Advertise here

فخامة الرئيس: لو كنت اعتذرت

02 آب 2022 19:15:01

قبل حوالي ثلاثة أشهر من انتهاء الولاية الرئاسية، وفوق كل الانهيار غير المسبوق الذي منيت به البلاد في عهد الرئيس القوّي، مستعيد الحقوق الضائعة، خرج على اللبنانيين بإطلاق تمنٍ علّه يكون الأخير في ولايته، بتعهده العمل على وصول رئيس قوّي آخر يواصل مسيرة الإصلاح التي بدأها. ولعله غاب عن الرئيس عون أن هكذا نوع من الرئاسة أوصل اللبنانيين، وبحسب تعبيره هو نفسه، إلى جهنم.

كان معيباً بحق قائد جيش سابق تولى رئاسة الجمهورية ان يكون في احتفال عيد الجيش، يلقي التمنيات والتعهدات، فيما عناصر الجيش أنفسهم يرثون لحالهم وباتوا بالكاد قادرون على العيش.

ورغم ذلك كان للرئيس عون إمكانية أن يتمنى على الضباط المتخرجين أن يحوّلوا السيف الذي يستلموه إلى "كلمة استقامة في وجه الفساد"، وأن يسترسل في الحديث عن إنجاز يتيم في مسيرته يوم كان قائدًا للجيش ففتح الباب أمام انخراط الضباط الإناث في السلك العسكري، على حد تعبيره، متجاهلًا إما عن قصد أو بنصيحة من مستشاره السليم في اسمه فقط، آلام اللبنانيين ومعاناتهم في عهده، ومعاناة العسكريين تحديداً.

فيا فخامة الرئيس، كان يتمنّى الشعب اللبناني أن يسمع خطاب اعتذار أقله عما آلت إليه أوضاع البلاد بسبب إدارة العهد لشؤون البلاد، وعن حوالي 700 يوم من الفراغ "كرامة عين صهر الجنرال"، وعن خلق أعراف دستورية جديدة، وعن تدهور قيمة الليرة اللبنانية، وعن طوابير البنزين والدواء والخبز...

كانت تتمنى عائلات الجيش اللبناني لو تقدّمت منهم باعتذار علني عن تدهور قيمة معاشاتهم/ن الشهرية.

كان تتمنى عائلات المفقودين لو أثلجت صدورهم بأي خبر عن أولادهم المفقودين أو المأسورين في السجون السورية، يوم تركتهم وتركت مصيرهم للقضاء والقدر.

كانت تتمنّى عائلات شهداء المرفأ أن تسمع اعتذارًا علنيًا عن رفضك استقبال وفد من أهالي ضحايا الانفجار، ومصارحتهم بحقيقة نيترات الأمونيوم التي كنت تعلم بتخزينها، لتعود وتتملص من المسؤولية وتبرر حصول ثالث أكبر انفجار في التاريخ بأنه مجرد إهمال وظيفي.

كانت تتمنّى عائلات كثيرة أن تسمع إعتذارًا علنيًا عن التضييق على القضاء بعدم توقيع التشكيلات القضائية، او عن التعطيل في التحقيق بانفجار المرفأ.

كان يتمنّى الاعلاميون والناشطون أن يسمعوا اعتذارًا عن الممارسات البوليسية بحق حرية التعبير وتلهف فريقك لإعادة الدولة القمعية البوليسية فيماوأنت كنت تقضّ مسامع اللبنانيين بنضالاتك في وجه النظام الأمني، الذي هو ذاته أبرم معك صفقة العودة من باريس.

هذه كانت أبسط امنيات اللبنانيين منك أمس... اما امنياتك انت فقد تحققت بحكم البلد، وبتحققها تبدد حلم اللبنانيين في العيش بكرامة وظروف اقتصادية أفضل. 

كان الأحرى بك لو صارحت اللبنانيين منذ اليوم الأوّل من ولايتك بأنك صاحب مقولة "أنا الدولة والدولة أنا"، فكنا تأكدنا أن الذهنية التي أنتجت الحروب لا زالت هي هي ولا دولة تبنى عليها.