اليوم، 4 آب 2022، تاريخ هو الاكثر شؤماً وبؤساً، يؤرّخ أسوأ كارثة في تاريخ لبنان. في ذلك اليوم المشؤوم، قبل سنتين، ضرب الانفجار الزلزالي مرفأ بيروت، ودمّر ثلث العاصمة، وأودى بحياة المئات من الابرياء، وخلّف آلاف الجرحى وحوّل عشرات الآلاف من المواطنين منكوبين بأرزاقهم، وسَوّى بهم في الارض ركاماً يضاف الى ركام الازمة التي تعصف بهذا البلد.
سنتان على هذه الفاجعة، ولم يستفق اللبنانيون والمنكوبون بشهدائهم وجرحاهم وجنى عمرهم، من الصدمة بعد.
سنتان، ولا مَن يسأل عن هؤلاء.. ولا من يبرّد النار الموقدة في دواخلهم حرقة على أب أو أم او زوج او زوجة، أو اخ أو أخت او صديق او قريب او طفل بريء أطاح بهم الزلزال في لحظة جهنّمية.
سنتان، ولم يُنصف الشهداء، والضحايا الذين حكم عليهم بالسير على درب المعاناة مدى الحياة.
سنتان، عين السلطة، او بالاحرى ما تبقّى من هذه السلطة، عمياء لا ترى، وقابعة في زاوية العجز والفشل والشلل والتخبط.
سنتان، وكأنّ جريمة العصر باتت على شفير أن تقيّد ضد مجهول، والمجرم مجهّل او مجهول، لا فرق، فهو حرّ طليق، والقضاء مقيّد، ومربك، بل عاجز ومشلول، وممنوع عليه أن يخترق جدران هذه الأحجية، وانتشال العدالة المفقودة في دهاليز السياسات والحسابات والتناقضات والعرقلات المفتعلة.
سنتان، وركام الجريمة وآثار الانفجار «متكوّمة» في المرفأ وسائر المناطق المنكوبة، وها هي إهراءات القمح التي لطالما شكّلت مَعلما قائما في مرفأ بيروت، والتي ظلت شاهدا على هول جريمة التفجير، باتت آيلة للتداعي والسقوط في أي لحظة، وما استجدّ حولها ان النيران بقيت مشتعلة فيها أمس، وقد سجلت إشارات توحي بأنّ انهيارها أصبح وشيكاً حيث ارتفعت فجأة نسبة انحنائها وتحديداً من الجهة الشمالية من 12 ميلليمتراً إلى 20 في ساعة من الوقت، ومنعت القوى الأمنية السيارات من المرور في المكان تحسّباً لكمية الغبار التي قد تنتج عن عملية الإنهيار. وأفيد عن توقف الأعمال في محيط إهراءات القمح في مرفأ بيروت وعن إخلاء عدد كبير من العمال والموظفين.