Advertise here

إفتحوا ملف الانتخابات الرئاسيّة الآن!

02 تموز 2022 09:03:22 - آخر تحديث: 02 تموز 2022 11:08:41

كل الكلام السياسي من الآن وحتى فتح مرحلة الإنتخابات الرئاسيّة شبه مؤجل. التوقعات بتأليف سريع للحكومة لا يجعله واقعاً سوى إحتساب سريع من قبل العهد وبقاياه السياسيّة بأن ثمّة مصلحة حقيقيّة بتسهيل التأليف، الأمر الذي يتطلب تواضعاً في المطالب وتخليّاً عن ذهنيّة المحاصصة المقيتة التي عطلت البلاد في سبيلها لشهور وسنوات في ما مضى.

إذا إستطاعت مكونات المجتمع السياسي، القديمة منها والمستجدة، التفاهم سريعاً على تشكيل حكومة تغطي ما تبقى من أيّام معدودة للعهد، فذلك يكون بمثابة إنجاز سياسي منقطع النظير بعد أن بالغت أطراف في التعسف بإستعمال حقها في المشاركة السياسيّة وحولته بكل وقاحة إلى حق للتعطيل المؤسساتي.

ولكن، بمعزل عن مآلات مسار التأليف الحكومي، وعن إحتمالات حصول إنفراجات سريعة فيه؛ فإن ذلك لا يلغي أن المعركة الأهم والمنعطف الأكبر يتمثل في الانتخابات الرئاسيّة المنتظرة، وهي المدخل للتخلص من العهد البائد ووضع الطريق على سكة الإنقاذ.

لذلك، مطلوب من المرشحين التقليديين والمستجدين أن يوضحوا للرأي العام تصوراتهم السياسيّة ومواقفهم من القضايا الوطنيّة والاستراتيجيّة الكبرى التي تقلق اللبنانيين وفي طليعتها قضيّة السلاح والخطة الدفاعيّة وضبط الحدود وترسيمها براً وبحراً واستعادة دور الدولة المصادر والنهوض بالاقتصاد مجدداً.

صحيحٌ أن الاستحقاق الرئاسي اللبناني لم يكن يوماً عبارة عن عمليّة إقتراع ديموقراطي (بإستثناء تجربة سنة 1970 إلى حد ما)، وأنه بمثابة تفاهم دولي وإقليمي ومحلي؛ ولكن هذا لا يلغي أن ثمّة حاجة ملحة لبناء رأي عام لبناني يواكب المسار الانتخابي الرئاسي، ويرسم سقوفاً سياسيّة لا يجوز القفز فوقها أو تجاهلها.

لذلك، فإن هناك بعض المواصفات التي يُفترض توافرها في المرشحين تتعلق بموقعهم السياسي وإستعدادهم لفتح الخطوط السياسيّة مع جميع الأطراف من دون إستثناء. بقدر ما يتمكن المرشح أو الرئيس مستقبلاً من التفاهم مع مكونات المجتمع السياسي اللبناني، بقدر ما يتاح له أن يحكم وأن يحدث التغيير المنتظر بفارغ الصبر من اللبنانيين جميعاً.

لم تنفع تجربة "الرئيس القوي" بشيء، لا بل إنها أتت على ما تبقى من هيكل مهتز للدولة ومؤسساتها. لم يتمكن الرئيس القوي من تحقيق إنجاز واحد للبنانيين. لذلك، فإن معيار الرئاسة اللبنانيّة لا يُقاس بـ "القوّة" السياسيّة، بقدر ما يُقاس بالقدرة على التواصل والانفتاح على الآخرين من دون عقد الماضي ومشكلاته وتراكماته.

ومسؤوليّة بناء المناخ الوطني العام تقع على الصحافيين والناشطين والأساتذة والطلاب وأصحاب المهن الحرة والعمال والنقابات وكل هيئات المجتمع، لكي يفتح هذا الملف على مصراعيه، بحيث يصبح تجاوز الرأي العام من خلال إسقاط تفاهم فوقي لا يعكس الارادة الشعبيّة مسألة في غاية الصعوبة.

لا يحتمل لبنان تفويت فرصة الانتخابات الرئاسيّة والاطلالة على ست سنوات جديدة من خلال شخصيّة وطنيّة تحظى بالاحترام وتمتلك القدرة على التغيير.