الساعة 6:07 بتوقيت بيروت
04 آب 2022
08:12
آخر تحديث:04 آب 202208:39
Article Content
... ودقت الساعة 6:07. لم أكن أعلم أن ساعتي قد أتت على أيدي مخزّني النيترات. وعوض فتح باب العنبر رقم 12 شُرّعت أمامي أبواب السماء.
تناثرتُ أشلاء، وهامت روحي فوق بيروت الجريحة. لم أعرفها. ما عاد حجر على حجر. وما عاد البشر بشراً.
بلحظة... تغيّر كلّ شيء.
ها ولد يصرخ أمّي وقد فارقت الحياة. ها أب مضرّج بالدماء يبحث عن ابنته، فوجد اللعبة فوق أنقاضها. ها عجوز ترفض جهاز الإنعاش: "أعطوا الحياة لمن لا تزال الحياة أمامه". سمعت في البعيد أنيناً، نظرت فإذا بعشرينية مزّق الزجاج شرياناً في عنقها. تحاول أن تجد لها مكاناً في مستشفى. لا مكان سوى سيارة غريب وإلى جانبه أم ورضيعها الذي لم يفتح عينيه بعد. أبقيهما مغلقتين، فلا ترى عيناك ما صنعه بنا الفساد والإجرام. وما ذنبنا... وما ذنب بيروت وما فيها.
صفارات، صراخ، بكاء، وإذا بنفس هادئ خلفي. أمّي تسأل عنّي. صَرَختُ لها أنا هنا، فلم تسمعني. بكت ونظرت إليّ في السماء. مَسَحَت دموعها ومشت في طريق طويل إلى جانب أهالي رفاقي الشهداء والجرحى علّهم يصلون إلى نهايته فنعرف من قتلنا. وإن لم يقتلنا بالجسد قتل الحياة فينا.
وكم صرَختُ مرّات مرّات. صرخت في كل مرة تغيّر قاضي التحقيق. في كل مرّة حاولوا ردّ القاضي عن القضية وكفّ يده. في كلّ مرّة قالوا إنّهم يريدون العدالة وعرقلوها. أصرخ كل لحظة بقي ويبقى فيها المجرم لا بل المجرمين خارج السجن من دون عقاب.
قالوا خمسة أيام، وها هي الذكرى الثانية لـ4 آب ولم تظهر الحقيقة.
وستسقط الاهراءات. وسأصرخ من تحت التراب مرة جديدة. فجزء مني ما زال هناك يتألم تحت صومعة.
وألمي كبير بقدر أوجاع من خسر أحباءه، من لا يزال يتألم في المستشفيات. من خسر منزله وعمله ومقتنياته...
ألمي كبير بقدر كل من ينظر إلى الساعة ويراها 6:07 ويتذكر ويسمع فيحاول أن ينسى. ولن ينسى...
وأنتم من تغمّست أيديكم بدمائنا، إذا هربتم من عدالة الأرض فاعلموا جيّداً، أنّنا هنا، أكثر من مئتي ضحية، ننتظركم في يوم الحساب.
إعلان