قبل اقل من اسبوعين من بدء المهل الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، تم ايقاظ ملف تأليف الحكومة الذي نام لنحو شهرين، من خلال الزيارة التي قام بها صباح اليوم الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى قصر بعبدا، الذي قال: "في 29 حزيران الماضي قدمت الى فخامة الرئيس تشكيلة للحكومة، وتم خلال لقاء اليوم البحث في هذه التشكيلة، وللحديث صلة. وسنتواصل لأنني أستطيع أن اقول أن وجهات النظر متقاربة".
اوحى ميقاتي ان ملف التأليف وضع مجدداً على طاولة البحث، في وقت كان السجال في الأيام الأخيرة يدور حول "هل يحق لحكومة تصريف الأعمال" ان تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية في حالة الفراغ؟
ووفقاً للمادة 69 من الدستور، تعتبر الحكومة مستقيلة في الحالات الآتية:
أ - اذا استقال رئيسها.
ب - اذا فقدت اكثر من ثلث عدد اعضائها المحدد في مرسوم تشكيلها.
ج - بوفاة رئيسها.
د - عند بدء ولاية رئيس الجمهورية.
ه - عند بدء ولاية مجلس النواب .
و - عند نزع الثقة منها من قبل المجلس النيابي بمبادرة منه او بناء على طرحها الثقة.
وانطلاقا من هذه المادة، لا يتحدث الدستور عن وضعية الحكومة في حالة الفراغ الرئاسي، غير ان الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك، شرح انه في حال حصل التأليف فان دور رئيس الدولة هو توقيع المرسوم، وعلى الحكومة فور التأليف ان تجتمع من اجل تشكيل لجنة البيان الوزاري الذي بعد انجازه يصادق عليه مجلس الوزراء ويصار الى طلب الثقة من مجلس النواب، وفي حال نالت الثقة بالاكثرية العادية تصبح حكومة فاعلة وقائمة وتحل مكان الحكومة المستقيلة. اما في حال لم تنل الثقة او لم يتمكن مجلس الوزراء من الخروج ببيان وزاري موحد عندها تصبح هذه الحكومة هي حكومة تصريف اعمال (عوض الحكومة الحالية) على ان يصار بعد انتخاب رئيس جمهورية جديد الى اجراء استشارات نيابية ملزمة جديدة لتسمية رئيس مكلف ليعود القطار ليسير بمساره.
واضاف مالك: في حال نالت الحكومة الثقة وانتهت ولاية الرئيس، فان الحكومة (في حال تشكلت خلال هذه الفترة القصيرة)، لا تتحول الى تصريف اعمال بل تبقى حكومة اعمال مستمرة وفاعلة وبكامل الاوصاف حتى انتخاب رئيس جديد وعند تسلمه مهامه تعتبر الحكومة انها باتت بحكم المستقيلة فتصرف الاعمال.
وماذا لو بقي الوضع كما هو عليه، اعتبر مالك ان الكلام عن ضرورة تأليف حكومة قبل نهاية العهد كان يصح قبل تعديلات اتفاق الطائف، ولكن بعدها الامر لم يعد صحيحا، وتحديدا حين نص المشترع في المادة 62 على انه "في حال خلو سدة الرئاسة لاي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء"، فانه بذلك اوجد لهذه الحكومة حيزاً ووجوداً.
وذكّر مالك انه قبل الطائف كان موضوع تصريف الاعمال بناء على التماس رئيس الدولة من رئيس الحكومة ان يقوم بتصريف الاعمال بالمعنى الضيق، ولكن بعد الطائف بات هذا الامر مكرسا بالدستور وبالنصوص الدستورية وبالتالي عندما تخلو سدة الرئاسة تناط صلاحيات الرئاسة بالحكومة وكالة حتى انتخاب الرئيس العتيد.
وختم: اما مقولة ان الحكومة المستقيلة والتي تصرف الاعمال راهنا ليس باستطاعتها تسلم صلاحيات رئيس الدولة هو كلام غير دستوري، بل انها تستمر بتصريف الاعمال عملا بمبدأ استمرارية المؤسسات وسندا الى المادة 62 من الدستور.