Advertise here

أخطاء أمنية لها تبعات سياسية

17 تموز 2022 22:34:29

تقوم القوى الأمنية اللبنانية بجهود جبارة لحفظ الاستقرار ولفرض الانتظام العام، رغم الظروف الصعبة التي يعيشها أفراد وضباط هذه القوى وعائلاتهم جراء تدني قيمة رواتبهم وتراجع منسوب الخدمات الصحية والتربوية والاجتماعية التي يستحقونها. وقد أقدم عدد من المنتسبين الى هذه المؤسسات الوطنية على الفرار أو تقديم استقالتهم من السلك، للسفر الى الخارج، أو للقيام بعمل يؤمّن لهم ولعائلاتهم حياة كريمة، رغم أن هذه القوى، خصوصا الجيش والأمن الداخلي والأمن العام، ما زالت تقوم بواجباتها الوطنية، وهي ضمانة لعدم انفلات الأمن في بلد يعاني من كارثة معيشية حقيقية لم يسبق أن حصلت من قبل.

لكن كل ذلك لا يعني بأي شكل من الإشكال إغفال الحديث عن بعض الأخطاء القاتلة والتي سببت ضررا كبيرا على الدولة وسمعتها، وكان يمكن تلافي غالبيتها، أو تجنب الوقوع فيها على ما يقول مصدر واسع الإطلاع.

ويمكن ذكر بعض المعلومات المتوافرة كمثال، من دون أن يكون للأمر أي خلفيات تستهدف الأجهزة المعنية، ودائما كما يذكر المصدر.

أعطت سلطات إقليم كردستان العراق تعليمات لمواطنيها، خصوصا المقربين من الحزب الديموقراطي، بتجنب السفر إلى لبنان، وهو ما أدى إلى خسارة ملايين الدولارات كان يمكن أن يستفيد منها القطاع التجاري والمؤسسات السياحية، بسبب أكثر من حادثة وقعت مع أفراد من عائلات كبار المسؤولين في الحزب الديموقراطي، وآخرها توقيف أحد الشباب في مطار بيروت بحجة تشابه اسمه مع أحد المطلوبين، وقد أمضى أكثر من أسبوع موقوفا من دون عرضه على الجهات المختصة للتحقيق، بحجة أنه يحمل فيروس كورونا، وهو أمر مخالف للتدابير المعتمدة، ويتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان.

ولكن ذوي الموقوف نفوا ذلك، ويقولون إن التوقيف ربما كان بسبب التحامل عليه لأنه كان يحمل مبلغا يقارب 15 ألف دولار أميركي نقدا، وهو غير مخالف للقوانين، بل على العكس فالتعليمات الرسمية تشجع على إدخال العملة الأجنبية إلى لبنان من دون أي قيود. ويقول مقربون من الحزب الديموقراطي الحاكم في أربيل، إن بعض المسؤولين اللبنانيين ربما يضيقون على كوادر الحزب لأن الحزب لا يتعاون مع مجموعات الحشد الشعبي. قد يكون الأمر صحيحا، وقد يكون غير صحيح، لكن انعكاساته بدأت ترتد على أرض الواقع.

وما حصل حول موضوع تجديد جوازات السفر أو الحصول على جوازات جديدة، كان يمكن تلافيه مهما بلغت الصعوبات، والمكلفون بالملف ساهموا في خلق حالة من الخوف والتدافع للحصول على الجوازات، وقد أضر الموضوع بسمعة البلاد، وأدى إلى فوضى عارمة، وفرض نمطية من المحسوبيات والزبائنية لا تلتزم بالمعايير المعلنة.

والإنهاك الذي يصيب القوى الأمنية كما كافة المواطنين من جراء الانهيار الحاصل، لا يبرر الانفلات الحاصل في عدم توفير الحد الأدنى من الانضباط على الطرقات العامة، فالشاحنات تهدد حياة المواطنين، ومأساة موت كامل أفراد عائلة فليطي في عرسال خير شاهد، كما أن الدراجات النارية التي راج استعمالها جراء ارتفاع أسعار المحروقات، يستخدم بعضها لتهديد المواطنين، ولتنفيذ عمليات السرقة والتشليح، وأصبحت وسيلة مفضلة لتجار الممنوعات، وغالبيتها يسير في الشوارع الضيقة من دون لوحات، وبعكس السير، وغالبا ما يتقصد أصحابها تبلي السائقين لابتزازهم، لاسيما النساء منهم.

من أبرز بنود البيان الختامي لقمة الأمن والتنمية التي عقدت في مدينة جدة، كان الدعوة الى بسط سيطرة الدولة اللبنانية دون غيرها على كامل الأراضي اللبنانية، والى دعم الجيش والقوى الأمنية، وتنفيذ الخطوات الإصلاحية الضرورية، فهل يتحقق ذلك بحده الأدنى بالرغم من كل الصعوبات؟ وهذه الخطوات معبر إلزامي للبدء بالتعافي بعيدا عن الخطابات التهديدية الممجوجة لبعضهم، وبعيدا عن النصائح السياسية لبعض رجال الأمن.