Advertise here

العبثيـــــة

11 أيار 2019 07:55:00 - آخر تحديث: 25 أيار 2019 09:39:40

هزلت السياسة في لبنان. لم يعد ثمة هيبة لموقع واحترام لمسؤولية. الاستباحة للمؤسسات والعبث بها أسهل ما يمكن أن يقدم عليه شخص ما في الدولة. آلة إدارة الحكم مفككة. ومؤسسات ملاعب أو ساحات يتنافس فيها "المسؤولون" يسجّلون فيها نقاطاً على بعضهم البعض، ونقاط الدين العام ترتفع، يوازيها تدنّ في نقاط تصنيف لبنان دولياً !!

- استهداف للإعلام وإحالات إعلاميين بالجملة للمثول أمام ضباط. ومع كل الاحترام والتقدير للقانون والمؤسسات والضابطات العدلية فإن عدداً كبيراً من الضباط ليس بريئاً مما يجري في البلد. ولكل ضابط "مرجعية" "وحماية" وأحياناً كثيرة يصبح هو المرجعية لنواب ووزراء لتوفير خدمات، ولو بمخالفة القانون. بهذا المعنى، ضاع القانون، وضاعت المسؤوليات، وتكاد تضيع الحريات الإعلامية والعامة وهي أبرز ميزة من مميزات لبنان الكيان. 

- في الملاعب وتوزّعها والمواقع وتفرّعها وكالات حصرية لهذا أو ذاك. شهدنا ضباطاً يحققون في ملعب، فاستنفر "أصحابه"، وأرسلوا ضباطاً الى "فرع" من ملعب الآخرين. وبالأمس جاؤوا بهم الى ملعب الخارجية!! حيث يجب أن يسود الوقار وتكون الهيبة، والسرية، والجدية، والمعرفة، والمواكبة المهنية لكل ما يجري في العالم هي الأساس . مشهد بشع عاشته وزارة الخارجية أمس يتجاوز ما تعيشه من بشاعة في ممارسة الدبلوماسية والتعاطي مع العالم والدبلوماسيين. ليست هذه خارجية فؤاد بطرس وفيليب تقلا وحميد فرنجية وغيرهم وغيرهم من قامات وخامات لبنان الذين شرّفوا الدبلوماسية اللبنانية. وأياً تكن الأسباب. ليس في لبنان سرّ. ولا تجوز ازدواجية المعايير. هنا يعاقب دبلوماسي صغير أو كبير لأنه سرّب معلومات، وهناك وزير يقدّم تقريراً لهذه الجهة أو تلك عن نتائج محادثات وزيارات ولقاءات واتصالات مع ممثلي هذه الدولة أو تلك. ليس ثمة سرية أو خصوصية. ثمة حسابات ومصالح سياسية وشخصية. 

-  منذ عقدين ونيّف من الزمن اقتحم ضباط وزارة المالية علناً. لماذا؟؟ لأن وزير المالية كان يطرح أفكاراً مالية لترشيد الموازنة. التجاذب كان سياسياً. جاء العنوان مالياً. وكان الاقتحام أمنياً. اليوم يخرج وزراء ليهددوا في سياق مناقشة الموازنة: "تريدون أمناً ؟؟ لا تمسوا هذا الجانب أو ذاك من الانفاق"!! لا. كل من في الدولة هو في خدمة الناس كل الناس ولهم. وكل منهم اختار المؤسسة التي يرغب في الانتماء إليها. هكذا هو الواقع في كل دول العالم إلا حيث يكون جنوح نحو دكتاتوريات أو استبداد أو قمع ولجوء الى منطق القوة. حاول بعضهم في لبنان فعل ذلك وخربوه. والمشكلة ان اللاعبين في الملاعب الموزعة ليسوا محترفين -عموماً- وأنهم لا يسدّدون إلا متى يريد "المعلمون" وحيث "يريدون" وهم لا يسدّدون ما عليهم من واجبات.

-  اعتداء على نائب ومواطنين تظاهروا رفضاً لتمديد كابلات كهربائية. المبرّر تنفيذ قرار مجلس الوزراء. وخلاف داخل تيار سياسي يقف وزراؤه مع القرار. وتجاوز لموقف البطريرك الماروني. واعتداء على مواطنين في صيدا ومنع لنائب من دخول مخفر الدرك معهم.

إننا أمام حالة عبثية خطيرة تعيشها البلاد كادت أن تودي بنا الى الهاوية في الأيام الأخيرة مع موجات الإضرابات في المصرف المركزي والمصارف ومرفأ بيروت وقطاعات الإنتاج في لبنان. تجاوزنا "القطوع" وحسناً فعل رئيس الجمهورية في اجتماعه مع رئيسي مجلس النواب والحكومة ومحاولته إعادة تصويب الأمور لكن القلق يبقى قائماً. المطلوب تغيير ذهنية التعاطي وإدارة شؤون البلاد، وحفظ هيبة الموقع وكرامة الموقف وأمانة المسؤولية ووقف اللعب بالنار استقواءً بسلطة حالية وهرولة وراء سلطة منتظرة.