Advertise here

الراعي أكثر إصراراً على المواجهة ولن ينكسر لأحد

21 تموز 2022 07:10:00 - آخر تحديث: 21 تموز 2022 07:25:47

لا تزال حادثة توقيف راعي أبرشية حيفا والأراضي المقدسة، والنائب البطريركي على القدس والأراضي الفلسطينية والمملكة الهاشمية المطران موسى الحاج في الناقورة تتفاعل في الأوساط المارونية واللبنانية، إذ إنها تحمل في طياتها رسائل عدّة.

من يراقب مجرى الأحداث خصوصاً بعد انتفاضة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في تموز من العام 2020 والمطالبة بفكّ أسر الشرعية وتسليم السلاح غير الشرعي وإعلان حياد لبنان الناشط، يلاحظ أنه بدأ يتعرّض للضغوط المتتالية التي يُحركها «مايسترو» واحد معروف لدى جميع اللبنانيين.

وما أشبه اليوم بالأمس، ففي الأمس قاوم البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير الإحتلال السوري للبنان، وتجمّع حوله اللبنانيون الأحرار الذين أرادوا التخلّص من «نير» الإحتلال، واليوم يقود الراعي حملة استعادة الدولة وتحريرها من «الدويلة» التي تدعمها إيران، ومن الطبيعي أن يتعرّض لما تعرّض له سلفه البطريرك صفير.

في بكركي تأكيدات بأن الراعي لن يخضع للتهديدات، فمن يعرف سيّد الصرح يعلم جيداً أنه لن يتراجع ولن يخون الامانة التاريخية التي تحملها بكركي، وبالتالي فان المواقف العالية النبرة ستتصاعد مهما اشتدّت الضغوط.

ومن جهة ثانية، فان حادثة المطران الحاج كانت مناسبة للتأكيد أن بكركي هي مرجعية وطنية لجميع اللبنانيين وليست فقط مرجعية مسيحية، في حين أن اللافت كان الصمت المُطبق لدى بعض القيادات المارونية التي يجب أن تكون «أمّ الصبي».

وفي السياق، فان الغياب الأول يتمثّل في عدم تحرّك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي وصل إلى الحكم تحت شعار «إستعادة حقوق المسيحيين» ويحتل المركز المسيحي الأول في لبنان والشرق، وهنا كان على الرئاسة أن تتحرّك من منطلق وطني لا مسيحي لتعرف حقيقة ما جرى، فكيف يمكن لعون أن يُسجّل عهده سابقة وهي توقيف مطران من دون وجه حق؟ وكيف يفسر غيابه عن السمع لدى مراجعته حول الموضوع يوم توقيف المطران؟

أما بعض القيادات المارونية، فتتلهى بـ»التناتش» على كرسي رئاسة الجمهورية، وعلى سبيل المثال، فان لا موقف مهماً لـ»التيار الوطني الحرّ» ورئيسه النائب جبران باسيل مما حصل وكأن هذا الأمر حصل في بلد آخر ولا يستدعي تحرّكاً واستنفاراً على أعلى المستويات.

وبالنسبة إلى رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، فحدّث ولا حرج، فالأخير يحاول تدوير الزوايا من أجل الوصول إلى كرسي بعبدا، ولا يريد استفزاز «حزب الله» كرمى لعيون مطران من طائفته.

في البنية التنظيمية المارونية، هناك مؤسسات يُفترض أن تكون في صفّ شعبها وتدافع عن قضاياه المحقّة، وعلى سبيل المثال لا الحصر ماذا فعل كل من «الرابطة المارونية» و»المؤسسة المارونية للإنتشار» و»المجلس العام الماروني» تجاه ما حدث أو ماذا ستفعل هذه المؤسسات في الأيام المقبلة لعدم تكرار مثل هكذا اعتداء، خصوصاً أن وتيرة الحملة سترتفع على البطريرك الراعي وبكركي، وهل بعض الموارنة هم موارنة بالإسم وباتوا ذميين وخارج سياق التاريخ الماروني المناضل؟

لا تطلب بكركي من أحد أن يتضامن معها، فهي تعلم أن مرجعيتها الوطنية تظلّل الجميع، و»من أراد أن يحني رأسه للعاصفة فهو حرّ حتى لو كان من أبناء الطائفة»، من هنا فان البطريرك مُصرّ على مواجهة كل العواصف التي تضرب الوطن ولن ينكسر لأحد لأن انكساره يعني سقوط الخط المدافع عن الدولة والكيان، لذلك فان الرسالة التي وصلت إلى بكركي سيكون جوابها بالإستمرار في المواجهة.

من يعرف المطران الحاج يعلم جيداً كم يخدم رعيته في الأراضي المحتلة ويحاول تثبيتهم في أرضهم وعدم تركها للإسرائيليين، وفي السياق لا بدّ من التذكير بحديث صحافي أجريته معه العام 2014 يُظهر مدى مواجهته للوبي اليهودي داخل إسرائيل وسقوط كل التركيبات التي يحاول البعض تركيبها، إذ أكّد حينها أن «العمل يتم لعودة المهجّرين الموارنة الى قراهم خصوصاً قرية كفر برعم المارونية»، ويبدي ثقته بأنّ «أيّ مواجهة قد يفتعلها اللوبي اليهودي مع اللوبي الماروني سيربحها الموارنة لأنّهم أصحاب حقّ في قراهم، وإذا كان اللوبي اليهودي سيضايقنا فإنه بالتالي سيضايق الفاتيكان ، لكنه لن يجرؤ على خطوة مماثلة. ومثلما قال السيد المسيح: لن تقوى ابواب الجحيم علينا فاللوبي الماروني منتشر في العالم ولا يقتصر على الكنيسة لأنّ الكنيسة لا تتعاطى السياسة، هم يعتبرون فلسطين أرض الميعاد، بينما نحن نقول إنّ مملكتنا ليست من هذا العالم، والسامرية عندما سألت المسيح عن مملكته، أجابها: هيكلنا هو عبادة الله بالروح والحق. فلسطين ليست أرض ميعادنا، بل نعتبرها أرضاً مقدسة عاش فيها المسيح وسنحافظ عليها.