، وتخدم مهارات المتخصص وكفاءته في المهنة التي اختارها، ما يعكس نجاحا وتطورا عاما.

يوجد في لبنان عدد كبير من المعاهد الفنية الرسمية والخاصة التي بغالبيتها مرخصة. وتتنوع الإختصاصات فيها وتجرى الإمتخانات الرسمية للطلاب بإشراف وزارة التربية، مصلحة التعليم المهني والتقني.

غير ان واقع التعليم المهني والتقني بمشكلاته يحتاج لمقاربة حلول كثير للنهوض به وهذه بعضها:

- اتجاه وزارة التربية ومصلحة التعليم المهني والتقني إلى الإضاءة على اهمية التعليم المهني من خلال ندوات وأبحاث وحقائق تصل بها إلى المتعلمين والمجتمع ككل لتغيير المفهوم الخاطئ الذي يقارب به المجتمع موضوع التعليم اامهني، وخلق مفهوم يعطي الواقع المهني حقّه وقيمته وجدواه وأهميته في أذهان الكلّ.

- عمل وزارة التربية من خلال مصلحة التعليم المهني والتقني على إدخال التعديلات على المناهج، بحيث يتم تحديثها لتجاري تطور سوق العمل بإدخال التكنولوجيا إلى الإختصاصات، كاستخدام التكنولوجيا الحديثة في ميكانيك السيارات مثلا والكهرباء، أو مواكبة الصيحات الحديثة في عالم التجميل على سبيل المثال، وتمكين المتعلمين من تعلم التقنيات الحديثة مواكبة للتطور الحاصل في سوق العمل.

- تعاون مصلحة التعليم المهني والتقني في وزارة التربية مع المؤسسة الوطنية للإستخدام التابعة لوزارة العمل، بحيث توضع خطط مشتركة توضح حاجات سوق العمل وتحث مصلحة التعليم على إنشاء إختصاصات جديدة، وحثّ المتعلمين للإلتحاق بالإختصاصات الطلوبة عبر التوجيه والإرشاد.

- عمل الوزارة على خلق الحوافز للمتعلمين، مما يفسح المجال امام المبدعين للتميّز، ويساهم في زيادة الإقبال على هذا القطاع .

- تظافر الجهود بين لجنة التربية النيابية ولجنة العمل النيابية للسعي لدعم الواقع المهني والتقني عبر التقدم بدراسات ومشاريع قوانين، لدعم القطاع معرفيا وتكنولوجيا وفنيا، بحيث تهتم بربك القطاع بالمؤسسات والشركات الكبرى، فيكون المتعلم كفاءة تطلبها الشركات، وتخدم واقع التوظيف وتقليل البطالة بتوظيف الشباب اللبناني المجاز والكفوء.

كل ما سبق ذكره. خطوات تحتاج لأكثر منها على الطريق الصحيح، تبدأ بتقويم المؤسسات الوزارية والتعليمية، بحيث توضع الخطط وقواعد العمل والميزانيات، ويحدد كل مشروع بسقف زمني لإنجازه، يصار بعده إلى تحقيق إنجاز تلو الآخر ما يؤمن للكل البيئة الصحيحة للنهوض الصحيح.