Advertise here

البلاد مشلولة والعيد "لناس دون ناس".. الرغيف "بالدَين" وتحذيرٌ من تضخم

09 تموز 2022 05:00:00 - آخر تحديث: 15 تموز 2022 13:16:13

"عيدٌ، بأي حال عدت يا عيدُ"، هي المقولة التي يكررها اللبنانيون مع قدوم كل عيد منذ زمن، فالأحوال تتبدّل من سيء إلى أسوأ، ولا شك أن ظروف اللبنانيين كانت أفضل نسبياً العام الفائت، وظروف اليوم أفضل من ظروف العام المقبل ربماً في حال استمرت الممارسات نفسها التي أوصلت البلاد إلى هذا الدرك وتُمعن أكثر في "الانتقام" من لبنان الذي عرفناه سابقاً.

ومع بدء موسم الصيف، وتزامناً مع عيد الأضحى، يشهد الاقتصاد حركةً مقبولة على صعيد السياحة قوامها أعداد اللبنانيين القادمين من الخارج بالارتفاع يومياً، فتزداد بذلك حدة التفاوت المعيشي ليصبح العيد "لناس دون ناس"، ما يطرح الاسئلة الكثيرة عمن يبحث عن الحلول لمنع استمرار الفراغ والشلل السياسيَين.

في هذا السياق، وكما كان متوقعاً، تفرملت عملية تشكيل الحكومة، ولم يزر رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي رئيس الجمهورية ميشال عون في الأسبوعين الأخيرين، ما يعني أن التباحث متوقّف ولا تقدّم، ما يؤشّر إلى عملية تشكيل صعبة جداً ومعقّدة تنتظر اللبنانيين ما زالت في بداياتها، وقد لا يكون هناك حكومة في المدى المنظور في ظل الشروط والشروط المضادة.

في هذا الإطار، كان لافتاً موقف عون في رسالة العيد إلى اللبنانيين، إذ أشار إلى أن " في عيد الأضحى المبارك نستخلص العبر من معاني التضحية وسموها، فحبذا لو يضحي البعض بمصالحهم وأنانياتهم من اجل مصلحة وطنهم وهناء شعبه"، حيث أشارت مصادر سياسية عبر "الأنباء" الى "أنّها رسالة إلى ميقاتي للتضحية في سبيل التشكيل، إلّا أن رسالته ارتدّت على عون نفسه في ظل الشروط التي يفرضها لتوقيع التشكيلة الحكومية ومنها احتفاظ فريقه بوزارة الطاقة، فحبذا لو استخلص عون نفسه المعاني من عيد الأضحى وضحّى بالمواقع والحصص والمصالح الفئوية من أجل مصلحة اللبنانيين جميعاً".

على خطْ آخر، لم تُحل أزمة الرغيف بعد، الذي بات هو أيضاً "بالدَين"، واعتاد اللبنانيون على نقص الخبز في الأسواق، وحتى على شراء المادة من الأسواق السوداء، وبات الانتظار في طوابير الخبز أمام الأفران الكبيرة روتيناً يومياً. وفي هذا الإطار، تسلّم وزير الاقتصاد أمين سلام كتاباً من البنك الدولي يُعلمه بأنّ بعثة رفيعة المستوى من البنك ستزور بيروت في الفترة ما بين 18 تموز و26 تموز، تهدف إلى توفير الدعم الفنّي لتفعيل مشروع الاستجابة الطارئة لإمدادات القمح على وجه التحديد. 

مدير عام الحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد جريس برباري لفت إلى أن "البعثة ستأتي لمتابعة ملف القمح، وقد تضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقية مع لبنان بشأن قرض لاستيراد القمح، علماً ان هذه الملف بات لدى مجلس النواب، الذي من المفترض أن يقر قانوناً يسمح للبنان بعقد الاتفاقية مع البنك الدولي".

وعن الأزمة الحالية، أشار برباري إلى أن لا أزمة نقص، بل ثمّة "زعبرة"، "فالقمح موجود والطحين أيضاً بكميات تكفي لـ18 يوماً تقريباً، كما أن كميات إضافية قادمة الأسبوع المقبل، وبالتالي لا أزمة رغيف، لكن بعض أصحاب المطاحن والأفران "عم يزعبروا"، والبعض الآخر لديه كميات قليلة، لكن هذا لا يعني أن المادة مقطوعة".

وفي غضون كل ذلك، انشغل اللبنانيون بخبر مفاده رفع قيمة رواتب القضاة وصرفها على سعر صرف 8000 ليرة، فيما إضراب رابطة موظفي الإدارة العامة مستمر، فهل انطلقت مسيرة تصحيح الأجور؟ أو ستبقى الأمور تدار بطريقة "صيف وشتا تحت سقف واحد".

المتخصّصة بالاقتصاد النقدي في البلدان المدولرة، ليال منصور، أشارت إلى أن "ما يحصل على صعيد الإضافات على الرواتب هو نوع من تصحيح هذه الأجور، أو منح بدل غلاء معيشي، بدل التضخّم الحاصل ونتيجة تراجع قيمة الرواتب، لكن لا يمكن تسميته بعملية "تصحيح الأجور"، لأن ما يحصل فعلياً طبع المزيد من الأموال غير المغطاة بالمقابل بإيرادات".

وفي حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، لفتت منصور إلى أن "عدم تأمين الإيرادات لتغطية الزيادات (النفقات) من خلال زيادة الانتاج، يعني طبع المزيد من العملة، ما يؤدّي بشكل حتمي إلى تضخم إضافي وارتفاع جديد بسعر الصرف، وبالتالي الزيادات ستكون وهمية، لكن لها وقعها المعنوي على الناس".

إلّا أن منصور ذكرت أن "حجم السلك القضائي في لبنان صغير، ولن يكون للزيادات تأثيره الكبير على الاقتصاد، لكن وفي حال تقرّر منح الإدارة العامة زيادات بهذا الشكل دون تأمين واردات بالمقابل، فعندها سيكون الاقتصاد أمام أزمة تضخّم كبيرة.

إذاً تدخل البلاد في عطلة العيد من دون أي جديد سوى الانتظار الى ساعة الفرج، في السياسة كما في الاقتصاد وكل الملفات العالقة.