كعادته، واثق الخطوة يمشي ملكاً، رصيناً، متألقاً، حريصاً، يحمل هموم الناس وشجونهم، مناضلاً في الدفاع عن ما تبقى من وطن.
هو وليد جنبلاط، البوصلة التي لا تخطئ في تحديد المسار والمصير بعيداً عن الغوغائية والشعبوية، حكيماً يدرك التغيّرات الدولية والإقليمية ومدى تأثيرها على لاعبي السياسة المحلية.
يذكّر دوماً بالتاريخ ويقرأ الواقع بواقعية. يستشرف المستقبل الآتي. يتمنّى. ينصح. يحذّر. لكن هل من يسمع وهل مَن يقرأ؟؟
ليس عجباً، فالأصمّاء كُثر والقرّاء قلائل، وجوقة الرؤوس الحامية التي جعلت أدمغتها في حالة غليان حتى تبخرت عقولها هم أصحاب الرأي والنهي، والعاقل فيهم تحكمه لعنة مجدٍ مضى ما زالت معالمه دامية إلى يومنا هذا.
ماذا قال وليد جنبلاط حتى يواجَه بهذا الكم من التعليقات الناقدة والمشكّكة؟ هل لأنّه حريصٌ على السلم الأهلي، ويرفض المغامرات المعلّبة التي لن تنتج إلّا التقسيم والتحجيم والخراب على هذا الوطن؟ أم لأنّه وضع في سلم أولوياته إنقاذ البلد من الانهيار عبر إقرار التشريعات الإصلاحية التي من شأنها إعادة الثقة لدى المؤسّسات الدولية الداعمة، بدل التلهي بإطلاق الشعارات الشعبوية التي لن تفضي إلى أي نتيجة في ظل الواقع الإقليمي، الذي أصبح مأزوماً، غارقاً في محاور الصراعات الدولية؟
هل أخطأ وليد جنبلاط عندما تمنّى أن تعالج قضية المطران موسى الحاج بالعقل والحكمة والروية، بعيداً عن التشنّج والعصبية بما يضمن كرامة البطريركية، ويعزّز سيادة القانون عبر سلوك طريق الطعن بقرار القاضي المشكو منه أمام المراجع القضائية المختصة، وصولاً إلى إبطاله إذا كان قد صدر بخلاف الأصول الشكلية والجوهرية التى ترعاه؟
هل أخطأ وليد جنبلاط في رفضه لاتهام قاضٍ بالخيانة حتى لا يُتَّهم قاضٍ آخر بها، وتصبح العدالة في القضايا المحقة صنيعة قضاة يتم تخوينهم غب الطلب من هذا الفريق السياسي أو ذاك؟
اعقلوا وتفكّروا. كفى قرقعة، فلستم أحرص من وليد جنبلاط على الكيان والسيادة.