مع إنطلاق موسم الإصطياف، إستعادت مدينة زحلة رواد البردوني في الأيام الماضية، بالتزامن مع عيد الأضحى خصوصاً، في مشهد إفتقدته خلال السنتين الماضيتين بسبب جائحة "كورونا". وكشفت أعداد زائري المدينة من خارجها، أن منطقة المقاهي ما زالت نقطة الجذب الرئيسية والمقصد الأول للعائلات من مختلف الطبقات الإجتماعية الذين قد يقصدونها لتناول الغداء، أو الإكتفاء بالبوظة الزحلاوية أو قطع الحلوى من عرباتها، وحتى الإستمتاع بالسير أو بزوايا الترفيه الى جانب مجرى النهر فيها.
وإذا كانت هذه الحركة مقتصرة حالياً على فصلي الصيف والربيع، فإن مساعي خاصة وبلدية بدأت تظهر ترجمتها على الأرض، لتوسيع مروحة الخدمات التي تقدم في هذه المنطقة ومحيطها، وجعلها تتمدد لمختلف فصول السنة، في سعي لكسب دور يسمح بتنشيط أكثر من قطاع في المدينة ويساعد أهلها على الصمود وسط تداعيات الأزمة الإقتصادية المستمرة.
وفي هذا الإطار تستكمل الإجراءات للإنطلاق بعملية توسيع المنطقة السياحية عند مداخل مقاهيها، حيث عمدت البلدية الى تأهيل البنية التحتية لإقامة منطقة مشاة يؤمل أن تحضن طموحات شباب زحلة وشاباتها في إستثمارات تؤمن لهم فرص عمل جديدة داخل مدينتهم. وتدرس البلدية حالياً الطلبات المقدمة لإقامة بيوت جاهزة سيستخدم كل منها في تأمين خدمة تتناسب مع طبيعة المكان، وخصوصاً في مجال تقديم الطعام، الذي يعزز هوية المدينة ودورها كمدينة متميزة بقطاع "الغاسترونومي"، مع تخصيص كل بيت بفسحة لوضع طاولات وكراس من ضمن معايير تتناسب مع طبيعة المكان، تسمح للزبائن بالإستراحة في جو من الجمالية.
ومنطقة المشاة هذه جاءت كتعويض عن مخطط وضعته البلدية منذ سنة 2004 لتوسعة المنطقة السياحية بشكل مستدام وأجرت له الإستملاكات اللازمة، إلا أن الظروف المالية العامة حالت دون تنفيذه.
في الموازاة أطلقت من قصر بلدية زحلة في الاسبوع الماضي مسارات سياحية داخلية، سيتولى تنشيطها أدلاء سياحيون محليون جرى تدريبهم من ضمن مشروع "تفعيل السياحة المحلية في بلدية زحلة" الممول من صندوق "مايركا" الإسباني للتضامن والتعاون، وبالتعاون مع المكتب التقني للبلديات اللبنانية وجمعية المدن المتحدة في لبنان.
والفكرة الاساسية التي إرتكز إليها المشروع، ويهدف لإعادة وضع زحلة على الخريطة السياحية وتفعيل دورها في السياحة المحلية، هي تظهير المعالم غير المعروفة في المدينة من خلال التوغل إلى أطرافها. وقد نجح في هذا الإطار بخلق سبعة مسارات، أقرنها بقصص شيقة تعرّف زوار المدينة كما أهلها الى وجه آخر لزحلة بموازاة شهرتها في مقاهي البردوني والمعالم السياحية المقصودة بشكل دائم.
ومن شأن توسيع الخيارات السياحية في المدينة إستقطاب عدد اكبر من الزوار إليها، ما يشجع على خلق استثمارات زحلية أكبر وخصوصاً على المسارات السياحية المستحدثة وبالتالي إستقطاب عدد أكبر من الزوار، علماً أن جهات خاصة أخرى تنشط أيضاً في مجال تفعيل السياحة الداخلية، ويمكن بالتفاعل بينها وبين البلدية والقطاعات التجارية والإقتصادية الموجودة في المدينة أن تؤمن صمود زحلة، وتخفف من سوداوية المشهد العام السائد.
وفي محاولة لإستعادة بعض محطات السياحة التقليدية في المدينة أيضاً اعلن رئيس بلدية زحلة خلال الحفل نفسه، الذي أقيم لإطلاق المسارات السياحية، عن دعم البلدية لسلسلة نشاطات ستنظم من ضمن مهرجانات الكرمة السياحية، التي ستستعاد بعض محطاتها، وإنما مع الحرص على أن يكون الإنفاق على البشر أولاً. علماً أن بلدية زحلة ترعى أيضاً هذا العام مؤتمر الإنتشار الزحلي الثالث الذي سيعقد حضورياً في نهاية شهر آب المقبل، بعدما إستبدل بمؤتمر إفتراضي في العام الماضي، وسيكون تفعيل دور المدينة السياحي عنواناً رئيسياً، ويتضمن تنظيم زيارات ورحلات على المسارات المستحدثة وغيرها من المواقع التراثية في محاولة للإضاءة عليها وإشراك المغتربين بالحفاظ عليها.
والحيوية التي ينتظر أن تستكمل في باقي أيام الصيف، تتولاها الحانات والمقاهي الليلية التي تحافظ على إزدهارها في مدينة زحلة، وتتنافس للإرتقاء الى مستوى الحانات الكبرى الموجودة في باقي الأراضي اللبنانية كما يشير المعنيون بالقطاع. وعلى رغم الصعوبات التي يواجهها العاملون فيه بسبب عدم إستقرار سعر صرف الدولار خصوصاً، فقد أصبح القطاع نقطة جذب اساسية، وخصوصاً لجيل الشباب، لما تتمتع به المدينة من قيم تحفظ حرية الأفراد، إنما مع الحفاظ على الجو العائلي والآداب العامة.