Advertise here

الأمن في كل مكان... في العدلية والخارجية وحتى الصحف

09 أيار 2019 10:50:00 - آخر تحديث: 09 أيار 2019 11:14:00

منذ فترة، والبلاد تعيش حالة من التنافس على تسجيل الإنجازات. حتى الآن ليس هناك ما يوحي بالغرابة اللبنانية، لأن هذه المزايدات تشكل خميرة للعمل السياسي بالنسبة إلى بعض السياسيين، لكن السيء هو أن يتحول هذا التنافس إلى عنصر أساسي ما بين الأجهزة الأمنية والتي بدأت معركة تنافسية على مكافحة الفساد ومراكمة الملفات المفضوحة أو المشبوهة.

قبل سنوات، حصل نوع من التنافس بين الأجهزة الأمنية على تفكيك الشبكات الإرهابية وفي معركة محاربة الإرهاب، حتى أن هذا التنافس انعكس في فترة من الفترات على ملف العسكريين الذين كانوا مخطوفين لدى تنظيمي جبهة النصرة وداعش. يومها تلقت الأجهزة نصائح عديدة بوجوب التكامل في التعاون فيما بينها لاجل عدم التضارب وإنجاز المزيد من المهمات النوعية.

في غمرة فتح ملف مكافحة الفساد، والتي فتحت قبل فترة، حصلت حادثتان كان لا بد من التوقف عندهما، الأولى هي دخول أحد الأجهزة الأمنية إلى قصر العدل، مقابل دخول جهاز آخر إلى النافعة، فكانت الإشارة تدلّ على إحتمال إتجاه إخضاع كل الإدارات والوزارات لسلطة الأجهزة الأمنية، وفق منطق يعيد إيحاء النظام الأمني، واستمر هذا التنافس، في اكثر من مجال ومحطة، وصولاً إلى مواجهة غير مباشرة بين القضاء وأحد الاجهزة الأمنية، والذي تجلى بالإجراءات التي اتخذها القاضي بيتر جرمانوس بحق اللواء عماد عثمان، واستكملها فيما بعد الوزير جبران باسيل منتقداً عثمان وقوى الأمن الداخلي بشكل غير مباشر.

على إثر هذه التطورات، حصلت التحقيقات في وزارة الخارجية مع الديبلوماسيين، لكن جهاز أمن الدولة الذي تولى التحقيق مع الديبلوماسيين في سابقة من نوعها، استند في عمله على استنابة قضائية، لكن بلا شك أن المشهد لم يكن مألوفاً أو محبذاً خاصة أن يتم إبقاء عدد من الديبلوماسيين خاضعين لمراقبة دائمة، بينما كان من المفترض أن يتولى التحقيق بقضية التسريبات جهة معنية من ضمن الجسم الديبلوماسي.

بلا شك أن مشهد تعزيز دور أحد الأجهزة الأمنية على حساب الجسم الديبلوماسي سيكون له تبعات على الحياة السياسية والإجتماعية بشكل عام في لبنان، وما زاد الطين بلّة هو ما تبيّن عن قيام الجهاز الأمني إلى مبنى جريدة الأخبار وطلب محتويات كاميرات المراقبة لمعرفة الداخلين والخارجين إليها ما يعني أيضاً أنه لم يعد أي مكان في البلاد بمنأى عن التدخل الأمني بمعزل عن وجود إشارة قضائية. بينما الأهم هو أن مواجهة التسريب لا تتم عبر تأديب الصحافة، بل عبر اعتماد منع التسريب مع المسرّبين وليس المسرّب لهم. لا يوحي المشهد بما يطمئن، ولا بد من إجراءات عاجلة لمواجهة كل التجاوزات ووقفها.